زنقة 20
بقلم: حسناء أبُوزيد
ليس الأمر بالسهولة التي يجعلنا نقترح الصيغ التالية : كيف تكتشف انفصالياً في خمسة أيام أو بعد ثلاثة تصريحات أوفي غضون موقفين ؛ نعرف أن العرض كان سيكون مغرياًإذا توفق فريق الأبحاث في تطوير تكنولوجيا الكواشف التقنية بآليات

متطورة ومن الأفضل رقمية ؛ تتلقى الأوصاف وتقيم المواقف وتصدر الحكم أوتوماتيكياً؛ وتكفي البيئة شر التركيبات الكيميائية وجرعاتها المعقدة؛ وتختصر على المُنَقِبين جولات من البحث ؛ إلا أننا وفي أفق تطوير الأبحاث نقترح على الراغبين في اكتشاف انفصاليين في محيطهم الخطوات التالية :

١- يشترط في الراغب في استعمال تقنياتنا؛ الكثير من الانغلاق وقدر مهم من التسرع؛ وووثيقة مختومة من بنك الأحكام الجاهزة ؛ ورصيدمحترم من الخلفيات ؛وصك تأمين ضد وباء التقدمية ؛ وشهادة تجريع لقاحات ضد داء التنوع وسعال التعدد وفيروس الديمقراطية ؛ كما يشترط في زبنائنا تقديم ما يكفي من وثائق تُثبت براءة الذمة من إمكانية التحاور ؛ أو التبادل وأي إلمام بالتاريخ .

٢- النجاعة العلمية تتطلب تحديد العينة ومعايير الاستهداف ؛وإعمال الحكامة ؛ إذ لا تحاول أن تضيع وقتك أو آلياتنا في البحث عن انفصاليين بين صفوف النخب التي لا تنتقد ولا تتدخل ولا يهمها محاربة الفساد وأو ربط المسؤولية بالمحاسبة ؛ والتي لا يعنيها التغيير ولا يؤرقها فك العزلة السياسية عن المناطق الجنوبية ؛ ولا يسائلها تفعيل الدستور.

٣- أهم مافي تقنياتنا المتطورة ؛ أنها تعتمد وسائل الاستباقية والبداهة ؛ وتعتمد على ذكاء زبنائنا إذ يكفي أن تكتشف في مُحاورك -مشروع البحث- أي تزحزح عن لغتنا الخشبية المتينة ؛أو استعمال ٍلتعابير كونية أو مبادئ حقوقية ؛أو انتقاد لتدبير قضية وحدتنا الترابية ؛ أو تحليل لماهية الإجماع مادامت الوثيقة الدستورية تسطر الثوابت ؛ أو أي حديث يعنى بتعثر الإصلاحات في الإدارة في المناطق الجنوبية ؛فالأمر يتطلب المرور الى الخطوة الموالية واحترام الدليل الذي بين يديك ..!

٤- نجاح هذه الخطوة مرتبط بكفاءاتك وحدسك ؛ إذ يتطلب الأمر أن ترفع عقيرتك بالصياح بكل ما تعرفه عن الانتماء الى الوطن وإلى الوطنية ؛ وأن تسرد على مسامعه التضحيات الجسام دون أن تنسى النبرة الاستنكارية والنكهة التخوينية التي ستضغطه لا محالة ؛ مما سيسهل معه المرور الى خطوات أكثر تقدماً.

