زنقة 20 . متابعة

تنقال فايسبوكيون مند أمس السبت تعليقات كثيرة عن الحفل الموسيقي الدي أحيته المغنية الشهيرة "جيسي جي" و التي نقلتها القناة الثانية "دوزيم".

فقد تناقل الفايسبوكيون صوراً و مقاطع فيديو للمغنية، تظهر فيها و هي ترتدي ملابس داخلية فقط، دون سروال فوق خشبة السويسي وسط الرباط، أمام أنظار الألاف و الملايين عبر العالم.

و قال الفايسبوكيون، أن حكومة "بنكيران" نسيت أن المغرب دولة اسلامية، فيما نقل أخرون أن "الملتحون و كبار الشيوخ المتخصصون في الهجوم على "عصيد" و العلمانيين بلعوا ألسنتهم و لم يصدر عنهم أي تعليق بظهور مغنية بـ"سليب" على الهواء مباشرة من الرباط.

ايلاف : تناقض تشريعي فاضح في المغرب، فالدولة تجد نفسها بين فكي كماشة حسب خبراء... فك الدستور الذي لا يقر بحرية الاعتقاد، وفك فتوى المجلس العلمي الأعلى الذي أفتى بقتل من بدل دينه بعد أن كفّره.  وهذا يحيل إلى أن حرية الاعتقاد تضمنها القوانين المغربية فقط لغير المواطنين المسلمين، وما عدا هؤلاء، فإن القانون الجنائي يعاقب كل من غيّر دينه.  يؤكد باحثون في التيارت الدينية وجود حرية الاعتقاد في المغرب، قياسًا على باقي الدول العربية، ويرون أن إعداد تقارير حول حرية التدين إنما يدخل ضمن رسالة ضغط، محذرين من عدم تحكم الدولة في مسار الخريطة الدينية للمغرب الذي قد يؤدي إلى فتن.  تاريخ من التسامح الديني  أشاد تقرير الخارجية الأميركية حول الحريات الدينية في العالم لسنة 2012، بجهود الرباط في مجال محاربة التطرف الديني، وتعزيز الحريات الدينية، بفضل ما قال التقرير: "ضمانات دستورية وشرعية تسمح بحرية المعتقدات الدينية بالمملكة".  وصف التقرير الأميركي التدين السائد بالمغرب بأنه "إسلام معتدل ومتسامح، وهو ما تؤشر عليه حرية المعتقد التي يتمتع بها اليهود المغاربة والجاليات المسيحية الأجنبية"٬ مبرزًا بأن اليهود والمسيحيين مسموح لهم في البلاد بأداء شعائرهم الدينية "دون أي تضييق".  ويرى الباحث في شؤون الحركات الإسلامية سعيد لكحل وجود حرية الاعتقاد في المغرب قياسًا بباقي الدول العربية خاصة تلك التي عرفت الربيع العربي.

وأضاف لـ"إيلاف": "على مدى تاريخ المغرب، كان اليهود والمسيحيون يمارسون شعائرهم الدينية بكل حرية، وكانوا  يشيدون دور عبادتهم ويرممونها دون عراقيل، بل إننا نجد في كثير من المدن وجود المساجد بجوار الكنائس، دون أن يجد المغربيون المسلمون في الأمر حرجًا، بل كان عنوان التسامح الذي يميز الإنسان المغربي."  وشدد على أن حرية الاعتقاد كانت مضمونة لغير المسلمين، أما المغربي المسلم بالوراثة فإنه كان يجد حرجًا في إعلان اعتناقه للدين المسيحي قبل ظهور التيارات المتشددة.  وأشار إلى أن المغربيين "كانوا لا يرضون على من غيّر دينه، لكنهم لم ينبذوه ولم يسمحوا بقتله،  كان هذا النوع من التسامح سائدًا حتى مع الذين يفطرون رمضان عمدًا ودون عذر"، بحسب لكحل.  بالأرقام  أشار التقرير الدوري للخارجية الأميركية حول الحريات الدينية لعام 2012، إلى أن نسبة المغربيين المسلمين السنيين بلغت 66%، فيما توزعت نسبة 34% المتبقية بين المسيحيين واليهود والمسلمين الشيعة والبهائيين، مضيفًا أن حوالي 4 آلاف مغربي مسلم ارتدوا نحو المسيحية، وتحول  8 آلاف مغربي سني إلى التيار الشيعي.

