حوار. أشيبان لـ"زنقة 20": حكومة بنكيران فشلت وهذه عواقب توقيف ميزانية الإستثمار والسيناريوهات المقترحة لإصلاح المقاصة
زنقة 20
خلق قرار الحكومة القاضي بوقف تنفيذ 15 مليار درهم من نفقات الاستثمار الكثير من الجدل داخل الأوساط السياسية والإقتصادية بالمغرب، ماهي الإنعكاسات والعواقب المتوخى أن تلقي بظلالها على الاقتصاد الوطني نتيجة هدا القرار الحكومي؟
خالد أشيبان: الحكومة الحالية تختار الحلول السهلة والغير مدروسة، وقرار التخفيض من ميزانية الأستثمار العمومي هو ثاني قرار اقتصادي خاطئ تتخذه الحكوة بعد قرارها الأول بالزيادة في أسعار المحروقات سنة 2012 دون اتخاذ أي اجراء للحد من ارتفاع أسعار كل المواد الأساسية الأخرى. قرار الخفض من قيمة الأستثمار العمومي ب-15 مليار درهم (1500 مليار سنتيم) هو قرار ستكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد الوطني لعدة أسباب، أهمها :
- القرار يأتي بعد سنة مالية بيضاء عاشها المغرب نتيجة تأخير قانون المالية عن موعده بخمسة أشهر، وهو ما أثر بشكل كبير على نسبة النمو التي انتقلت من 5,6 % سنة 2011 إلى 2,4% سنة 2012. مما أدى إلى ركود اقتصادي ترتب عنه ارتفاع في معدل البطالة، حيث أن الاجمالي الصافي لفرص الشغل التي خلقها المغرب سنة 2012 (الفرق بين المناصب الجديدة والمناصب المفقودة) لم يتعدى ألف منصب شغل.
- القرار سيؤثر على كل المؤشرات الاقتصادية التي اعطت الحكومة تقديراً لها في قانون المالية لسنة 2013, لأن كل التوقعات بنيت على نسبة استثمار عمومي معينة وعندما تقوم الحكومة بتغيير المعطيات فكل المؤشرات ستتغير تلقائياً. يعني أن نسبة النمو المتوقعة يجب أن يعاد النظر فيها، وبالتالي إعادة النظر في كل المؤشرات لسنة 2013.
- الاستثمار العمومي يعتبر طاقة نجاة بالنسبة للمقاولات المغربية في مرحلة الأزمة التي تؤثر مباشرةً على القطاع الخاص، وعندما تخفض الدولة من قيمة الاستثمار فإنها تؤثر مباشرة على رقم المعاملات الذي من المفروض أن تحققه المقاولات المغربية. وبالتالي ستؤثر على نسبة مناصب الشغل التي كان من المفروض أن تخلقها هذه المقاولات وعلى نسب استثماراتها كذلك. في الاقتصاد جميع المؤشرات مترابطة وأي تغيير في أحد المؤشرات يؤثر بشكل تلقائي على الباقي.
- تبرير الحكومة لقرارها بكون نسبة انجاز الأستثمار العمومي لا تتعدى 70% سنوياً وبالتالي يمكن تخفيض قيمتها هو عذر أقبح من زلة، لأن الحكومة يجب أن تعالج الأسباب التي تحل دون انجاز الاستثمارات العمومية بنسبة 100%. الحكومة اختارت القرار السهل الذي لن يحرك الشارع لكنه سيعمق أزمة الاقتصاد المغربي بلا شك.
إذاً نحن نعيش ارتجالية في القرارات وانعدام جرأة لمباشرة الإصلاحات الاقتصادية الحقيقية وإفلاس فكري وإبداعي لهذه الحكومة.
يجمع كل المتتبعين للشأن الحكومي على أنٌ السياسة التي تنهجها حكومة عبد الإله بنكيران تجرٌ البلاد نحو الإنهيار، فهل فعلاً وصل الإقتصاد المغربي إلى درجة ما تحت الصفر وأضحى مهدد بالسكتة القلبية؟
خالد أشيبان: ما يجب أن يفهمه السيد رئيس الحكومة و وزراءه هو أن رفع تحدِّي الظلم الاجتماعي يكون من خلال خلق الثروة, يعني أن عجلة الاقتصاد يجب أن تدور و تخلق فرص للشغل للشباب و تزدهر أنشطة المقاولات المغربية لتستطيع منافسة المقاولات الأجنبية. و بالتالي تزدهر مداخيل الدولة لتستطيع مواجهة تحديات ارتفاع أسعار المواد الساسية و صندوق التقاعد و الفقر و الهشاشة, و إيجاد الموارد الكفيلة بإصلاح منظومة التعليم و الصحة و العدالة.
