زنقة 20

ابتكروا أساليب ذكية للهروب من «الحبس».. منهم من ألقي عليه القبض ومنهم من فر بجلده، لكنهم جميعا يلتقون في وصف »الهروب الماكر«

فرار 1955

عرفت فترة الاستعمار عدّة عمليات فرار من السجون التي كان يديرها الفرنسيون آنذاك. ومن المقاومين الذين اشتهروا بفرارهم أكثر من مرة من قبضة السجانين عبد السلام الجبلي ورحال المسكيني وبن بوبكر ( الاسم الحركي للفقيه البصري).
وقد شكلت عملية الفرار من السجن المركزي بالقنيطرة في شهر شتنبر 1955 حدثا هاما، وهي العملية التي أسالت المداد على صفحات الإعلام الفرنسي والدولي وقتئذ. إنها كانت أضخم عملية فرار من أكبر سجن في شمال إفريقيا آنذاك، وحدثا تاريخيا وعملا بطوليا ساهم فيه ثلة من رجالات مدينة القنيطرة ( بور ليوطي)، سواء منهم الذين أعدوها أو نفذوها أو تكلفوا بإيواء الفارين والتستر عليهم . ظل هؤلاء جنودا مجهولين، وأغلبهم تَمّ التنكر لهم ولدورهم، بل لم يكلفوا أنفسهم عناء ذكرهم في كتاباتهم وشهاداتهم.
رفض سجناء الحركة الوطنية والمقاومة المكوث خلف القضبان في سجون كان يتحكم فيها أفراد تابعون للمنظمة الإرهابية "الوجود الفرنسي"، الذين يكنون العداء الأعظم لكل مغربي يسعى إلى الحرية، علما أن هذا التنظيم تشكل أساسا من أغنياء المعمرين الفرنسيين الذين دأبوا على تشجيع أبنائهم والشباب الفرنسي على الانضمام إلى صفوف رجال الأمن وحراس السجون للتنكيل بالتواقين للحرية وطرد المستعمر، وكبح جماحهم باعتماد القمع.
حسب الكثير من المهتمين بتاريخ المقاومة والكفاح من أجل الاستقلال، يعتبر عبد الله الخصاصي من أهم مدبري عملية الفرار، وهو الذي روى تفاصيل عملية الهروب، إذ تكلف بالإعداد لها كل من سي بوبكر ( الفقيه البصري) وعبد السلام الجبلي بمساعدة المختار الطنجاوي، أحد أشهر سجناء الحق العام بين نزلاء السجن، وولد الوزانية والسجين الألماني "هيس". وكان المختار رجل ثقة في عيون إدارة المعتقل يساعد الحراس على إغلاق أبواب الزنازن، وهو الذي أقنع "هيس" والسجين امحمد المير بصنع مفتاح الزنازن.
كان من اللازم توفير المال لتوزيعه على الفارين وكذلك السلاح لاستعماله عند الضرورة ووسائل النقل، وكانت زوجة الشهيد أحمد الصباغ هي التي سربت السلاح إلى السجن.
وفي شتنبر 1955، اتصل الفقيه البصري (سي بوبكر) بعبد الله الخصاصي وأخبره أن الفرار سيكون بعد الساعة العاشرة ليلا، غير أنه تمّت مناداة مولاي عبد السلام الجبلي إلى المحكمة العسكرية قصد التحقيق في جملة من المستجدات، وكان حلقة أساسية في عملية الفرار، لكن استقر الرأي  على تنفيذ العملية دونه، سيما وأنه بلغ إلى علم المجموعة أن إنشاء جيش التحرير سيتم في فاتح أكتوبر 1955. إلا أن اللجنة المكلفة بمراقبة الأكل قررت خوض إضراب عن الطعام، مما أدى إلى تأجيل العملية، وبعد إرجائها ثلاث مرات تقرّر الهروب مساء 28 شتنبر 1955.
