الأشعري يسب الملة بعد أن أكل الغلة؟؟
بقلم : محمد انفي
بدا الأستاذ محمد الأشعري هادئا ، وقد عزم على هدم أركان الحزب الذي ـ كما يقول إخواننا المصريون ـ لحم كتافو من خيرو.. مستعملا في ذلك أسبوعية المشعل ، التي خصصت لهذه الغارة المجانية ، صفحتين بالتمام والكمال من العدد 453 ( 5 الى 11 فبراير 2015) .
في هذا الحوار ، أذرف الأستاذ الأشعري كل أنواع الدموع ، تباكيا على ما يحدث داخل الاتحاد الاشتراكي ( ؟؟؟) … تباكى على عدم تلبية طلبه بأن يقوم الحزب بقراءة نقدية لتجربة الماضي الاتحادي بمختلف مراحلها ، قبل الدخول إلى المؤتمر الأخير .. ومن هنا ركب علياءه المستحكم ليصف كل الأحزاب بالضعف الكبير في المصداقية السياسية ، التي بسببها لم يعد المواطنون يثقون في الخطابات والممارسات السياسية .. وهو في هذا يذكر الكل ، أي كل الأحزاب ، ولا يريد إلا الجزء ، أي حزب الاتحاد الاشتراكي .. كما تباكى الأستاذ، في حواره مع المشعل ، على ابتعاد المناضلين الشرفاء المخلصين للمثل العليا التي بني عليها الاتحاد .. ؟؟ وبما أن الأخ الأشعري من طينة هؤلاء المناضلين الخلص ، فإنه لم يعد يجد نفسه داخل هذا الحزب الذي لم يعد موجودا بالصيغة التي كان عليها قبل المؤتمر ؟؟ ولذلك خلَّفه وراء ظهره ، ووهب حقه فيه لغير المناضلين وغير الشرفاء وغير المخلصين .. ولم يفوت الأستاذ الأشعري الفرصة ، لتبرير عدم حضوره لاجتماعات المكتب السياسي وكل الأنشطة الحزبية ، لمدة فاقت السنة معللا ذلك بأن الاتحاديين لم يستطيعوا أن يتخلصوا من المشاكل التي تؤهلهم للإقبال على مؤتمر حقيقي، يمكنهم من الاستمرار كحزب مؤثر في المجتمع المغربي .. وكتعبير عن رغبة عميقة في الدواخل ، تنبأ الأستاذ بموت دور الاتحاد الحالي في الحياة السياسية (؟؟؟) وبأن الأجيال ستخلق المناخ التقدمي الذي يناسبها ، وستجد التعبير السياسي لتطلعاتها وأهدافها ..
قرأت الاستجواب بإمعان ، ووجدت الأستاذ الأشعري ، وقد خلع على نفسه بردة من الطهرانية ، وسمو الأخلاق النضالية .. وأكاد أجزم أن الكثير من القراء ممن لا يعرفون التاريخ الشخصي والنضالي والتنظيمي ، لبعض قادة الاتحاد ، سيرفعون قدرك إلى مصاف القديسين .. وحتى لا أصدم هذه الشريحة من القراء، دعني بكل احترام ، أن أعرض ما ورد في هذا الاستجواب ، على بعض ما أعرفه عنك كممارس في السياسة .. وأبدأ بالقراءة النقدية لتجربة الاتحاد قبل الدخول للمؤتمر ..لأسألك ماذا فعلت من أجل بلورة الفكرة ؟ غير أنك اخترت تغييب نفسك مدة سنة ونيف، وأنت عضو بالمكتب السياسي عن الحزب ، وقاطعت كل أنشطة و محطات الحزب ؟ متنازلا عن الثقة التي وضعها فيك المؤتمرون، بطريقة لا تليق بأي مزايد بالغيرة على الحزب ؟؟ ألم يكن حريا بك أن تبلور ما تؤمن به من أفكار، انطلاقا من موقعك التنظيمي والاعتباري في قيادة الحزب ؟؟ عوض أن تختار الأرائك الوثيرة داخل الصالونات المكيفة ، وتطرح أفكارك بالتيلي كومند ، بعيدا عن صخب اللجنة التحضيرية ، ورائحة عرق أعضاء المجلس الوطني .. ؟؟ ثم إن ما تتحجج به من نشرك لورقة سياسية توضح فيها كل الأفكار والمقترحات المستقبلية، والتي عندما لم تؤخذ بعين الاعتبار، فضلت عدم حضورك بالمرة إلى المؤتمر .. ؟؟ أفلم يكن حريا بك أيضا، أن تحضر المؤتمر كعضو بالمكتب السياسي ، وتنشر ورقتك هاته للتداول بين المؤتمرين .. ولو للتاريخ ، آنذاك سيقر الخصم والصديق ، بأن قد حق للأشعري ما يقول .. فعل كل شيء ، لكن لم يسمع لرأيه .. أما وأنك لم تفعل شيئا يذكر، وترتقي برج كرسي الأستاذية العاجي .. فهذا ما لا ينطلي على أي متتبع للحياة الحزبية ..
