خالد الجامعي: سميرة سيطايل كانت شجاعة وتحدّت ادريس البصري وزيـان هاجم حملة التطهير بدون لغة خشب
زنقة 20
- إلى جانب «لوبينيون»، ما هي المنابر الإعلامية الأخرى التي تصدت لحملة التطهير، وأساسا لموضوع الدم الملوث؟
خالد الجامعي:< من النزاهة التاريخية أن أذكر الدور المهم الذي لعبته آنذاك سميرة سيطايل، لأنها امتلكت في ذلك الوقت الشجاعة لتستضيف نفيسة بنشمسي وحكيمة حميش في برنامج تلفزي على القناة الثانية، لتقولا بأن قصة الدم الملوث قضية مختلقة ولتثبتا ذلك بالبراهين والحجج العلمية. وفي الحقيقة، كان ذلك عملا جريئا من طرف سميرة سيطايل، فقد تحملت مسؤولية كبيرة وقامت بمجازفة أكبر، متحدية نفوذ ادريس البصري الذي كان نفوذا مطلقا.
- استضافتك القناة الثانية أنت أيضا لمناقشة موضوع حملة التطهير، في حلقة لا تنسى من برنامج تلفزي، إلى جانب محمد زيان، وزير حقوق الإنسان حينها؟
خالد الجامعي:< بالفعل، تمت دعوتي لأتحدث عن حملة التطهير، ليس في برنامج تلفزي وإنما على هامش النشرة الإخبارية الرئيسية، على أساس أن أكون الضيف الوحيد، لكن وبينما كنت أستعد للذهاب إلى مقر القناة الثانية تلقيت اتصالا هاتفيا يقول إن الوزير زيان يريد أن يعبر عن موقفه في إطار الموضوع الذي كنت سأتحدث عنه، وقد كان المـُتصل أحد المكلفين بإعداد نشرة الأخبار، فسألني عما إن كنت موافقا على منح وزير حقوق الإنسان بضع دقائق من الحيز الزمني الذي كان مخصصا لي، فوافقت مع أنني كنت أعرف مواقفه الموالية للمحيط الملكي، لكن مفاجأتي كانت كبيرة عندما بدأ زيان يستنكر طريقة إدارة حملة التطهير وينتقد التجاوزات التي تمارس من طرف وزارة الداخلية بكل شجاعة، وقد التفت إليّ مقدم النشرة يسألني عن رأيي في ما قاله زيان، فلم أُخْفِ اندهاشي من موقفه، وعلقت بأن تلك هي المرة الأولى التي أرى فيها أحد وزراء الملك لا يتحدث بلغة الخشب ولا بخطاب جاهز، وقد تحمس زيان خلال المناقشة وراح يعبر عن موقفه دون تحرُّج، فلم يكن يبحث عن صيغ لغوية ليخفف من شدة ما كان يقوله. وعندما انتهت النشرة مازحته قائلا: «من الأجدر أن تقدم استقالتك، فبعد الذي قلته يستحيل أن تبقى وزيرا». وبالفعل، في اليوم التالي علمت بأن زيان قدم استقالته، أو أُكرِه على تقديمها، لأن الوزراء في المغرب يُقالون ولا يستقيلون.
- ما هي التطورات التي عرفتها قضية الدم الملوث بعد إثارتها إعلاميا وتكذيبك أنت وغيرك بالحجج العلمية ما تمّ الترويج له رسميا؟
خالد الجامعي:< إلى جانبنا، أنا ونفيسة بنشمسي وحكيمة حميش، انضاف ماو برادة، وأصبحنا نشكل جبهة للتصدي لمزاعم وزارة الداخلية في هذا الموضوع.
- ما هو الدور الذي قام به ماو برادة في هذه القضية؟
خالد الجامعي:< ماو برادة كان طرفا مهما في عملنا بعدما تولى مهمة الدفاع القضائي عن بن عبد الرازق، وقد كاد ذلك يكلف ماو حريته، لأن القاضي أخذ يشتمه ويصرخ في وجهه خلال إحدى جلسات محاكمة بن عبد الرازق، فانفعل ماو وأخذ ملف أوراق كان أمامه وقذف به في وجه القاضي، وقد كان ذلك عذرا مناسبا استخدمه القاضي ليطلب من رجال البوليس القبض على ماو برادة وإيداعه السجن بتهمة التطاول على هيئة القضاء، لكن الأمر لم يتم لأن المحامين الحاضرين في القاعة التفوا حول ماو برادة ومنعوا رجال الشرطة من الوصول إليه. وفي نفس الفترة، كان سيتم القبض أيضا على المحامي عبد الرحيم برادة.
- هل كان عبد الرحيم برادة يترافع بدوره في قضية بن عبد الرازق؟
خالد الجامعي:< لا، بل كان ينوب عن حكيمة حميش ونفيسة بنشمسي.
- هل كانت الاثنتان متهمتين أيضا في إطار نفس القضية؟
خالد الجامعي:< بعدما اتخذت قضية الدم الملوث بعدا أكبر، وحقق الذين يتصدون للأطروحة الرسمية نصرا إعلاميا من خلال دحض وتفنيد ما كانت تخطط له الدولة، صارت كل من حكيمة حميش ونفيسة بنشمسي تتلقيان تهديدات، فقد حدث أن تلقت حكيمة حميش مكالمات هاتفية قيل لها فيها: «لا يجب أن تنسي أن لديك أطفالا، من السهل أن تدهسهم سيارة فينتهي الأمر»، وغير ذلك. لقد تعرضت الاثنتان حقيقة لضغوطات كبيرة، لذلك قررتا رفع دعوى قضائية.
حلقة من كرسي الإعتراف على يومية المساء