زنقة 20

افتتح رئيس الحكومة المغربية الإسلامي عبد الإله بن كيران في فاس معبدا يهوديا، وتلى رسالة للملك محمد السادس في هذا الحفل الذي شهد مشاركة مسؤولين مغاربة وأجانب، واهتم الرأي العام المغربي خصوصا الرقمي منه، بمتابعة وقراءة هذا الحدث لفهم خلفياته السياسية خاصة ما تعلق منها بتكليف رئيس الحكومة بمهمة اعتاد مستشارو الملك القيام بها. ولعل ما أضفى أهمية على الحدث هو الجدل الذي تشهده البلاد بشأن التطبيع وإن كان الأمر يتعلق بيهود مغاربة.

وتشكل مناسبة افتتاح المعبد اليهودي الذي حضره عدد من الوزراء ورئيس البرلمان الألماني بحكم أن المانيا هي التي تولت مصاريف ترميم المعبد فرصة جديدة للحديث ليس فقط عن علاقة اليهود المغاربة ببلدهم وبالتطبيع، بل كذلك بعلاقة القصر مع مؤسسة رئيس الحكومة لاسيما عندما يتم تغييب أو إشراك ابن كيران في مهام دولية أو وطنية وبتكليف من الملك، بهدف معرفة مدى ترسخ التعديل الدستوري الذي ينظم علاقتهما السياسية والسلطوية من جهة. ومن جهة ثانية لاستشراف معالم صراع خفي مرة، و ظاهر مرة أخرى، بين بنكيران ومحيط الملك.

وكانت أسئلة من هذا القبيل أثيرت على سبيل المثال مع الزيارة الملكية إلى الخليج التي غاب فيها بنكيران عن الوفد الرسمي، وجرى تغليب ممثلي القصر، وتثار أيضا مع غياب مهام رسمية بنكيران إلى دول غربية، حيث لم يقم بأي زيارة رسمية إلى بلد أوروبي حتى الساعة، رغم مرور عام ونيف على تسلمه لرئاسة الحكومة الإئتلافية.

 وأثيرت من جديد أمس الأول مع تكليف الملك بنكيران بافتتاح معبد يهودي بفاس، أسئلة من قبل الرأي العام المغربي وخصوصا الرقمي منه في محاولة لقراءة هذا المرة خفايا المهمة وتداعياته السياسية، وفي وضوء العلاقة المؤسساتية بين القصر ورئاسة الحكومة بكل تجلياتها الظاهرة والباطنة .

ونقلت وسائل الإعلام المغربية المكتوبة والرقمية بعضا من المغازي المستنتجة من هذا الحدث، تصب كلها في تكريس القراءة الظاهرة الأولى التي تستنج من مشاركة بن كيران في افتتاح معبد يهودي مغربي وتكليفه بتلاوة رسالة ملكية، وتمثلت أساسا في بعث رسالة تجسد انخراط الدولة المغربية بسلطاته التثميلية الكبرى – القصر والحكومة-  في الحفاظ على تعدد المغرب الثقافي و الاهتمام بكل مكوناته الدينية وتعزيز التعايش بين عناصرها المختلفة.

وتزامن افتتاح المعبد اليهودي بفاس مع جدل محتدم  قائم  في  المغرب، تشارك فيه قوى إسلامية بمن فييهم فاعلون من حزب العدالة والتنمية، على إثر عرض فيلم " تنغير جيروزاليم " في مهرجان طنجة السينمائي، وقبله في القناة الثانية دوزيم. ثم عقب الترخيص أيضا بتصوير فيلم بالمغرب لمخرجة إسرائيلية :تدعى هانا أزولاي هسفاري "والفيلم يحمل عنوان "اورنج بيبل". ويتقاطع في هذا الجدل موضوعان يفصل بينهما خيط رفيع، وهما أولا: تاريخ اليهود المغاربة باعتبارهم مكونا ثقافيا ودينيا من مكونات المغرب التاريخي، وثانيا التطبيع مع إسرائيل.

ويخلف الحدث الكثير من التعاليق في شبكات التواصل الاجتماعي وخاصة في الفايسبوك، حيث اهتمت ببحث الرسائل و الأسباب خاصة الخفية منها.  إلا أن أبرز تلك التعاليق، تلك التي مضت في قراءة الحدث من زاوية تبحث فيما إذا كان  تكليف بن كيران له صلة على نحو ما بإرسال رسالة لمثيري جدل التطبيع، خصوصا الذين ينتمون إلى دئرة الإسلام السياسي ومن حزب رئيس الحكومة نفسه.

وأشار معلق رقمي بالفايسبوك على أن القصر المغربي "درج على إرسال مستشاري الملك للمهام التي تقتضي  تمثيل الملك"، ثم يضيف معقبا، أن القصر حينما كلف بن كيران في مهمة افتتاح المعبد اليهودي المغربي بفاس " إنما كان محكوما في ذلك القرار بمنطق تجادبات الصراع الخفي بين محيط القصر وبن كيران".

عَن: ألِف بُوست