٥- لا شك أنه-مشروع بحث الانفصالية - أصبح يفقد توازنه أمام ترافعك الخاشع وتحت ضغط ثقتك التي يعضدها صوتك العالي وصراخك وتدافع الحجج الدامغة التي تشد وثاقه خصوصاً إذا زاوجتها بأحكامك الجاهزة ؛ والتي يمكن اسقاطها بسهولة عليه مادمت معافاً من أوبئة أزمنة التنوير وملقحاً ضد الوسائل الحديثة في تدبيرالاختلاف؛ وفي هذه الخطوة بالضبط ؛ يمكنك أن تستعمل مهارات من قبيل تأويل المواقف ؛ وخلق روابط وصنع اسقاطات ؛ وتحوير العبارات ؛ أهم المحاذير في هذه اللحظة بالضبط : هو الاحتكام لصوت العقل أو الموضوعية أو العقلانية ؛ كلها أطعمة محرمة على مستعملي آليتنا ؛ إذ غالبا ً ما تشوش على الأداء ؛ و ترجع الى جادة الصواب ؛ وتضيع نسق خطواتنا الثابتة للاجابة عن السؤال.

٦- رغم أن هذه الخطوة اختيارية وليست إجبارية ؛ إلا اننا نحبذ إدراجها ؛ تماشياً مع المعايير الدولية ودلائل حسن الإنجاز التي تنص على ضرورة قمع محاورك-موضوع البحث- وتسفيه دفوعاته وإضعاف قرينته ؛ بتوجيه اتهامات مباشرة بالازدواجية وغموض المواقف ؛ ولا بأس من تكثيف حملات متنوعة

تشدد الخناق عليه وتشد وثاق أفكاره ؛ ولا مانع من رميه ببعض النعوت والتوصيفات؛ العامة والتي ليس من الضروري أن تكون حقيقية ؛ ولا تترك مجالا للتراجع وابذل ما تستطيع من الديماغوجية للنيل منه؛ وحذار من تأثير صوت الضمير على تقدمك .

٧- يجب أن تتحسر على ضعف مستواه ؛ وهشاشة تكوينه وعى أسباب نزوله ؛ وأن تتأسف على أوضاع الوطن والسياسة والأحزاب ؛ وطبعا لازمة المجتمع المدني ؛ فهذه مرحلة فارقة لا تفصلك إلا برهة عن اكتشاف الانفصالي...، من المستحب أيضاً أن تحصن حواركما بعيداً عن المتابعين ؛ وأن تقتطع منه كل ما من شأنه إلحاق الوهن بحجتك أو الدعم لهرطقاته.

٨- لا تتوانى في توجيه كبيرة نسف الإجماع ؛ وانتهاك التوافق؛ وادفع بتهمة التشويش المنهج لصالح "الآخر" ؛ فهي تعتبر الفيصل ؛ وغالباً ما تحسم النزال لصالحك.

اذا امتثلت للخطوات التي يفصلها دليلنا؛ يمكن أن تكتشف كثيراً من الانفصاليين ؛ في جوارك ومن أصدقائك وفي زملائك في العمل ؛ومن بين شخصيات عمومية ؛ صحفيين وإعلاميين ومثقفين وأكادميين وخصوم سياسيين ؛ ستبرهن آليتنا على وجاهتها؛ إذ ستضيق جعبتك بتهاطل النتائج والمنجزات ؛ وستنجح دون شك في زعزعة تماسك محيطك ، وحتما ستأخذ باستحقاق ؛ ترخيص إقامة مايكفي من محاكم تفتيش ؛ وأختام شهادات الوطنية وسجلات الخيانة؛ وطبعاً السجل التجاري ورقم الإيداع إضافة الى إعفاءات ضريبية تحفيزية ؛ وستؤازرك أبحاثنا في المضي الى الأمام من أجل مأسسة مصادرة كل الحريات وكل الحساسيات والحق في الإختلاف ؛ وما دمت زبونا مخلصاً؛ فتستحق أن نبشرك باصداراتنا المرتقبة ؛ تحت عنوان ؛ كيف تكتشف لا دينيا في غضون قراءتين ؛ وكيف تتعرف على خائن من تسريحته ؛ وكيف تترصد تقدمياً من مشيته وكيف تتعرف على مفسد من نوعية طعامه ؛ ومقاوم للإصلاح من لون بشرته ومستوى السكر في دمه ...!