زنقة 20

ثلاثة أسئلة لمحمد ظريف أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني – المحمدية:

* هناك تأويلات عدة لاستقبال الملك لحميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال، هل يدرج الاستقبال في نظرك في إطار الفصل 42 من الدستور؟
** يمكن النظر للاستقبال الملكي لحميد شباط من زاويتين، أولاهما سياسية والثانية دستورية. فعندما نتحدث عن الزاوية السياسية، فإنه مادام أنه لأول  مرة في تاريخ المغرب المستقل  يقدم حزب كحزب الاستقلال على اتخاذ قرار الانسحاب من الحكومة، ففي مثل هذه الحالة فإن الملك باعتباره المؤتمن على سير المؤسسات الدستورية واستقرار البلاد يمكن أن يتدخل أولا للاستماع للطرف الذي اتخذ القرار، ولذلك نحن أمام استقبال ملكي عاد لأمين عام لحزب قدم مذكرة تفسيرية لأسباب الانسحاب لأنه يمكن القول إنه بمجرد اتخاذ قرار الانسحاب فقدت الحكومة أغلبيتها.
ومن الزاوية الدستورية، فمعلوم أن الدستور يجعل الملك هو محور النظام السياسي، ويتمتع بصلاحيات يختزلها الفصل 42 الذي يعتبر الملك رئيسا للدولة والممثل الأسمى لمؤسساتها والساهر على احترام الدستور وضامنا للحريات وللخيار الديمقراطي وحكما أسمى بين المؤسسات، بمعنى آخر أن الفصل 42 لا يمكن اختزاله في صلاحيات ضمانية وسيادية بل أيضا تحكيمية،  والمجلس الوطني لحزب الاستقلال عندما اتخذ قرار الانسحاب من الحكومة أشار في رغبته الاحتكام إلى الدستور وأحال على الفصل 42 . ولذلك فمن هذه الزاوية أي باعتبار الملك الضامن لحسن سير المؤسسات برمكانه أن يتدخل وإن كان لا يمكن لحد الآن الحديث عن تدخل بل الاستماع إلى وجهة نظر حزب اتخذ قرار الانسحاب، وفي هذه الحالة يمكن أن نغلب الزاوية السياسية على الزاوية الدستورية في تفسير أو على الأقل في تحديد طبيعة هذا الاستقبال الملكي.

* هل في نظرك هذا الاستقبال هو مجرد إخبار للملك وليس طلبا لتحكيم ملكي ؟
* لايمكن أن نقول إن حزب الاستقلال سعى لمجرد تحكيم ملكي، فالإحالة على الفصل 42 من الدستور لا تعني بالضرورة طلبا لتحكيم ملكي ، لأن مقتضيات هذا الفصل تتجاوز ذلك بكثير الفصل 42 بمضمونه السالف الذكر، وعلينا أن نتذكر ما قاله الملك في  17يونيو  2011 عندما عرض مشروع الدستور على الاستفتاء وشرح مضمون الفصل ٤٢ ، حيث قدم ثلاثة أصناف من الصلاحيات الموكولة إليه بموجبه وهي صلاحيات سيادية وصلاحيات ضمانية وصلاحيات تحكيمية، لذلك عندما نتحدث عن استقبال ملكي لأمين عام حزب الاستقلال  فهذا الآخير يسعى من جهة إلى تفسير الأسباب التي ارتكز عليها الحزب في اتخاذ قرار الانسحاب من الحكومة، ومن جهة أخرى طلب تدخل الملك طبق لما ينص عليه الفصل 42، وطلب التدخل لا يعني بالضرورة طلبا لتحكيم ملكي.

* سواء كان الأمر إخبارا أو تحكيما، هل سيؤثر جواب الملك على قرار حزب الاستقلال؟
** يمكن تصور سيناريوهين ، الأول أن يقرر الملك استعمال صلاحياته وفق ما ينص عليه الفصل 42 وبالتالي فإن استعماله لهذه الصلاحيات  سيكون  ملزما لكل الأطراف خاصة ونحن نتحدث عن خلاف بين حزب الاستقلال والعدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، أما السيناريو الثاني وهو أن يفضل الملك عدم استخدام صلاحياته ويعتبر بأن ما يجري الآن هو خلاف  بين حزبين ينبغي أن يعملا على حل خلافهما بنفسيهما، وهنا قد يفعل حزب الاستقلال قرار الانسحاب من الحكومة ليسحب وزراءه منها، وعلينا أن نتذكر هنا أن حميد شباط  عندما اتخذ حزبه  قرار الانسحاب من الحكومة تلقى مكالمة هاتفية من الملك طلب منه الإبقاء على وزراء الحزب في التشكيلة الحكومية إلى حين عودته إلى البلاد، ومادام الملك قد عاد من زيارته الخاصة لفرنسا واستقبل أمين عام حزب الاستقلال، فإنه إذا قرر عدم التدخل في هذا الخلاف، فحزب الاستقلال سيفعل قرار الانسحاب، ولكن حتى في هذا السيناريو الثاني قد تأتي المبادرة من رئيس الحكومة، وقد يلجأ ابن كيران إلى فتح مفاوضات مع حزب الاستقلال من أجل إعادة النظر في أولويات السياسة الحكومية وفتح الباب أمام تعديل حكومي يرضي حزب الاستقلال.
حاوره: أوسي موح لحسن لـ الأحداث المغربية.