زنقة 20

ما كان مجرد خرجات إعلامية معزولة لحميد شباط يشبه فيها رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران بالرئيس المصري محمد مرسي قبل أسابيع، أصبح خطا ثابتا في تفكير الاستقلاليين بعد عزل الرئيس المصري.

يوم الجمعة المنصرم خصصت يومية «العلم» الناطقة باسم حزب الاستقلال مقالا مطولا في صفحتها الأولى لإحصاء أوجه الشبه بين مرسي وابن كيران، فبالنسبة للاستقلاليين يبدو رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران والرئيس المصري المعزول محمد مرسي  وجهين لعملة واحدة . فكلا الرجلين رفعا سقف الشعارات عاليا، لكن عندما أمسكا بزمام الأمور، اصطدما بإشكاليات «حقيقية» وعوض إبداع الأفكار والحلول لإصلاح ما فسد، علق مرسي في مصر شماعة فشله على «الفلول»، فيما ابتدع ابن كيران هنا بالمغرب مصطلحات من قبيل «التماسيح والعفاريت» التي اتهمها بالتشويش على تجربة حزبه، العدالة والتنمية، في قيادة الحكومة الحالية.
الاختلاف الوحيد بين مرسي وابن كيران كما تقول يومية «العلم»  يكمن  في  اختلاف في  التجربتين المصرية والمغربية، فالأولى  قامت  على «أنقاض نظام فاسد ألقى به الشعب إلى المزبلة»،  فيما حمل النموذج المغربي المتفرد  في «التعاطي مع الحراك وتدبير التجاوب مع مطالب الإصلاح»، حزب العدالة والتنمية  إلى رئاسة الحكومة، لكن عدا ذلك فإن السلوكات والممارسات الصادرة عن كل من مرسي وابن كيران، تشي بأن الرجلين ينهلان من معين واحد كما ألمحت لذلك  جريدة«العلم» التي رصدت أوجه الشبه بين الرجلين.
بمصر رفع  مرسي وإخوانه سقف الإصلاحات عاليا كما قدموا أنفسهم في «ثوب الأنبياء الذين سيخلصون مصر وشعبها من جميع المحن»، حسب الافتتاحية، و الشيء  نفسه بالنسبة لابن كيران ووزرائه الذين غلفوا أنفسهم بـ«غلاف إنساني»، لكن دون أن يقدم «الإخوان» هنا وهناك إنجازات تذكر على مستوى مواجهة المعضلات الاقتصادية والاجتماعية، بقدر ما عمدوا إلى جلد الماضي لـ «استدرار مشاعر الناس المهووسين بالانتقام من الماضي الذي يقدم لهم بسواد قاتم» تقول افتتاحية «العلم».
التنكر للحلفاء خصلة مشتركة كذلك بين كل من مرسي وابن كيران. فحسب الافتتاحية، تنكر «الإخوان» في مصر لأحزاب المعارضة ولمختلف حساسيات الثورة من الذين وقفوا إلى جانبهم، حيث ما أن دخل مرسي إلى القصر الرئاسي، حتى تنكر للجميع، وغدا يستمد القرارات على مستوى التعيينات وكذلك على مستوى الملفات الاقتصادية والاجتماعية من  المرشد العام للإخوان ، لينفض الجميع من حوله بمن فيهم حلفاء حزب النور السلفي، وهو  المنحى  نفسه الذي سلكه ابن كيران، تخلص «العلم» مشيرة إلى أن ابن كيران عندما وصل لقيادة الحكومة،  «سارع إلى  الاستفراد بجميع القرارات» فيما أسند الملفات الكبرى إلى وزراء حزبه، في الوقت الذي يظل يتجاهل تنبيهات ومذكرات حلفائه، تستطرد الافتتاحية في إشارة إلى رد ابن كيران على مذكرة حزب الاستقلال بعبارة «مامسوقينش».
في مصر كما في المغرب دخل مرسي كما ابن كيران في مواجهات مع القضاء ووسائل  الإعلام، وكل من تعرض إليهما بالنقد، فهو إما من فلول النظام السابق بالنسبة للرئيس المصري المعزول أو من التماسيح والعفاريت بالنسبة لرئيس الحكومة المغربية، في الوقت الذي يطلقان العنان للسانيهما، في وجه آخر للتشابه بينهما، لمهاجمة الجميع من خلال خطبهما الطويلة و التي تمتد لساعات ،تضيف الافتتاحية، مستنتجة أن  كلا من مرسي وابن كيران تصرفا كرئيسي  حزبين وليس كرئيسي حكومتين، لا أدل على ذلك من كون الرئيس المعزول، لم يتحرج في إحدى المرات من ترؤس تجمع لأنصاره، في الوقت الذي ذهب ابن كيران أبعد من ذلك عندما تكلم في محفل دولي كرئيس حزب «يشتكي فيها بلده لأجانب»، في الوقت الذي لم يجد غضاضة في تقمص دور «نقابي» يرفع المطالب خلال احتفالات نقابته بفاتح ماي الأخير، تتهم «العلم» مختتمة  افتتاحيتها بالقول :  «هناك  بمصر.. نزل الستار، أما هنا فلايزال الستار مرفوعا.