زنقة 20
 
خالد أشيبان
 
مر الأيام وتكتشف حكومتنا عمق الأزمة الاقتصادية ويتضح لها بالملموس أن الوضع جد حرج، لكنها ما زالت تتخذ القرارات الغير المدروسة والخاطئة لتدبير المرحلة. لن نحمل السيد بنكيران وحزبه المسؤولية كاملةً فيما يقع، لكننا سنحمله مسؤوليته السياسية في تدبير ما بعد انتخابات 2011. 
 
قرار تأخير قانون المالية سنة 2012 كان خطأً قاتلاً بالنسبة للاقتصاد، لأن التأخير أثر على نسبة النمو وبالتالي تراجعت كل المؤشرات الاقتصادية المرافقة لنسبة النمو. والنتيجة كانت سنة مالية بيضاء ميزها قرار خاطئ آخر بالزيادة في أسعار المحروقات دون اتخاذ الاجراءت الكفيلة بالحفاظ على استقرار الأسعار في المغرب، وبالتالي ارتفع معدل التضخم وازدادت تكلفة الإنتاج بالنسبة للشركات وكانت النتيجة الحتمية هي ارتفاع معدل البطالة. والدليل هو أن الاجمالي الصافي لفرص الشغل التي خلقها المغرب سنة 2012 لم يتعدى ألف منصب شغل مقابل 120.000 منصب سنة 2011 (الاجمالي الصافي هو الفرق بين مناصب الشغل المحدثة ومناصب الشغل المفقودة) 
 
المسؤولية اليوم هي مسؤولية الجميع ودون استثناءات، لأن الأمر يتعلق باقتصاد بلدنا ومستقبلها بعيداً عن كل المزايدات السياسية بين الأغلبية والمعارضة. فالوضع لم يعد يحتمل الانتظار إلى أن تغرق المركب، لأن المركب أصلا بها اليوم من الثقوب ما يكفي لإغراقها، لكنها مازلت تقاوم بقدرة قادر.
 
الاقتصاد يمثل للدولة ما تمثله الدورة الدموية للجسد، والسياسة تمثل للدولة مايمثله الدماغ للجسد. واليوم يجب أن تستمر الدورة الدموية في حركيتها ليعيش الجسد ويشتغل الدماغ، وليس العكس. فليست هناك حياة من دون دورة دموية، وليس هناك دماغ يشتغل من دون دورة دموية كذلك. و إنقاذ الاقتصاد اليوم هو أولوية الأولويات، ويجب أن يتحمل الجميع المسؤولية حتى نصل بالمركب إلى بر الأمان.
 
وأول أمرٍ يجب أن يفكر فيه السيد رئيس الحكومة اليوم هو تشكيل حكومة إنقاذ وطني مصغرة (15 وزارة)، ستوفر على الدولة ميزانية 15 وزارة أخرى غير مهمة اليوم ولها أدوار ثانوية. فالوزراء المكلفين اليوم بالحكامة والشؤون العامة وتحديث القطاعات والعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني والجالية والشباب ومنصب وزير الدولة، يمكن اختصار أدوارهم اليوم في مناصب مستشارين لرئيس الحكومة كلٌ حسب تخصصه. 
 
يجب كذلك التقليص من ميزانية تسيير الوزارات، والاستقبالات والسفريات والتعويضات. يجب مراجعة استهلاك سيارات الدولة من البنزين لأن قيمتها تستنزف صندوق المقاصة، ويجب مراجعة أجور الوزراء والمدراء والجنرالات وكبار المسؤولين تضامناً مع بلدهم. فمسؤولونا ليسوا أفضل حالاً من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الذي تنازل عن 5% من أجره تضامنا مع الموظفين العموميين.
 
وإن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم ... ولخبار فراسكم.