زنقة 20

يقوم كريستوفر روس المبعوث الأممي في قضية الصحراء بجولة جديدة في المنطقة لإخراج الملف من حالة الجمود التي يعرفها.

وتأتي زيارة المبعوث الأممي الجديدة بعد أن أعلن هو نفسه عن وصول المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو إلى الباب المسدود بعد تسع جولات من اللقاءات غير الرسمية بين طرفي النزاع الرئيسيين لم تفض إلى أي تقارب بينهما.

وخلال زيارته للمغرب، حيث التقى بالعاصمة الرباط كل من رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ووزير الخارجية والتعاون سعد الدين العثماني الذي قطعَ رحلته معَ الملك محمد السادس بإفريقيا عائداً للقائه بالإضافة إلى رئيسي مجلسي البرلمان والمستشارين كريم غلاب والشيخ بيد الله، وكذلك ممثلي بعض الأحزاب السياسية بالأقاليم الجنوبية، حيث اعتبر روس إن الوضع في منطقة الساحل وحرب مالي يجعل حل قضية الصحراء أمرا ملحا أكثر من أي وقت مضى، لكن بالمقابل فإن طرفي النزاع يتشبثان كل بموقفه الجامد، مما ادى إطالة حالة اللا حرب واللا سلم منذ وقف إطلاق النار بينهما مطلع تسعينات القرن الماضي.

وفي زيارته للأقاليم الجنوبية المغربية، التي انطلقت بمدينة العيُون كبرى مدن الصحراء الجمعة المنصرم، عرفت تظاهرات واحتجاجات إستفزازية من طرف بعض الإنفصاليين، عجٌلت بتدخلات أمنية خلفت العديد من الإصابات العنيفة والإعتقالات في صفوف دعاة الإنفصال، ملوحين بذلك ما يعتبرونه بالتجاوزات والإنتهكات الحقوقية التي ترتكبه الدولة المغربية في حق الرأي الآخر، كما اقتصرت زيار المبعوث الأممي إلى الصحراء بمدينة العيون، بإستقبال الفعاليات المدنية و الحقوقية بالمدينة داخل مقر وبعض ممثلي البوليساريو داخل المغرب بعثة المينورسو، ووالي الجهة والبرلمانيين والمنتخبين، حيث ناقش أغلب المُلتقى بهم القضايا الإجتماعية والإقتصادية والحقوقية بالعيون بشكل سطحي.

بمدينة الداخلة أقصى مدن المغرب، وفي أول زيارة لهُ دخلها كريستوفر روس دخولاً غير مسبوقاً أثار استغراب الفاعلين السياسيين والحقوقيين بالمدينة وأدهش الصحراويين، الذين كانوا يخططون لإشعال فتيل الإحتجاجات وإيقاظ الفتنة النائمة مُنذ الأحداث الدامية لمدينة الداخلة.

زيارة المبعوث الاممي إلى الصحراء وفي أول زيار له بمدينة الداخلة في إطار مهامه الديبلوماسية، تخلى عن قبعة الحياد، وركب سيارة والي جهة وادي الذهب لكويرة التي تحمل ترقيم الدولة المغربية ودخل إقامته الخاصة وجلس على طاولة غذائه وفوق رأسه صورة الملك محمد السادس، وزار العديد من المنشئات الكبرى بمدينة الداخلة من ميناء المدينة وقصر المؤتمرات والمكتبة الوسائطية والملعب البلدي والضيعات الفلاحية المملوكة للبرلماني الإتحادي حسن الدرهم.

كريستوفر روس الذي احتلى حلاوة الدولة المغربية ونسي الحياد المتوخى منه،  تجول ليلاً على الأقدام بين شوارع مدينة الداخلة وزار الأحياء التي تقطنها العائلة الصحراوية كما تناول وجبة عشاء بأحد المطاعم المصنفة المملوكة لأحد الفاعلين الإقصاديين بحاضرة وادي الذهب والذي كان من بين الذين جالسوه على طاولة ملف الصحراء.

​مصادر حقوقية رفيعة المستوى أوضحت في تصريحات مقتضبة لـموقع "زنقة 20"، ان زيارة كريستوفر روس غيرت البعض من ملامح رؤيته لملف الصحراء عكس ما يروج بالإعلام والإنزال الإتفصالي بمدينة العيون، ملمحاً بذلك رغماً عنه بشرعية المغرب بصحرائه، وأضافت ذات المصادر، أنٌ والي الجهة حميد شبار والذي سبق له أن شغل مهام ديبلوماسية بأروقة الأمم المتحدة لعب دوراً كبيراً في الزيارة الأخيرة لـروس، والدليل على ذلك تقول ذات المصادر الرفيعة لـموقع "زنقة 20"، البيان الناري الذي أصدرته قيادة "البوليساريو"، تتهم فيه المبعوث الأممي بـ"تحمل المسؤولية في عدم حماية الصحراويين.

كريستوفر روس الذي يعود إلى المنطقة بحقيبة شبه فارغة، مطالب بوضع معالم خارطة طريق جديدة تكون بديلة عن المحادثات المباشرة التي انتهت دون أن تحقق أية نتائج تذكر. لكن يصعب تصور حل للقضية بدون استئناف طرفي النزاع الرئيسيين للتفاوض بينهما، فقرارات مجلس الأمن تنص على أن الحل يجب أن يكون سياسيا وسلميا ونهائيا ومتوافقا عليه.

وقبل روس، سبقه إلى المنطقة أكثر من مبعوث ووسيط أممي اندثرت جهودهم بين كثبان الصحراء المتحركة، ويبدو أن هذا الدبلوماسي الأمريكي المخضرم مصمم على تحدي ساعة الرمل التي تبتلع الزمن ومعه تبتلع كل الحلول التي تأتي لإطالة أمد النزاع في الوقت الذي ينتظر منها أن تنهيه.