زنقة 20

« إرحل .. إرحل.. ياعبد الإله.. إمشي إنت ما بتفهمشي؟!»، شعار مركزي كان لازمة مشتركة رددتها حناجر المئات من الكونفدراليين بساحة درب عمر بالبيضاء، غير بعيد عن مقرها الرئيسي عبر مكبرات الصوت والميغافون.
الساعة تشير إلى العاشرة من صباح يوم أمس الأربعاء فاتح ماي 2013، لبست الساحة، خلافا للسنوات الماضية، اللون الأصفر. لون كان بمثابة الهوية البصرية للنقابة ضمخ جنباتها بلافتات ولوحات حملت مطالب متعددة، من قبيل «لا لضرب القدرة الشرائية» و«ناضل ضد الحكرة، من أجل الكرامة، التشغيل».
احتفال الكونفدراليين بفاتح ماي هذه السنة، طبعه غياب كاتبها العام محمد النوبير الأموي. غياب أفقد كلمة المكتب التنفيدي، نبرة زعيمها الارتجالية والتهكمية أحيانا. كلمة كانت تبتعد أحيانا عن التقيد بعرض الكلمة في انتقاداته «اللاذعة» للحكومة، والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية. عبد القادر الزاير نائبه بالمركزية النقابية، كان أكثر وضوحا وهو يستعرض حصيلة «معالجة» الملفات الثقيلة من طرف الحكومة. قال في وصفه لأدائها بكونها «لاتتقن سوى الخطابة، تسوق الكلام فقط لتبرير فشلها في مختلف الأصعدة». أبعد من ذلك يضيف المسؤول النقابي «الحكومة تتهرب من المفاوضات الثلاثية الحقيقية لتسوية المطالب» في إشارة إلى مقاطعة النقابة للدعوة «المتأخرة» لعقد جولة من الحوار الاجتماعي. دعوة «ملغومة» -حسب المسؤول- كان الرفض هو الجواب الوحيد اتجاهها، حيث أكد المكتب «أن الحكومة غيبت الحوار الاجتماعي، وهي لاتؤمن بثقافة الحوار بين الفرقاء الاجتماعيين».
وسط صخب الشعارات، وتجمعات النقابات القطاعية من عمال كوكا كولا بقباعتهم الحمراء، وقطاع الجماعات المحلية ببذلات خضراء، كان عبد الله أحد عمال شركة للحديد بنواحي عين حردة المطرودين، يقف إلى جانب زملائه في العمل. خرج فجأة عن هدوئه، عند حديثه عن وضعيته المهنية. في معرض كلامه قدم بانفعال الصورة السوداوية للعمل النقابي داخل الشركة «واش آعباد الله الباطرون مابغى بتحاور.. ما بغى يعطينا حقوقنا؟!»، قبل أن يضيف بلهجة لاتخلو من استياء «الباطرون الهم ديالو.. يحارب النقابيين.. ويطردهم». عبد الله البالغ من عمر خمسين سنة، عمل لمدة عشر سنوات، لكنه وجد نفسه في آخر المطاف مطرودا، لا لشيئ سوى لانتمائه النقابي. محاربة العمل النقابي كان في صلب نداء الكونفدرالية لهذه السنة. المكتب التنفيدي أكد على استمرار الظاهرة « ومتابعة ومحاكمة النقاببين بالفصل 288 من القانون الجنائي»، ومن ثمة طالب بإلغاء ذلك القانون. المكتب دعا الحكومة إلى التوقيع على الاتفاقية الدولية رقم 87 الخاصة بالحريات النقابية.
القضية الوحدة الترابية، كانت حاضرة بقوة في كلمة المكتب التنفيدي. انتقاد واضح للموقف الأخير للولايات المتحدة بشأن دعوتها إلى تضمين القرار الأممي مهمة مراقبة حقوق الانسان بالأقاليم الجنوبية.

الكونفدرالية طالبت الدولة بنهج «سياسة تشاركية» للملف، أي تكوين خلية وطنية دائمة، مهمتها السهر على المراقبة والتتبع، و«التعيئة الشاملة لمساهمة كافة الأطراف في الدافع عن الوحدة التراتبية». بل إن المنظمة النقابية اعتبرت أن «مراقبة حقوق الانسان بالصحراء مهمة موكولة للمنظمات الوطنية».

أما خاتمة كلمة المكتب التنفيدي فكانت روزنامة من التساؤلات للحكومة. انتظرت منها أجوبة مقنعة حول ملفات «الصحة، التشغيل، السكن.. الحريات النقابية، محاربة الفساد». أسئلة ظل صداها يسمع من بعيد، فيما كان العمال، وقيادات أحزاب اليسار الحاضرة يوم أمس، تأمل أن تصل إلى من يهمهم الأمر، وعلى رأسهم رئيس الحكومة. عن الأحداث المغربية.