زنقة 20

استقبل الملك محمد السادس، يوم (الأربعاء) المنصرم، بالإقامة الملكية بوجدة، حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، الذي قدم لجلالته مذكرة توضيحية تشرح أسباب قرار المجلس الوطني الأخير للحزب الذي أعلن انسحابه من حكومة بنكيران والاحتكام إلى الفصل 42 من الدستور.
وأوضح بلاغ للديوان الملكي أن الاستقبال يأتي عقب تدخل الملك بشأن قرار المجلس الوطني. وتسود حالة من الترقب لدى مكونات التحالف الحكومي والمشهد السياسي عما سيسفر عنه اطلاع الملك على مذكرة شباط.

وفكت يومية«الصباح» شفرات المذكرة التي تكلف بصياغتها خمسة أعضاء من اللجنة التنفيذية برئاسة توفيق حجيرة، رئيس المجلس الوطني لحزب «الميزان»، وظلت موضوع تكتم وسرية شديدين مخافة تسربها إلى وسائل الإعلام والصحافة، قبل تقرير موعد لقاء الملك بشباط أمس (الأربعاء).
وتضمنت المذكرة، الواقعة في 10 صفحات، على أبعد تقدير، تشخيصا مفصلا للأداء الحكومي صيغ في شكل 19 فقرة تشمل جميع مجالات العمل الحكومي وتدبير التحالف مع الأحزاب المشكلة للائتلاف الحكومي، ويستمد روحه من البيان الختامي للدورة الأخيرة للمجلس الوطني للحزب التي انتهت بقرار الانسحاب من الحكومة وانتظار عودة الملك من عطلته بفرنسا للحسم في ذلك بناء على الصلاحيات المخولة إليه بنص الدستور.
وخلصت المذكرة بعد تقييم عام للتدبير الحكومي وأهم الأخطاء التي ارتكبها رئيس الحكومة وبعض وزرائه، إلى أن حزب الاستقلال استنفد جميع إمكانيات التنبيه والنصح، وأوفى بجميع التزاماته تجاه حلفائه وما تقتضيه الظروف الدقيقة التي تجتازها البلاد في ظل سيادة معطيات اقتصادية واجتماعية.
وعابت المذكرة على رئيس الحكومة عدم تعاطيه الإيجابي مع مطلب حزب الاستقلال المتمثل في التعديل الحكومي الذي يتوخى منه الحزب ضخ دينامية جديدة في الفريق الحكومي، وتدارك النقائص والعجز في تدبير عدد من الملفات والقضايا، وتدارك ما سجل من ضعف في تمثيلية النساء والأقاليم الجنوبية وإعادة توزيع الحقائب الوزارية في شكل أقطاب منسجمة ومتكاملة وعدم تقسيم الوزارة الواحدة بين أكثر من وزير، وذلك حتى يسهل ترتيب المسؤولية، مع التقيد بعدد من المقاعد النيابية المحصل عليها قاعدة لتوزيع المقاعد الحكومية.
وآخذت قيادة حزب الاستقلال على حكومة بنكيران عدم الاكتراث بخطورة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، كما آخذت عليها ضعفها في قيادة الاقتصاد الوطني نتيجة عدم وعيها، وأخذها بالحزم اللازم مسؤولية تحريك الاقتصاد، كما لا تعتبر نفسها مسؤولة عن المجال الاقتصادي و«كأن الاقتصاد الوطني يسير لوحده، كما أنها منشغلة فقط بالأمور الإعلامية والسياسية».

قالت المذكرة إن الحكومة تستفرد بجميع القرارات الصغيرة والكبيرة وتستحوذ على جميع الملفات المتعلقة بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، كما تمارس الوصاية على الشعب من خلال التحدث باسمه والتهديد به نوعا من الابتزاز والتصرف في رئاسة الحكومة كرئاسة حزب.
واشتكت المذكرة المرفوعة إلى الملك من نهج أعضاء من الحكومة خطابا مزدوجا تسبب في مظاهر الشعبوية والفوضى والارتجالية والتخويف والقلق، واعتماد رئيس الحكومة لغة سياسية لا تساهم في الاستقرار السياسي من قبيل التماسيح والعفاريت وجيوب مقاومة الإصلاح.
وعابت المذكرة طغيان الهاجس الانتخابي على عمل بعض أعضاء الحكومة، إذ غلبت اعتبارات حزبية ضيقة عوض الاهتمام بالمصلحة العليا للبلاد، كما عابت على رئيس الحكومة وبعض أعضائها خطابا اتهاميا وتهديديا وترهيبيا تحت يافطة محاربة الفساد، ما خلق جوا من الارتياب وعدم الثقة والانتظارية لدى المستثمرين والأطر الإدارية والمواطنين إزاء الإدارة والمؤسسات.
ومن بين النقاط الأخرى التي أشارت إليها المذكرة:
- غموض مقاربة اقتصاد الريع والفساد من خلال التشهير بمنطق الرخص والاستمرار في منحها، سواء في قطاع النقل أو المقالع، في غياب رؤية إستراتيجية لمحاربة الفساد.
- المعارضة العلنية لبعض أعضاء الحكومة للمهرجانات الثقافية والفنية.
- السعي الممنهج والمتكرر لأعضاء من الحكومة إلى تبخيس عمل الحكومة السابقة، إذ يتم الادعاء أن العراقيل التي تواجه العمل الحكومي الحالي مردها إلى إرث الحكومة السابقة.
- التعاطي السياسوي مع موضوع الوحدة الترابية مثلما حصل في إحدى الجلسات العلنية للبرلمان، حين اتهم رئيس فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب حزبا أنه خارج الإجماع الوطني وبأنه نشاز حول قضية الصحراء.
- التأثير الدبلوماسي السلبي لبعض أعضاء الحكومة على علاقات المملكة مع بعض البلدان جراء عقد أعضاء الحكومة لقاءات مع أحزاب معارضة في إطار زيارات رسمية لبلدان أجنبية.
- الإصرار على التباطؤ في تنزيل مضامين الدستور الجديد.
- تعطيل الحوار الاجتماعي بين فرقاء الإنتاج ورفض تنفيذ الالتزامات السياسية والاجتماعية للحكومة السابقة خاصة عدم تنفيذ بروتوكول 26 أبريل 2011 في إطار الحوار الاجتماعي.
- رفض تنفيذ التزام الحكومة السابقة بخصوص ملف حاملي الشهادات العليا الموقعين على محضر 20 يوليوز، والتوقف على إعمال التمييز الايجابي لفائدة المعاقين بالنسبة إلى مباريات التشغيل من خلال حصص معينة لم تكن تتجاوز 7 في المائة منذ حكومة التناوب.
- غياب رؤية موحدة بين القطاعات الحكومية نشر مقتضيات الولوج إلى المناصب السامية وتوسع البعض في تفسير تحديد الشروط المنصوص عليها في المرسوم التطبيقي، لكي تتحول إلى شروط على المقاس، تتنافى مع مبدأ تكافؤ الفرص المنصوص عليه دستوريا.
- ثني رئيس الحكومة المستثمرين على الاستثمار في القطاع السياحي بدعوى أنه غير واعد، ولا يحظى بالأولوية لدى الحكومة.