زنقة 20

اليوم تعقد الحكومة مجلسه الـ 70 . اجتماع يصادف مرور سنة ونصف على تنصيب تشكيلة رئيس الحكومة الاستاذ عبد الاله بنكيران الذي حصل حزبه العدالة والتنمية على المرتبة الأولى في اقتراع نونبر 2011.
اجتماع اليوم يأتي كذلك على بعد أربعة أيام فقط من انقضاء السنة الثانية على مصادقة المغاربة على دستور جديد، يعد السابع في تاريخ مغرب ما بعد الاستقلال. وهناك علاقة وطيدة بين ال 70 اجتماعا التي عقدتها الحكومة وبين الدستور . فعلى الأقل ينص الفصل 86 على «أن تعرض مشاريع القوانين التنظيمية المنصوص عليها في هذا الدستور وجوبا قصد المصادقة عليها من قبل البرلمان، في أجل لا يتعدى مدة الولاية التشريعية الأولى التي تلي صدور الأمر بتنفيذ هذا الدستور». أولا ؛ وثانيا أن الدستور وسع من اختصاصات رئيس الحكومة، وثالثا أن العديد من التزامات كل من البرنامج الحكومي والمخطط التشريعي اللذين جاءت بهما الحكومة، ترتبط في محاور عدة بتنزيل الدستور وإعمال مقتضياته التشريعية والمؤسساتية.
إن قراءة في البلاغات التي أصدرتها الحكومة عقب اجتماعاتها سيرسم لنا الصورة التالية :
أولا ؛ على مستوى القوانين .
في جرد للحصيلة هناك 62 مشروع قانون تم إعدادها أغلبها إما لتتميم أو تغيير في قوانين سابقة، منها قانونين تنظيميين فقط يتعلق الاول بالتعيين في المناصب العليا (الفصل ...49.. من الدستور ) . والثاني ما هو في الحقيقة سوى نسخة طبق الأصل تقريبا للقانون التنظيمي المتعلق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي تم إصداره سنة 2010.
إن هناك ضعفا واضحا في الانتاج، كما ونوعا، من طرف الحكومة بالمقارنة مع الالتزامات التي قطعتها الحكومة على نفسها في المخطط التشريعي والذي جاء فيه أنها ستنجز 243 نصا تشريعيا منها 40 نصا برسم تنفيذ بعض أحكام الدستور. و13 مشروع قانون تنظيمي . و10 مشاريع قوانين تتعلق بمؤسسات الحكامة . و16 إجراء وتدبيرا تشريعيا تهدف إلى ملاءمة القوانين الجارية مع أحكام الدستور .
اليوم هناك فقط نص وحيد (معطوب ) في إطار تنزيل الدستور تم إنجازه صياغة ومضمونا من طرف الحكومة، ويتعلق الأمر بالتعيين في المناصب العليا . فيما «جمدت» الحكومة حوالي 80 مقترح قانون قدمها البرلمانيون، فرقا ومجموعات وأفرادا .
ثانيا ؛ بلغ عدد الاتفاقيات والمعاهدات والبروتوكولات مع دول ومنظمات صادقت عليها المجالس الحكومية 51 نصا . إذا استثنينا ستة منها والمتعلقة بمجال حقوق الإنسان (وأسجل هنا إيجابية هذا المعطى)، فإن ما تبقى له طابع تقني محض تقريبا وأغلبه، إن لم أقل جله، وقع عليه المغرب قبل مجيئ حكومة بنكيران.
ثالثا؛ هناك تضخم في المراسيم ، إذ بلغ عددها 107. مضامينها ليس لها من الأهمية التدبيرية والإجرائية ما يبين أن هناك استراتيجية معتمدة لدى الحكومة أو توحي بأنها تساهم في معالجة مواطن الخلل التي يعاني منها هذا القطاع أو ذاك .ففي الوقت الذي كنا ننتظر أن تنتج آلة الجهاز التنفيذي قوانين مؤطرة متناغمة مع الالتزامات التي قطعتها الأحزاب المشكلة للأغلبية في برامجها الانتخابية. وفي برنامجها الحكومي ومخططها التشريعي، نجد أن الحكومة الحالية حكومة مراسيم متواضعة الأهمية.
رابعا؛ بلغ عدد التعيينات بعد إقرار القانون التنظيمي المتعلق بها أكثر من 130 تعيينا . والملاحظ أن ثلثي هذه التعيينات همت القطاعات التي يشرف عليها حزب العدالة والتنمية (التعليم العالي ، التجهيز والنقل، الخارجية، التنمية الاجتماعية، العدل، العلاقة مع البرلمان، الاتصال، الشؤون العامة، التجارة). هذه القطاعات استحوذت على ما يقارب الـ 90 تعيينا .
وهناك انتهاك صارخ للدستور في ما يتعلق بإعمال الفصل التاسع عشر منه، والذي تنص فقرتاه الثانية والثالثة على الخصوص أن « تسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء. وتُحدث لهذه الغاية، هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز».
إن نسبة النساء في تعيينات الحكومة لا تتعدى بالكاد 12 بالمائة ، بل إن قطاعا مثل التعليم العالي الذي يزخر بكفاءات نسائية لم يعين فيه سوى سيدتين أي 5 بالمائة فقط .في نفس الوقت الذي نجد فيه أن نسبة النساء بهذا القطاع تفوق 30 بالمائة والتنمية الاجتماعية التي توجد على رأسها المرأة الوحيدة في الحكومة صفر بالمائة مع العلم أن العنصر البشري النسائي يشكل 51 بالمائة بهذه الوزارة . أما قطاع الخارجية الذي يوجد به 27060 موظفا ونسبة النساء تمثل 32 بالمائة، فلم يتم تعيين أي امرأة من العشر تعيينات بالإدارة المركزية ...
خامسا؛ بالرغم من مرور 70 اجتماعا عجزت الحكومة عن إعداد القانون التنظيمي الذي ينص عليه الفصل 87 من الدستور والذي جاء في فقرته الثانية: يُحدد قانون تنظيمي، خاصة، القواعد المتعلقة بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها.
هذه قراءة أولية في نتائج مجالس الحكومة التي من المرتقب أن تعقد اليوم اجتماعها الـ 70 . إنها تعكس بطء العمل الحكومي و»ذكوريته» وضعف إنتاجيته، وتهميشه لمضامين الوثيقة الدستورية.
عن جريدة الإتحاد الإشتراكي.