زنقة 20 . المصدر

الجنس ليس مصطلحا رخيصا للإثارة والتجارة المربحة، إنه علم كباقي العلوم وأساس للزواج السليم وديمومة الحياة والتكاثر. هذه هي الرسالة التي يحملها الطبيب رائف رضا، في كتابه الجديد بعنوان "الجنس الطبي (medical sexology) حقائق وإثباتات علمية" الذي نشر عن دار النهضة العربية ببيروت هذا الاسبوع. والبرفسور اللبناني رائف رضا دكتور أخصائي جراحة المسالك البولية والعجز الجنسي والعقم، ورئيس التجمع الطبي الاجتماعي اللبناني.
 

ما هو الجنس الطبي؟
هكذا يعرّف الدكتور رائف رضا الجنس الطبي بأنه "علم دراسة الحياة الجنسية للجنسين من الطفولة مرورا بمرحلة البلوغ والمراهقة حتى الشيخوخة. هو طب متكامل ينسج ما بين مع العلوم التشريحية والطبية والنفسية والاجتماعية والسلوكية".

تتناول الموسوعة تاريخ علم الجنس مرورا بمراحل التطور الجنسي، الرغبة الجنسية والممارسة، الاضطرابات، الأمراض، وباقة من الموضوعات الاجتماعية المتداخلة مثل الانحرافات، الصور والافلام المثيرة جنسيا (البورنوغرافيا).

يقول رضا أن كتابه هو الأول من نوعه في العالم العربي الذي يتناول الناحية الطبية العلمية الصرفة للجنس ويعتمد في موسوعته على مشاهداته وخبراته التي اكتسبها من مسيرته الطبية الطويلة ومشاركته في عدد من الأبحاث والمؤتمرات الطبية.

يأمل الدكتور بكتابه هذا أن يجعل المعلومة الطبية في متناول الجميع لتجنب المشاكل الناتجة عن عدم وجود ثقافة جنسية في المجتمعات العربية. يضيف في حديث لإذاعتنا "علينا إيصال الفكر العلمي عن الجنس وابعاده عن الخزعبلات التي يتم تداولها في أدب الجنس الرخيص".
 
الشذوذ أو الكبت

هل يمكن القول إذا بأن الثقافة الجنسية غائبة في المجتمعات العربية وماذا الذي يترتب عنه غياب هذه المعلومات؟ يقول رضا: النتيجة هي إما الشذوذ وإما الكبت ويتابع: "عندما يكون لدى الأم ثقافة جنسية سليمة ستتمكن من الشرح لأطفالها أن ما يمروا به من تغيرات جسدية مثل الاحتلام أو العادة الشهرية هي تطور فيسيولوجي طبيعي في مرحلة البلوغ".

يتابع الدكتور بأن هنالك العديد من المشاكل التي ترد عيادته والتي كان يتوجب على الأهل علاجها منذ الصغر مثل مشكلة قصر العضو الذكري أو عدم نزول إحدى الخصتين في مكانها الطبيعي وهي عيوب يمكن علاجها بالهرمونات في الصغر. لكنها إن أُهملت يترتب عليها مشاكل مثل العقم في الكبر وبعض الأهالي لا يعرفون الشكل والموضع الطبيعي لهذه الأعضاء ويستشيرون الأطباء أحيانا بعد فوات الأوان".

وفقا للدكتور هنالك غياب للمعلومات الجنسية الطبية في العالم العربي لأسباب عدة أهمها شح الباحثين في مجال الجنس الطبي، وتقصير الدولة ووسائل الإعلام في نشر التوعية والثقافة الجنسية السليمة.

يرى الخبير في الجنس الطبي أن درس تشريح الأعضاء التناسلية في المدارس المتاحة في بعض الدول العربية غير كافي لتثقيف الشباب حول حياتهم الجنسية المستقبلية وأنه عندما تغيب الثقافة العلمية الجنسية الهادفة يلجأ الشباب إلى الانترنت ويدخلون في المحظور.
 
مصطلح رخيص
يقول رضا أنه للأسف فإن موضوع الجنس لا زال تابو في المجتمعات العربية بما فيها لبنان التي تعتبر أكثر انفتاحا في العالم العربي. "عندما تطرح موضوع الجنس في الإعلام لا يُنظر له من الناحية العلمية، بل يتداول به وكأنه مصطلح رخيص".

الدكتور رضا مقتنع بأن المجتمع سيتجنب الكثير من المشاكل لو كانت الثقافة الجنسية السليمة حاضرة في المجتمعات العربية ويوضح: "هنالك انحرافات جنسية وممارسات غير سليمة وحتى حالات طلاق سببها العقم أو العجز الجنسي بسبب الجهل الجنسي الذي يعاني منه المجتمع".
يتابع "لو أخذنا بعين الاعتبار بأن الدين يركز على الأطر السليمة للزواج ، فيجب أن يكون ذلك ضمن علاقة جنسية هادفة ويجب على الأطراف أن تتفقه في أسس العلاقة الزوجية الجنسية السليمة قبل الزواج".

درجات من المثلية الجنسية
من الملفت للانتباه أن الدكتور لم يتجنب المواضيع الجنسية الحساسة مثل المثلية الجنسية، و تطرق لها في فصل كامل في موسوعته لشرح الظاهرة وما إذا كانت خلقية أم مكتسبة. المثلية الجنسية شكل من الانحراف وفقا للطبيب الذي يعالج المريض سلوكيا. من الناحية الطبية والنفسية للحالة ويقول أنه هنالك ست درجات من الإصابة بالمثلية الجنسية التي يمكن "علاجها" لكن ليس بالهرمونات كما هو متعارف عليه، بل بالعلاج السلوكي.

"العلاج السلوكي طويل ويهدف لإزالة التطبع الذي يعانه الشخص المثلي، ولا يخلو من عنصر التنفير باستخدام الصدمات الكهربائية".

 وفقا للطبيب فإن نسبة نجاح العلاج تصل إلى 40%، لكن "المشكلة هي أن الشخص الذي ابتلي بهذه الحالة غالبا لا يطلب العلاج منها، وإذا طلب العلاج فغالبا ما يكون لعلاج الاكتئاب النفسي الناجم عن المثلية الجنسية".