زنقة 20

مثلما تفجرّت فجأة, زوال يوم السبت الماضي, انتهت, كذلك فجأة, فصول التحقيق مع حفصة أمحزون في الساعات الأولى لأول أمس الثلاثاء, دون أن تتسرب أي معلومات مؤكدة أو دقيقة عن طبيعة التهم الموجهة إليها و دون أن تصدر السلطات القضائية أو الأمنية بلاغا للرأي العام لتوضيح تفاصيل ما جرى خلال الفترة التي قضتها المرأة الحديدية متنقلة بين مركز الشرطة القضائية بخنيفرة, فالمستشفى الإقليمي بنفس المدينة و منه إلى المستشفى العسكري بمكناس التي خرجت منه في اتجاه مقر ولاية الأمن بالحاضرة الإسماعيلية. 
ساكنة خنيفرة التي تابعت فصول الواقعة بكثير من الترقب و الاهتمام, ظلت طيلة يوم الثلاثاء, تنتظر تأكيد ما بدا في الوهلة الأولى كإشاعات انتشرت هنا و هناك حول الإفراج عن حفصة أمحزون و عودتها في الساعات الأولى لفجر ذاك اليوم إلى منزل العائلة بحي الأمل المعروف شعبيا بالفيلات دون أن يتضح مدى قيام النيابة العامة بإعمال المسطرة ضد المرأة القوية بالأطلس المتوسط و متابعتها قضائيا, خاصة بعد بارقة الأمل التي حملتها تطورات نهاية الأسبوع الماضي, لعدد من الضحايا الذين تقدموا بشكايات ضد المعنية لدى النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بخنيفرة.
و هي الآمال التي بددتها  الخرجة الإعلامية المفاجئة لمحامي حفصة أمحزون التي هدد فيها بأن “رؤوسا كبيرة ستسقط على خلفية أخطاء ارتكبت في حق موكلته… و أن أخطاء وقعت في المسطرة لم يتم تصحيحها إلا بعد تدخل وزارة العدل و الحريات التي وضعت يدها على الملف, و اكتشفت فيه عددا من الأخطاء التي أدت إلى تعقيد الأمور”. و هي التصريحات التي استغربت لها مصادر قانونية قالت “للأحداث المغربية” إنه إذا ثبت هذا الكلام فإنه يعني اتهاما خطيرا و ضربا باستقلالية السلطة القضائية. لأن التصريحات الصحافية للمحامي توحي بأن التحقيقات مع حفصة أمحزون كانت بدون إذن من النيابة العامة.
من جهتها كشفت مصادر مطلعة “للأحداث المغربية” عن شكوكها في أن يكون  الاستماع إلى حفصة أمحزون، وراءه تحريك من طرف وزارة العدل أو غيرها للشكايات المقدمة ضد المعنية بالأمر، مستدلة على ذلك بكون التدابير الأمنية الاستثنائية التي واكبت استدعاء حفصة أمحزون للاستماع إليها بمركز الشرطة القضائية أكبر من تكون قد جرت لمجرد قضايا عادية معروضة أمام المحكمة, مستشهدة كذلك بالمشهد الدرامي الذي عرفته جلسة الاستماع لحفصة لحظة انهيارها العصبي المفاجئ أثناء التحقيقات, و ما تلاه من تلاسن حاد, استنادا إلى  المصادر ذاتها, بين الطبيب المعالج و مسؤول كبير في المخابرات رفض الامتثال لتعليمات الطبيب القاضية بضرورة نقل حفصة أمحزون إلى المستشفى لتلقي العلاجات في الوقت الذي أصر فيه المسؤول الأمني بشدة على مواصلة التحقيق معها,و هو السجال الذي كاد يتطور إلى ما لا تحمد عقباه, لولا تدخل والي الأمن شخصيا و حسمه الموقف نهائيا لصالح استدعاء سيارة الإسعاف لنقل المريضة و تأجيل جلسة التحقيق, التي كان محمد علي اقسو عامل إقليم خنيفرة حريصا على متابعة أدق تفاصيلها، حسب  المصادر ذاتها، التي كشفت كذلك أن العامل أشرف بنفسه على توفير سيارة الإسعاف المجهزة طبيا التي قامت بإجلاء المريضة في اتجاه المستشفى العسكري مولاي إسماعيل بمكناس.
و بدوره عقد مكتب الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بخنيفرة  اجتماعا, مساء يوم الثلاثاء, لتدارس التطورات الأخيرة و التغير المفاجئ في طريقة تعامل السلطات الأمنية و القضائية مع حفصة أمحزون,أصدر في ختامه بيانا أكد فيه أنه  “و في غياب أي بلاغ من طرف الجهات المعنية بالاعتقال فإننا و إلى حدود كتابة البيان نجهل كعموم المواطنات و المواطنين التهم الموجهة للسيدة حفصة أمحزون و الجهة التي أمرت باعتقالها”.و بناء عليه طالب مكتب الجمعية الوكيل العام “بصفته المسؤول الأول عن النيابة العامة جهويا بإصدار بلاغ لتنوير الرأي العام حول الأسباب و التهم المرتبطة باعتقال السيدة حفصة أمحزون”مع تذكير وزير العدل و الحريات بمراسلات الجمعية لوزراء العدل منذ 2009 حول الملفات العالقة المرتبطة بالشكايات التي وضعها مواطنون و مواطنات ضد  حفصة أمحزون دون أن تجد هذه الملفات طريقها إلى القضاء, و تجديد مطالبة الوزير بتحريك المسطرة و إعمال القضاء في الملفات المرتبطة  بالمعنية بالأمر إنصافا للضحايا, و التدخل الفوري لفتح تحقيق عاجل في هذا الموضوع, قصد تحديد المسؤوليات في هذه الانتهاكات المستمرة للقانون, و ترتيب الجزاءات في حق المخلين بواجباتهم في حماية أمن و سلامة المواطنين و المواطنات احتراما للحق و تطبيقا للقانون”. حسب  البيان ذاته.