تغير الحراس، وجاء أصحاب المداومة الليلية حوالي الساعة السابعة مساء، حلّ أحدهم بالحي للتأكد من إحكام إغلاق الأبواب. قبل ذلك، تمكن أحد أفراد المجموعة من فتح باب الزنزانة بواسطة المفتاح الذي سبق وأن أمنوه عليه. لما وصل الحارس الفرنسي إلى باب الزنزانة، انقض عليه كل من عبد الله البعمراني وبوشعيب الحريزي وأحمد الصباغ... كمّموه وأحكموا تكبيله تحت تهديد مسدس مصوب إليه. مرّت نصف ساعة... حضر حارسان آخران لتفقد الوضع ولقيا نفس المصير، وكذلك الأمر بالنسبة لحارس رابع.
عادة كان رئيس الحراسة الليلية يزور الحي للمراقبة، غير أنه ذلك اليوم تأخر ولم يحضر إلا عند الساعة الواحدة ليلا، فانقض عليه ثلة من المقاومين وحملوه إلى الزنزانة وأوثقوه وأخذوا منه كل المفاتيح وجردوه من سلاحه.
مرّ الفارون من أربعة أبواب، وبقيت ثلاثة. عند الباب الخامس، كان الحارس المغربي الوحيد، مولاي الشريف أحمد، قد غلبه النوم، مما سهل ضبطه وتجريده من لباسه الوظيفي. اجتاز الفارون الباب السادس دون مشاكل، وقرب الباب السابع استولى التعب على سي بوبكر، فتكلف كل من محمد بن الميلودي ورحال المسكيني وعبد الله البعمراني بحمله على أكتافهم بالتناوب. كان هذا الباب آخر فاصل عن الحرية... وعلى بعد نحو 5 كيلومترات تبيّن أنه لم يتمكن من مغادرة السجن المركزي إلا 37 سجينا... آنذاك بلغ إلى سمعهم رنين أجراس الإنذار، فتفرق الناجون واتجهت كل مجموعة إلى وجهة، إما صوب شاطئ المهدية أو غابة سيدي البخاري، في حين فضّل بعضهم التنكر في ملابس النساء أو اللجوء إلى مسكن أحد معارفهم.
أما مجموعة عبد الله الخصاصي فقد توجهت صوب غابة المعمورة من وجهة سيدي بوقنادل. في طريقهم صادفوا خيمة رعاة استضافهم صاحبها، وبعد تناول الطعام والشاي وأخذ قسط من الراحة، غادر كل من أحمد الصباغ وبوشعيب الحريزي وعبد الفتاح سباطة كل إلى وجهته. وحضر إلى الخيمة مقدم الجماعة فاضطر الباقون للمغادرة.
تفرقت المجموعة، وظل الأربعة ( الخصاصي وعبروق والبعمراني وسي علال) جميعا يركضون وسط الغابة... لم تمض إلا حوالي 20 دقيقة حتى اعترضت طريقهم عشرات الكلاب البوليسية... استمرت في النباح وعلى حين غرة وجدوا أنفسهم محاصرين من طرف مئات الجنود وحامت فوقهم مروحيتان وسمعوا عدة طلقات نارية... طلبوا منهم الاستسلام ورفع أياديهم فوق رؤوسهم... ألقي عليهم القبض بعد حوالي 5 ساعات من معانقة الحرية، فيما اندس بوشعيب الحريزي  وأحمد الصباغ في الغابة، لكن انقضت عليهما الكلاب البوليسية. عندما سقط الأربعة بيد الدرك الفرنسي بباب الخميس بسلا، مزقت الكلاب أطراف الصباغ، وبعد وصوله إلى السجن ألقي عاريا على الأرض وهو يحتضر... وفي تلك الليلة نُقل بمعية الحريزي إلى الغابة المجاورة للسجن المركزي لإعدامهما تنفيذا للحكم الصادر في حقهما.

