زنقة 20

في إطار الدراسة حول الحرب القادمة، وإمكانية نشوء حروب مستقبلية في الشرق الأوسط التي أجرتها (مجلة السياسة الدولية) المصرية يبقي أخيراً إستشراف مستقبل النظام الإقليمي المغاربي الذي لا يخلو من تعقيدات تصعب من مهمة دراسته على الوجه المطلوب. وباستثناء نزاع الصحراء الغربية، وربما في مستقبل محتمل مسألة الموارد المائية، كما يشير د. عبدالنور بن عنتر، الأستاذ المحاضر بجامعة باريس، تندرج كل القضايا الخلافية مغاربياً ضمن الأمن الناعم، بمعنى أنها لا تشكل تهديداً للأمن القومي للدول المغاربية، دون أن يمنع ذلك من وجود انعكاسات أمنية.

***

لقد عرفت الدول المغاربية توترات غداة الاستقلال، لاسيما بين الجزائر والمغرب (حرب 1963) وكانت العلاقة بين المغرب وموريتانيا صعبة أيضا، حيث لم يعترف المغرب باستقلال موريتانيا (الذي تم في 1961) إلا في 1969، لأنه كان يعدها جزءاً من "المغرب التاريخي". أما العلاقات بين الجزائر وليبيا، وتونس وليبيا فلم تكن طبيعية بسبب سلوكيات نظام القذافي. أما ميلاد الاتحاد المغاربي فيراه الباحث أقرب إلى "مصالحة" بين الأنظمة القائمة منه إلى مشروع تكامل إقليمي.

***

وعن سيناريوهات الحروب المحتملة في المنطقة المغاربية، يرى د. عبدالنور بن عنتر، أنها قد تتخذ شكل صراع حدودي بين الجزائر والمغرب، يغذيه نزاع الصحراء بين المغرب والجزائر وتوازنات القوة وذلك في إطار حرب باردة من أجل الزعامة الإقليمية، تتحول إلى حرب ساخنة. ويصور الباحث الحروب المحتملة عامة في حرب جزائرية – مغربية مركبة، وحرب جزائرية – ليبية مُركبة.

لكن في ميزان الترجيحات لمختلف أنماط العوامل/التفاعل فإن المشهد المغاربي يميل إلى استمرار الأوضاع القائمة، دون أن يعني إمكانية حدوث تغيرات داخل هذا الاتجاه، أو "إصلاحات هيكلية جزئية" (تفعيل اتحاد المغرب العربي مثلا)، لكن حجمها ومداها لا يمسان بطبيعة واتجاه المسار العام، الذي يبقى دون التوتر الحاد والحرب من جهة، ودون السير نحو التكامل من جهة أخرى. أي أنها ستبقى منخفضة الحدة، بعيداً عن مخاطر التصعيد العسكري.

***

وهكذا تخلص دراسة مجلة السياسة الدولية حول الحرب القادمة، وإمكانية نشوء حروب مستقبلية في الشرق الأوسط، بأن التحول نحو الديموقراطية من شأنه أن يؤدي إلى تعزيز فرص السلام في هذا الإقليم المضطرب تقليديا.

وقد عكس الواقع الذي تكشفت عنه التطورات العامين الماضيين اتجاهاً مخالفاً لموجة التفاؤل التي سادت مع بدايات ظاهرة "الربيع العربي" بإمكانية تعزز فرص السلام وتراجع حدة الصراعات والحروب الداخلية في أكثر من دولة من دول الربيع العربي"، فيما تصاعدت مخاطر تفجر الصراعات العنيفة في البقية الباقية من دول الإقليم بأسره، مع اختلاف درجة ترجيح احتمال تفجر تلك الصراعات وتصاعدها إلى حالة الحرب من حالة إلى أخرى، وفقا لعوامل ترتبط بتوازن القوى المحلي، في إطار بيئة الصراع، أو بالتدخلات الدولية والإقليمية، أو أخيراً بالنظر إلى الفرص البديلة المتاحة لإدارة الصراع بطرق مختلفة عن الحرب.

. المصدر