تطالب، أستاذنا الأشعري ، بالتخلص من المشاكل التي تعيق استمرارنا كحزب مؤثر في المجتمع المغربي .. ونحن كلنا معك ، لكن هلا ساءلت نفسك عن مسؤوليتك في هذه المشاكل؟ طيب ، سأذكرك بالبعض منها .. تتذكر الأستاذ الأشعري أن المكتب السياسي قد بعثك وأنت يومها عضو باللجنة المركزية ، للإشراف على ترشيح مناضلي إقليم مكناس في انتخابات 16 أكتوبر 1992 الجماعية.. باعتبارك ابنا للمنطقة .. لا شك أنك تتذكر ما مارست فيها من انحياز وإقصاء لأغلب المناضلين الأكثر التصاقا بهموم المواطنين ، لصالح جهة كانت مفضلة عندك ، لاهتمام زعمائها الزائد بالبذل في سبيل بعض إنتاجاتك الأدبية ؟؟ وكل من حاول أن يستفسر أو يحتج عن ترشيح غير مفهوم ، كنت تجيبه بقولك: أنا عندي لاكارط بلانش من المكتب السياسي ؟؟؟ فماذا كانت النتيجة ؟؟ من يومها والاتحاد بمكناس يفقد مواقعه بالمؤسسات المنتخبة ..
وتذكر، أستاذنا الأشعري ، أن كل نشاطك الحزبي والجمعوي والثقافي .. كان بمدينة الرباط ، ولم يكن يجمعك بمكناس إلا صداقات قديمة ، وزيارة بيت العائلة ، ومع ذلك قبلت على نفسك أن تترشح للانتخابات التشريعية ليوم 10 يونيو 1993 بمنطقة مولاي إدريس زرهون ، و ذلك ضدا على إرادة مناضلي الإقليم ، وضدا على قرار اللجنة المركزية ، التي صادقت على إعادة ترشيح الأخ محمد حريكة، برلماني المنطقة ؟؟ وتأتي اليوم لتتحدث ـ أستاذنا الأشعري ـ عن رغبتك في استمرارنا كحزب مؤثر في المجتمع ؟؟
وتذكر، أستاذنا الأشعري ، أن المكتب السياسي ، الذي أصبحت عضوا فيه ، قد سطر معايير لاختيار متصدري لائحة المرشحين في انتخابات 2003 الجماعية ، التي أصبح نمط الاقتراع فيها باللائحة ، وعلى رأس هاته المعايير، أن يكون المرشح ذا إشعاع بالمنطقة ، ومرتبطا بالناخبين ، كما أوصى المكتب السياسي أيضا ، بأن تعطى للمستشارين الحاليين أولوية في الترشيح ، نظرا لارتباطهم المباشر بالناخبين في دوائرهم ، ما لم تسجل في حقهم ملاحظات تمس بهم أو بالحزب .. فماذا فعلت لبلورة هذا القرار ، وقد أشرفت على لائحة مرشحي مكناس ؟؟ إذا كنت قد نسيت فسأذكرك. لقد فرضت على مناضلي مدينة مكناس ، ودائما تحت تهديد لاكارط بلانش، لائحة ، السبع الأوائل فيها ، ليس بينهم ولو مستشار واحد ، بل إن وكيل اللائحة يومها رحمة الله عليه، لم يكن بالوزن الإشعاعي الذي له علاقة بالمواطنين ، إلى درجة أنه مضى من الحملة الانتخابية أيام، ولم يعرف أغلب الناخبين اسم وكيل لائحة الاتحاد ؟؟ لا بل إن لائحة الاتحاد كادت أن تسقط ، لولا أنه … ؟؟ فماذا كانت النتيجة ؟؟ كانت النتيجة أن أغلب المناضلين الاتحاديين الذين كانوا سيعطون وهجا للائحة الاتحاد ، انسحبوا من معركة الترشيح التي خضتها ضدهم ، لما رتبتهم في مراتب الكومبارس ، للخدمة بإشعاعهم على من لا إشعاع له .. ؟؟ ويجدر بي في هذه المرحلة أن أذكرك ، برفضك غير المبرر، لمناقشة اسم كاتب الاتحاد المحلي للفيدرالية الديمقراطية للشغل آنئذ ، والمستشار بجماعة الإسماعيلية ، الذي شرف بتمثيليته الحزب ، إلى جانب إخوانه المستشارين ، في كل جماعات المدينة ؟؟ و لم تدرج اسمه للتداول بالرغم من وضعه ترشيح نفسه داخل الآجال ، و حتى لا تحرج بالسؤال عن السبب الذي من أجله لم يبوأ مناضل بهذه المواصفات إحدى المراتب المتقدمة باللائحة ، بعثت له لجنة من أصدقائه لإقناعه بالعدول عن ترشيحه ؟؟