"النقطة الثابتة 3"

"النقطة الثابتة 3" هو الاسم الذي كان عملاء جهاز "الكاب 1" يطلقونه على المعتقل السري دار المقري، في تقاريرهم ومذكراتهم ومراسلاتهم. بعد موت الجنرال محمد أوفقير كان يشرف عليه رجالات الجنرال أحمد الدليمي. وقد زج في دهاليزه بالمختفي قسرا والمجهول المصير الحسين المانوزي، وأيضا العسكريين اعبابو وشلاط ومزيرق وعقا، الذين شاركوا في الانقلاب الأول بقصر الصخيرات، والإخوان بوريكات وأحمد بنجلون وكل مناضلي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية و"التنظيم السري".
استغرب ضيوف دار المقري لتغيير مفاجئ طرأ على حين غرة بعد الزج بالحسين المانوزي في معتقل "النقطة الثابتة 3"، إذ تم تخفيف الحراسة بشكل لافت للنظر وغير مفهوم، مما أثار شكوك بعض المعتقلين، ومنهم مدحت بوريكات، الذي أخبر رفاقه في المحنة مرارا وتكرارا قائلا ربما الدليمي وزبانيته يدبرون شيئا مبيتا ما. خلافا للعادة المعتمدة بدأ الحراس يتعمدون ترك أبواب الزنازن وغض الطرف عن تواصل المعتقلين.
بعد أيام، أخبر الحراس المعتقلين العسكريين (المقدم اعبابو ومريزق والنقيب الشلاط وعقا) أن الإخوان بوريكات الثلاثة سيطلق سراحهم، بينما الآخرون سيلتحقون بأصحابهم الجنود في معتقل تحت الأرض، بعيدا عن النظر والسمع. وقد اعتقد أحد إخوة بوريكات أن القائمين على المعتقل السري  يريدون أن يدبر المختطفون عملية هروب ثم يتربصوا بهم ويلحقون بهم لتصفيتهم خارج المعتقل أو في مكان خلاء بعيدا عن الأنظار. حينها كان حي السويسي، حيث يوجد المعتقل السري، أرضا خلاء.
في أحد الأيام فتحت الزنازن لإحضار وجبة الفطور... اتجه مدحت بوريكات إلى المرحاض، فوجد المانوزي وعقا ومعهما الشلاط، فقال له هذا الأخير: "هذه الليلة سننفذ العملية"، التفت مدحت نحو المانوزي، فأحنى رأسه، وقال: "ماذا تقولون... إنه عبث"، فكان الجواب: "هل ستهرب معنا أنت وأخويك؟"، فنفى نفيا قاطعا.
كان موعد الإفطار حوالي الثامنة أو الثامنة والنصف يتزامن مع  تغيير حراس الليل، ويأتي آخرون يتكلفون بالحراسة خلال النهار.
تجاذب مدحت بوريكات أطراف الحديث مع الكولونيل اعبابو، حيث قال الأول: "هل تظن أن عملية الهروب ستنجح؟". رد عليه الآخر: "أنا محكوم بعشرين سنة حبسا، وهل تظن أنني سأصبر على البقاء هنا طيلة هذه المدة... وعقا والشلاط محكوم عليهما بالمؤبد ومزيرق بخمسة عشر سنة سجنا والمانوزي بالإعدام... بينما أنتم لم يصدر في حقكم أي حكم". فرد مدحت: "نحن مشكلتنا أعوص، أما أنتم فقد تم تقديمكم للعدالة علانية ويعرف الجميع قصتكم، والجلسات علنية وكانت تزوركم عائلاتكم... أما نحن فيمكنهم تصفيتنا دون أن يهتم أحد بمصيرنا". ثم أضاف: "نحن نتفق على الهروب، لكن لابد من التفكير جيدا في العملية، نحن لدينا المال الكافي وعلاقات يمكن أن نستثمرها للحصول على المساعدة والوثائق وأمور أخرى، ولابد من دراسة الخطة جيدا، لذا عليكم إمهالنا بعض الوقت لترتيب الأمور".
في شهر يوليوز 1975، حلق المعتقلون، باستثناء الأخوين بوريكات، ذقونهم وغيروا ملابسهم على غير عادتهم... لاحظ علي بوريكات الأمر وقال لشقيقه مدحت: "أنظر إليهم إنهم جميعا حلقوا رؤوسهم واغتسلوا، ربما في الأمر سر ما...".