ولم يفت التقرير التنويه بجهود المغرب في مجال محاربة التطرف الديني، وتعزيز الحريات الدينية.  تناقض تشريعيّ  يرى لكحل أن حرية الاعتقاد لا يضمنها القانون المغربي للمواطن المسلم "وإن كان يضمنها لغيره"، مستدلاً في ذلك على فتوى المجلس العلمي الأعلى الصادرة مؤخرًا، والتي تكفر كل من بدل دينه وتوجب تطبيق "حد الردة" في حقه.  أضاف: "هذا يثبت أن المغرب بتشريعاته يعيش تناقضًا، فمن جهة، ينص دستوره على احترام المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها كونيًا، ومن جهة ثانية، ينص قانونه الجنائي على معاقبة من يغيّر دينه أو أن يفطر في رمضان أو يبشر بالمسيحية".  ويرى أنّ الدولة تجد نفسها بين فكي كماشة: فك الدستور الذي لا يقر بحرية الاعتقاد، وفك فتوى المجلس العلمي الأعلى الذي أفتى بقتل من بدل دينه بعد أن كفّره، إذن، يمكن الجزم بأن حرية الاعتقاد تضمنها القوانين المغربية فقط لغير المواطنين المسلمين، وما عدا هؤلاء فإن القانون الجنائي يعاقب كل من غير دينه".

لا يوجد في الدستور المغربي ما يوضح مسألة حرية التدين في المغرب إلا ما يشير إليه الفصل الثالث كون أن "الإسلام دين الدولة التي تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية".  الكفر والإلحاد  يقول الباحث سعيد لكحل: "أمام غزو التيارات الدينية المتطرفة، غدا الإعلان عن تغيير المعتقد مغامرة تعرض صاحبها إما للمتابعة القضائية أو لخطر الاعتداء على سلامته البدنية".  واستدل  بحالة أحد الأساتذة الذي تم اعتقاله مؤخرًا من داخل المؤسسة التي يشتغل فيها بتهمة "الإلحاد".  مؤخرًا، تم اقتحام إحدى الثانويات في إقليم الجديدة (جنوب الدار البيضاء) من طرف دركيين كانا برفقة شخص ملتحٍ بصفته مشتكيًا لاعتقال أستاذ بتهمة الإلحاد، وتم اقتياده للتحقيق قبل أن يودع في زنزانة انفرادية، لكن بعد ضغط نشطاء جمعيات حقوق الإنسان والمجتمع المدني بالمدينة تم إطلاق سراحه في منتصف الليل. 

وأضاف لكحل: "تبين هذه الواقعة أن القانون المغربي يقر بحق كل شخص أو جهة أو الدولة نفسها بتوجيه اتهام بالكفر والإلحاد لأي شخص فسر رأيه أو سلوكه على أنه كفر، ومن ثم رفع دعوى قضائية ضده، أمر خطير حين يصير المواطنون رقباء على ضمائر الناس."

  "الإسلام هو الحل"  وفي سياق متصل، كان أحد الأشخاص المشتبه في انتمائه لتنظيم متطرف قد أقدم على طعن طالبة مغربية، وهي ناشطة حقوقية، قد تعرضت بواسطة آلة حادة من الخلف وهي تهم بمغادرة الكلية حيث تتابع دراستها في جامعة ابن زهر في مدينة أكادير(حوالي 600 كلم جنوب الرباط)، قبل أن يترك ورقة كتب عليها "الإسلام هو الحل" ويلوذ بالفرار.  واقعة فهم منها أنها إحدى الإشارات القوية للخطر التكفيري الذي بات يتهدد أمن الحريات في المغرب.  رسالة ضغط  من جهة أخرى، يعتبر الباحث في التيارات الدينية والعقدية والمذهبية عبد الله عسيري التقارير المنجزة حول حرية التدين والطوائف الدينية في المغرب بكونها تدخل ضمن رسالة ضغط على المغرب، لمطالبته بفتح هامش أكبر للطوائف والمذاهب. 

تخوف الباحث من أن يؤدي عدم تحكم الدولة في مسار الخارطة الدينية إلى فتن طائفية كما هو الحال في بعض دول المشرق العربي.  وأشار إلى أن هذه الطوائف والمذاهب تراهن على أبناء الجيل الجديد والأجيال المقبلة، لتشكيل طوائف لها فعل سياسي واقتصادي واجتماعي.  تنوّع دينيّ  كان معهد "بيو" الأميركي للدراسات والأبحاث قد أورد في دراسة له حول خريطة التدين في المغرب وجود 20.000 مسيحي حتى حدود سنة 2010، وأقل من 10 آلاف شخص من اللادينيين، ونفس العدد بالنسبة لليهود.  كما أشارت ذات الدراسة إلى وجود مجموعة تقل عن 10 آلاف مغربي يتوزعون بين البهائية، والسيخية، والزراديتشية والطاوية، واليانية وغيرها.