هكذا أستاذنا الأشعري ، لم يحصل كل من تشبثت بهم ليتصدروا اللائحة ، إلا على أربعة مقاعد الرابع منهم ، بأكبر بقية ؟؟ و هؤلاء الأربعة ، وجميعهم أصدقاء ، لم يستطيعوا أن يكونوا قاعدة انتخابية لصالح الاتحاد طيلة فترة تمثيلهم للحزب بالجماعة ، في الوقت الذي استطاع فيه أشخاص بدون تنظيم ، أن يكونوا في نفس الفترة بالجماعة ، رصيدا جماهيريا هزموا به الاتحاد في الانتخابات التشريعية لـ2007 ، ولم يستطع الحزب الذي كنت وكيل لائحته ، الحصول إلا على المرتبة السادسة ؟؟ وأنت يومها برلمانيا عن نفس الدائرة ، ووزيرا أيضا ؟؟ وتذكر معي ، ونحن في الحملة ، ما كنا نواجه به من انتقادات بسبب غيابك عن مواطني دائرتك الانتخابية من يوم فزت بالمقعد ؟؟ حتى أن بعض المواطنين واجهونا بمراسلتهم لك وعدم توصلهم بأي جواب ، كما واجهونا برفضك لاستقبال البعض منهم ، لما شدوا الرحال إلى الرباط ، لبسط معاناتهم على نائبهم البرلماني ، الذي هو بالمناسبة وزير للمرة الثالثة ؟؟ وهل تذكر معانا أستاذنا الأشعري أن الكتابة الإقليمية للحزب بمكناس ، التي أشرفت على تأسيسها واخترتني عضوا فيها ،؟؟ فهل أخضعت معنا التجربة لقراءة نقدية جماعية قبل المرور إلى محطة المجلس الإقليمي ، التنظيمي لاختيار الكتابة الإقليمية ؟؟ أم أن الأجندة الانتخابية للبرلمان كانت ضاغطة ـ كما يقول أستاذنا الآخر خيرات ـ ؟؟ هل عرفت الآن جزء من مساهمتك ، وأنت قيادي فاعل ، فيما وصفته بالمناخ الحزبي، الذي أصبح مضادا للحرية والديمقراطية ؟؟ ألا ترى معي، أستاذنا الأشعري ، أنك بكل هذا ، كنت تتباكى في الاستجواب على التي ضيعتها ؟؟ وأنت العارف بقول الشاعر ،:
ندمت حيث لا ينفع الندم الفتى // أن التي ضيعتها كانت معي .. ؟؟
فالارتباط بالمواطنين ، أستاذنا الأشعري ، وجعل الحزب مؤثرا في المغاربة ، ويحظى بالإكبار في أعينهم ، نصنعه بصدقنا ونضالنا ، ونحن في مواقع المسؤولية ، نبلور قناعاتنا في التخفيف عن معاناة هؤلاء المواطنين ، و نسعى نحو تحقيق آمالهم ، فما كانت الأوراق والأسبوعيات أو اليوميات ، يوما هي ما ينتظره المواطنون منا ؟؟؟
لم أرد أن أختم هذه المساجلة ، دون أن أسائلك مرة ثانية، أستاذنا الأشعري ، والذاكرة الاتحادية تعود بي إلى سنة 2002 وقد احتل الحزب المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية ، وكان الجميع يعتقد أن الوزارة الأولى ستؤول إلى الكاتب الأول للحزب ، أخينا الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي .. لكن حصافة الرجل ونظرته الثاقبة ، جعلته يطلب من القيادة الحزبية ، التي هو كاتبها الأول بأن لا يتم فتح أي حوار أو تفاوض حول ملامح الحكومة الجديدة ، إلا بعد تسمية الوزير الأول من طرف الملك .. هل تتفضل أستاذنا الأشعري ، بأن تخبرنا ومن خلالنا ، الرأي العام بأسماء أعضاء المكتب السياسي ، الذين تمردوا على قرار القيادة الحزبية ، وفتحوا النقاش حول الحقائب الوزارية ، مع المرحوم بوعزة يكن في حركته ، وكذا مع الأحرار ؟؟ وكيف ساهم هذا النزق السياسي ، في تسهيل تآمر المخزن العميق على تجربة الاتحاد ، بعد أن قضى بها غرضه ؟؟ وكان سهلا عليه بعد هرولة هؤلاء ، أن يوظف خطاب أمولا نوبة ، لتعيين إدريس جطو ؟؟؟
وهل يمكن أن تذكرنا ببعض خطابات الوزراء الاتحاديين ، الموغلة في التطرف والراديكالية ، لما أيقنوا بأنهم على رأس المغادرين ، عند تعديل حكومة جطو ؟؟ وكيف تحول خطابهم ب180 درجة في اتجاه النعومة و"الظرافات" ؟ لما علموا باستمرار كل وزراء الاتحاد فوق كراسيهم الوزارية ؟؟
وإذا استأنس البعض بسكوتنا واحترامنا ، فلا يحسن به أن يعتبرنا بلا ذاكرة ، فيسيء إلى الفكرة التي جمعتنا ، فقط لأنه لم يعد من صناعها.