في اليوم الثامن من نفس الشهر الذي صادف الاحتفال بعيد الشباب، والملك حينها في مراكش كانت الحراسة  خفيفة، ولا يتواجد إلا القليل من الحراس.
وبعد منتصف النهار فتحت الزنازن بعد الغذاء، وتركت مفتوحة، وذهب مدحت للحديث مع المجموعة التي كانت تقاطع الشقيقين علي وبايزيد.. وقالوا له إنهم لن يهربوا وإنهم حلقوا للنظافة ليس إلا.
حضر الحراس الجدد حوالي الساعة السابعة مساء، فقدموا طعام العشاء، وقال أحدهم: "اغسلوا صحونكم... وفي انتظارذلك سأؤدي الصلاة ... سأغلق أبواب الزنازن عليكم وسأفتحها في ما بعد" ولم يكن من المعتاد القيام بذلك.
همّ الحارس بإغلاق باب الزنزانة، فانقض عليه الشلاط وأسقطه أرضا ونزع سلاحه وكبّله بالأصفاد، وأدخله إلى الزنزانة... كان هناك ثلاثة حراس، كان الثاني يتجه نحو زنزانة علي وبايزيد لإغلاقها، فأسقطه مزيرق وعقا معا، فيما تكلف المانوزي بوضع الأصفاد في يديه، أما رئيسهم فكان في الساحة.
كان لدى الحراس ثلاثة أصفاد في الغالب، ورغم أنهم كانوا يرتدون "الجلاليب" إلا أنهم كانوا يتعمدون إظهار المسدسات التي يخبئونها تحت الجلباب، وكانت هناك غرفة صغيرة يجلسون فيها وبها يضعون أسلحتهم، وذهب اعبابو إليها وأحضر رشاشا سلمه لعقا ومسدسا، ثم أغلقوا الزنازن على الحارسين، وحاز مزيرق مسدس أحد الحراس وكذلك مسدسا آخر أخذه المانوزي، ثم اتجهوا نحو السور الخارجي لتسلقه بعض إحضار طاولة وكرسي، فحاول مدحت العودة إلى الزنزانة لكن عقا أمسكه بشدة وأرغمه على القفز خارج المعتقل، واتجهوا صوب منطقة خلاء قاصدين سد عين عودة.

فرار أبناء أوفقير

عندما أمر الحراس فاطمة الشنا وأبناءها بجمع متاعهم الشخصي، انشغل الطفل عبد اللطيف في الإمساك بالحمام، ضحكاته تجلجل مدوية، يخال نفسه على موعد مع رحلة للعب والتسلية، عكس الكبار الذين تملكهم الخوف والقلق.
دقت ساعة الصفر. أصرّ الحراس على تفريق الأسرة، كل اثنين في عربة مصفحة، ودامت الرحلة أربعة وعشرين ساعة... وقد حطوا الرحال بمعتقل "بير جديد".
في الصباح الموالي جاء الحراس وأخرجوا العائلة إلى باحة المعتقل، وقال لهم رئيسهم إنه يعرف إلى أية درجة كان الصغار، وعلى رأسهم عبد اللطيف، متعلقين بالحمامات.. وأضاف: "إن هذه الحمامات خلقت لتؤكل، لذلك تقرر كل يوم ذبح اثنتين منها".
بالرغم من دموع الطفل عبد اللطيف وإخوته، نفذ الحراس وعدهم ووعيدهم.. وعلى مدى عدة أيام، كانوا يعودون كل صباح بحمامتين مذبوحتين.. وبعد فترة قصيرة حاول الطفل عبد اللطيف الانتحار.. كان قد ابتلع كمية لا بأس بها من الأقراص الطبية ( "فاليوم" وموغاون"). منذ نعومة أظافره لم يعرف عالما آخر إلا الجدران والقضبان.. لقد اعتقد الطفل عبد اللطيف، ببراءته الطفولية، أنه بموته سيخرج عائلته من الجحيم ويضع حدا لمعاناتها وأحزانها... إذن لا سبيل إلا الفرار.