أي أن ازدهار الاقتصاد هو الحل من خلال استراتيجية واضحة المعالم, و جرأة سياسية على مباشرة الإصلاح و محاربة الفساد. و الازدهار لا يتم عبر الحلول الترقيعية كالتخفيض من ميزانية الاستثمار العمومي, بل بمواجهة المشاكل الحقيقية و المشكل الحقيقي اليوم الدي يهدد مالية الدولة هو صندوق المقاصة و الصناديق السوداء التي تصرف في الخفاء.
ما هي السيناريوهات المقترحة لإصلاح صندوق المقاصة ؟
خالد أشيبان: المشكل في صندوق المقاصة ليس من يستفيد منه. بل المشكل الحقيقي هو السبب الذي يجعل من هذا الصندوق ضرورة اليوم. الصندوق موجود اليوم لأن القدرة الشرائية للمغربي ضعيفة ولأن تنافسية المقاولة المغربية ضعيفة كذلك. يعني أن إصلاح الصندوق يجب أن يكون في إطار استراتيجية اقتصادية شاملة ترفع من تنافسية الاقتصاد والمقاولة المغربية، وتحسن القدرة الشرائية للمغربي لكي لا يبقى رهينة لصندوق الدعم.
اليوم القدرة الشرائية للمغربي ضعيفة لأن جزء كبير من دخله يصرفه على خدمات من المفروض أن توفرها الدولة كالمدرسة العمومية والمستشفى العمومي والنقل العمومي، وعندما ستتحمل الحكومة والجماعات الترابية مسؤوليتهما سيتمكن المغربي من توجيه دخله نحو الاستهلاك الحقيقي وليس الخدمات الأساسية.
أما بالنسبة للمقاولات المغربية، فالأمر معقد لأن الرفع من التنافسية يتم من خلال استراتيجية توجيهية للحكومة تعطي أولوية لقطاعات تميز المغرب عن الدول المنافسة له، ومن خلال إصلاح المنظومة التعليمية والجامعية لتجد المقاولة العولق والسواعد المنتجة، ومن خلال محاربة الرشوة والفساد لتتمكن المقاولة من الحصول على الصفقات التي تستحقها دون مشاكل، ومن خلال إيجاد مصادر التمويل للمقاولات الصغرى والمتوسطة. اليوم الدولة تقترض داخلياً مع أن نسبة الادخار ضعيفة جدا، وبالتالي تستحوذ على الأموال التي يجب أن تخصص لتمويل المقاولات، وهذا مشكل كبير.
خلاصة القول هو أن اصلاح المقاصة يجب أن يكون نتيجة طبيعية لاصلاح شامل للمنظومة الاقتصادية، ونموذج النمو المتبع اليوم أثبت محدوديته و لم يعد يخلق الثروة. و كما قلت سابقاً رفع تحدي الظلم الاجتماعي يكون من خلال خلق الثروة.
هل يضطر رئيس الحكومة في ظل الأزمة العالمية التي أرخت بظلالها على المغرب لتشكيل حكومة إنقاذ وطني؟
خالد أشيبان: أول حل لمواجهة الأزمة هو الاعتراف بالفشل وإعادة النظر في الحلول المتبعة إن كانت هناك حلول مقترحة أصلاً، وحكومة بنكيران اليوم فاقدة لكل شيء ولا تمتلك الحلول لمواجهة الوضع المعقد. نحن نستهلك اليوم نفس الخطاب الذي أثقلنا به السيد بنكيران أيام كان في المعارضة، والواضح هو أنه اليوم لم يستوعب بعد مكانه الجديد وما ينتظره منه الشعب المغربي.
يجب أن تتحمل الحكومة الحالية مسؤوليتها كاملةً، وأن توفي بما وعدت المغاربة به.