منتخبات أفريقيا السوداء تُزيح العرب من خريطة التنافس على كاس افريقيا
زنقة 20 . فيفا
يمكن مسامحة انصار كرة القدم الذي تابعوا مباريات نهائيات كأس الأمم الأفريقية CAF اذا اختلط عليهم الأمر وظنوا انهم يتابعون مباريات كأس أمم منتخبات غرب أفريقيا (WAFU). ذلك لأن سبعة منتخبات من أصل ثمانية بلغت الدور ربع النهائي كانت تابعة لإتحاد غرب أفريقيا. وحدها جنوب أفريقيا الدولة المضيفة كانت الإستثناء. والغريب في هذا الأمر عدم تواجد أي منتخب من شمال أفريقيا، هذه المنطقة التي تملك تاريخا غنيا في البطولة القارية وغالبا ما سيطرت على اللعبة في أفريقيا.
عندما توجت تونس بباكورة ألقابها القارية عام 2004، سيطرت منتخبات شمال أفريقيا على اللقب في البطولة. ففي الفترة الممتدة من 2004 الى 2010، أحرز المنتخب المصري ثلاثة القاب متتالية بالإضافة إلى التتويج التونسي، في حين خسر المغرب نهائي عام 2004 أيضا، واحتلت الجزائر المركز الرابع عام 2010. وعلى العموم، فإن منتخبات شمال أفريقيا احرزت اللقب 10 مرات، أي أكثر من أي منطقة اخرى علما بانه لا توجد سوى خمسة منتخبات في شمال أفريقيا وهي: مصر التي توجت باللقب سبع مرات، بالإضافة إلى لقب لكل من الجزائر وتونس والمغرب، بالإضافة إلى ليبيا التي انتهت نسخة 1982 على أرضها في مركز الوصيفة.
وإذا كان مستوى منتخبات شمال أفريقيا تراجع نوعا ما عام 2012، كان نسور قرطاج وهو لقب منتخب تونس الممثل الوحيد لإتحاد شمال أفريقيا الذي تمكن من تخطي الدور الأول من النسخة التي اقيمت في الغابون وغينيا الإستوائية العام الماضي. لكن وبشكل مفاجىء، فإن ممثلي شمال أفريقيا الثلاثة فشلوا في تخطي دور المجموعات في كأس الأمم الأفريقية في جنوب أفريقيا 2013، وهذا ما يحصل للمرة الأولى منذ عام 1992، عندما فشلت منتخبات الجزائر والمغرب ومصر في بلوغ الأدوار الإقصائية من البطولة.
بيد ان مدرب المنتخب المغربي رشيد الطاوسي يرفص اعتبار ان الكرة الشمال أفريقية تراجعت لمصلحة نظيرتها في غرب القارة بقوله "بالنسبة إلينا، فقد خرجنا من الدور الأول من دون ان نخسر أي مباراة، وكنا نتقدم على جنوب أفريقيا حتى قبل دقائق قليلة من انتهاء المباراة التي جمعتنا بها. لو فزنا، لكنا تأهلنا إلى الدور التالي. اعتقد بان جميع منتخبات شمال أفريقيا قدمت عروضا جيدة في هذه البطولة ويجب ان نحترمها من أجل ذلك على الرغم من عدم نجاحها في ضمان التأهل. تونس خرجت بفارق الأهداف فقط بعد ان جمعت اربع نقاط".
واعرب الطاوسي البالغ من العمر 53 عاما والذي قاد منتخب بلاده دون 20 عاما إلى احراز بطولة أفريقيا للشباب عام 1997، ولم يخسر أي مباراة في بطولة رسمية منذ ان تولى الإشراف على أسود الأطلس في سبتمبر/أيلول الماضي، عن ثقته بان منتخبات شمال أفريقيا ستهنض من هذه الكبوة وقال في هذا الصدد "تستضيف المغربالنسخة المقبلة من النهائيات القارية عام 2015، وانا واثق من اننا سنكون فريقا قويا. لقد جلبت فريقا شابا إلى جنوب أفريقيا لكي ابدأ الاستعداد لعام 2015".
