زنقة 20

يبدو أن الساعات الأخيرة قبيل عرض تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أمام أعضاء مجلس الأمن ستكون حربا نفسية على المغرب دون شك. بموازاة التحركات الدبلوماسية المغربية في أكثر من دولة وأكثر من جهة، يشهد مقر الأمم المتحدة حربا من نوع خاص يبدو أنها تريد إلهاء المغرب. الحرب الجديدة متعلقة أساسا بعدد من الوثائق التي سربت لأكثر من وسيلة إعلامية في المغرب وفي الخارج. بل إن بعض المواقع الإخبارية الأمريكية اعتمدت على بعض هذه الوثائق ناقلة أخبارا مفادها أن موقف الولايات المتحدة الأمريكية من توسعة مهام “المينورسو” ألغي تماما لصالح توصية بسيطة مفادها  تحسين وضعية حقوق الإنسان في أقاليم الصحراء وفي تندوف على حد سواء.
لم تقتصر حرب الوثائق على وثيقة واحدة بل تلتها أخريات، وما إن تصدر ورقة حتى تصدر ورقة مضادة. آخر هذه الوثائق التي تم توزيعها على نطاق واسع في مقر الأمم المتحدة  تنفي عن مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية المطالبة بتوسيع مهام المينورسو.
حكاية الوثائق برزت ببيان نسب لوزارة الخارجية الأمريكية. بيان لم يحد عن المألوف في واشنطن من أنها تثمن مسلسل المفاوضات الذي تشرف عليه الأمم المتحدة في الصحراء والذي يهدف إلى إيجاد حل عادل ودائم من قبل جميع الأطراف مع مراجعة مهمة المينوروسو بما يسمح بتمتع جميع الأفراد بحقوقهم”. لم تكد تمضي غير ساعات قليلة على نشر هذا البيان حتى عممت وثيقة أخرى اعتبرت هذه المرة المسودة المعدلة من المقترح الأمريكي.المفاجأة التي حملتها الوثيقة الجديدة هي تراجع كامل للولايات المتحدة عن موقفها الأول بشأن توسيع مهام المينورسو لتشمل مراقبة وضع حقوق الإنسان في الأقاليم الصحراوية ومخيمات تندوف، بالمقابل شددت الوثيقة المنسوبة لمندوبية الولايات المتحدة الأمريكية في الأمم المتحدة على أهمية تحسين مسألة حقوق الإنسان في الصحراء وتندوف.

كما أنها (أي الوثيقة)  تشجع الأطراف للعمل مع المنتظم الدولي من أجل تطوير وتنفيذ إجراءات مستقلة وذات مصداقية من أجل ضمان الاحترام الكامل لحقوق الإنسان، آخذين بعين الاعتبار المعايير الدولية في هذا المجال. نفس الوثيقة المكونة من صفحتين ونصف رحبت بافتتاح فروع المجلس الوطني لحقوق الإنسان في كل من الداخلة والعيون.
مصدر من داخل الأمم المتحدة نفى  أن تكون أي وثيقة رسمية قد سربت بل إن  المصدر نفسه استبعد كثيرا أن تكون الوثيقة التي عرضت الجريدة مضمونها عليه لسوزان رايس مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية. كما لم يستبعد  المصدر نفسه أن يكون تسريب هذا النوع من الوثائق في هذه الفترة بالذات داخلا في حرب آخر الساعات التي تريد تهدئة المغرب.
الوثيقة الثالثة التي سربت نسبت هذه المرة للأمين العام نفسه للأمم المتحدة بان كي مون. الوثيقة التي أنكر وجودها المصدر الذي تحدث للجريدة ليلة الخميس، لم تنص على أية توصية لتوسيع مهام المينورسو ودعت في المقابل إلى تعاون الأطراف مع الهيأة الأممية لإنجاز مهامها على أفضل وجه.
في  السياق نفسه ، وعكس ماذهبت إليه وكالة رويترز للأنباء في قصاصة لها من أن فرنسا لن تستعمل «الفيتو» ضد مشروع المسودة الأمريكية حول توسيع مهام المينورسو في الصحراء المغربية، قال «ألكسندر ديابولو» الناطق باسم السفارة الفرنسية في المغرب إن : «فرنسا لم تتخذ بعد أي قرار بشأن مشروع المسودة الأمريكي».
وأضاف الدبلوماسي الفرنسي  أن «مشروع المسودة توصلت به فرنسا بالفعل من الولايات المتحدة الأمريكية على غرار كل دول مجموعة أصدقاء الصحراء وهي المملكة المتحدة وروسيا واسبانيا، وسيتم اتخاذ قرار بشأنها »، موضحا أن «الدول المعنية بدأت مشاوراتها بشأن موضوع المسودة بعد الانتهاء من مناقشتها ودراستها».
«الموقف الفرنسي حول الصحراء معروف» يقول المسؤول الفرنسي، ويضيف أن «وضعية الجمود الحالية ليست من مصلحة أحد»، وقال إن : «بلاده تؤيد منذ زمن طويل البحث عن تسوية عادلة ودائمة ومقبولة من لدن كل الأطراف تحت رعاية الأمم المتحدة تطبيقا لقرارات مجلس الأمن الدولي».
وأشار «الكسندر» إلى ما ورد في كلمة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمام مجلسي البرلمان من أن «مقترح الحكم الذاتي المغربي المقدم سنة 2007 هو أرضية جدية وذات مصداقية للتوصل إلى حل متفاوض بشأنه»، وأضاف أنه «في هذا الإطار فإن فرنسا تساند الجهود التي يبذلها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة وأنها تشجع على التقارب المغربي الجزائري».
وحول ملف حقوق الإنسان، قال الدبلوماسي الفرنسي إن : «المغرب قام بخطوات مهمة في هذا المجال طيلة السنوات الأخيرة، وأن «الرئيس الفرنسي ثمن تلك المجهودات ويشجع على المضي قدما في هذا المسار الذي أكده الدستور المغربي الجديد». الأحداث المغربي