في المقابل، اعترف مدرب الجزائر وحيد خليلودزيتش الذي سبق له الإشراف على منتخبات كوت ديفوار، واحرز دوري أبطال أفريقيا CAF مع الرجاء البيضاوي المغربي بوجود بعض المشاكل في ما يتعلق بالمغرب العربي "مرت 10 اعوام منذ ان توج فريق من المغرب العربي باللقب القاري. كانت تونس آخر منتخب احرز اللقب عام 2004. اعتقد بانه حان الوقت لدول المغربي العربي ان تضاعف الجهود لكي يستعيدوا الريادة خصوصا بالعمل على اكتشاف المواهب الشابة وتحسين نوعية التدريب، وإلا فان دول غرب القارة الأفريقية ستحافظ على أفضليتها".
منتخبات غرب أفريقيا تدخل التاريخ
اعتبر ايديما فولودو الذي كان احد أفراد منتخب نيجيريا، آخر منتخب من غرب القارة الأفريقية يحرز اللقب عام 1994، بان النتائج التي تسجلها منتخبات هذه المنطقة في البطولة الحالية احدثت تحولا كبيرا في كرة القدم الأفريقية وقال الدولي السابق لمجموعة من الصحافيين "هذا يعني بكل بساطة بان غرب أفريقيا تسيطر على الأمور في الوقت الحالي. وفي الواقع، فان منتخبات مغمورة مثل توجو، بوركينا فاسو والرأس الاخضر التي لم يكن يحسب لها حساب في السابق بدأت تنافس بقوة. شهدت الحقبة الماضية سيطرة منتخبات شمال أفريقيا على اللقب، لكن غرب أفريقيا تمسك بزمام الأمور حاليا".
لم يسبق ان بلغت منتخبات من نفس المنطقة الجغرافية الدور نصف النهائي في تاريخ كأس الأمم الأفريقية، لكن الآن، فان منتخبات غانا، مالي، نيجيريا وبوركينا ترفع لواء اتحادات غرب أفريقيا خلافا للنسخة الماضية حيث نجحت ثلاثة منتخبات في تخطي الدور الأول وهي غانا، كوت ديفوار ومالي. ليس امرا مفاجئا ان تبلغ المنتخبات القوية أمثال غانا، مالي ونيجيريا الدور نصف النهائي في النسخة الحالية، لأن جميع النقاد كانوا ينتظرون ان تقدم هذه المنتخبات عروضا قوية في جنوب أفريقيا. قد يكون بلوغنيجيريا الدور نصف النهائي غير متوقع لأنها انهت دور المجموعات في المركز الثاني وراء بوركينا فاسو وبالتالي اضطرت إلى مواجهة كوت ديفوار المرشحة بقوة لأحراز اللقب، في الدور ربع النهائي، لكنها خرجت فائزة 2-1 وسجل هدفيها ايمانويل ايمينيكي وصنداي مبا. لكن المفاجأة الحقيقية كانت بلوغ بوركينا فاسو هذا الدور، فبعد ان صدمت زامبيا حاملة اللقب في الدور الأول لتتصدر المجموعة الثالثة، ازاحت توجو بقيادة ايمانويل اديبايور في ربع النهائي بفوزها عليها بهدف مقابل لا شيء بعد التمديد لتبلغ نصف النهائي.
ولا يقتصر الظهور الجيد للمنتخبات القادمة من غرب أفريقيا على النهائيات الأفريقية، بل تتعداها إلى تصفيات كأس العالم البرازيل 2014 FIFA، حيث تتصدر منتخبات نيجيريا، كوت ديفوار، السنغال وبنين مجموعاتها، في حين تحتل منتخبات اخرى من غرب أفريقيا المركز الثاني بفارق نقطة عن المتصدرين. وبالنسبة إلى المنتخبات الأربعة من غرب أفريقيا الباقية في البطولة الأفريقية الحالية، فان واحدا منها سينال شرف المشاركة للمرة الأولى في كأس القارات FIFA، حيث سيواجه ممثل أفريقيا، منتخبات أسبانيا بطلة العالم، أوروجواي ومنتخب تاهيتي المغمور في المجموعة الثانية من البطولة المرموقة في يونيو/حزيران المقبل في البرازيل.