عندما قرروا الهروب، كان عبد اللطيف وعائلته محتجزين بمعتقل سري بـ"بير جديد" بمزرعة لإحدى المعمرين الفرنسيين في عهد الحماية، "مزرعة بيير مادور" نسبة لمالكها الأصلي.
ابتداء من يناير 1987 بدأ الشاب عبد اللطيف يستعد للفرار بتمرين جسده النحيل. الطفل الذي كبر وشب رهن الاحتجاز في ظلمات الزنزانة فرض على نفسه تداريب رياضية منتظمة وخصص تمارين "يوكا" للتركيز بمساعدة ونصائح والدته للاستعداد ذهنيا ليوم الخلاص، ومن ذلك الحين لم يعد ينشغل إلا بشيء واحد، الهروب من الجحيم.
حسب روايات شقيقيه، رؤوف ومليكة، كانت مجرد فكرة إمكانية الفرار تنعش عبد اللطيف وتثيره وتحييه. تقول والدته، فاطمة الشنا، إنه لم يعد يحس بالألم ولا الجوع ولا البرد ولا التعب كسائر البشر. وقد ساهمت اكتشافاته في تسهيل الإعداد لعملية الهروب الكبرى. انتزع القشرة التي كانت تغطي حائط الزنزانة، وبعد عدة تجارب تمكن من التوصل إلى عجين باستعمال مسحوق "التيد" والطحين وبعض الرماد والتراب، الذي استخدمه بنجاح في سد الثقب اللازم لإعداد عملية الهروب، منذ أن بدأ الحفر في 7 فبراير 1987.
مع بداية الحفر كان عبد اللطيف يتسلق كتفي أمه كل ليلة لينزلق في جحر مؤدي إلى غرفة مهجورة، ويبدأ في تسلم الحجارة المستخلصة من الحفر لترتيبها بجزء من الفضاء المهجور حتى لا يظهر لها أثر. أما التراب المستخلص من الحفر، فقد غربل ووضع في أكياس كانت تستعمل لملء البئر المحفور لتسهيل الاستمرار في الحفر في اليوم الموالي ليلا بعد إطفاء الأنوار. كما أن الأكياس تسهل عملية الفتح والإغلاق وتخفف من الضجيج وتلغي الصدى.
لقد ساهم عبد اللطيف في إعداد عملية الهروب من معتقل "بير جديد"، إذ ساعد أخاه رؤوف، وإخوته البنات في حفر النفق بين الزنازن قصد التنقل من واحدة لأخرى. وقام بالكثير من المهام، منها المساهمة في فك العزلة على أفراد العائلة. وعمل ليالي طويلة رفقة والدته لحفر فجوة تواصل مع شقيقاته. وبعد إنجاز جزء من النفق صادف عبد اللطيف أنبوبا معدنيا انتصب وسط الفجوة، وكان عليه رفقة شقيقاته إزاحته للتمكن من المرور.. أرسل له شقيقه رؤوف، بواسطة حليمة وعاشوراء المكلفتين بإمداد العائلة بالطعام وحصة الماء اليومية، "سلكا" رفيعا من النوع المستعمل في كابح الدراجة ("كابل ديال لفران")، وبفضله نجح عبد اللطيف وشقيقاته في إحداث ثقب عميق في الأنبوب.. أمسكوا بطرفي السلك واستخدموه كمنشار لقطع الأنبوب الصدئ بتمريره ذهابا وإيابا بحركة سريعة وإيقاع متواصل. ولتجنب الحرارة بفعل الاحتكاك دهن هذا الأخير بالشمع وتبريده باستمرار بصب الماء عليه. بعد عمل مضني ومتقطع دام أكثر من 30 ساعة، قطع الأنبوب المعدني الذي كان يعترض المرور من زنزانة عبد اللطيف وأمه إلى زنزانة شقيقاته الثلاث.
كان عبد اللطيف نحيلا جدا، ما سمح له بأن يندس في الحيز الوحيد لجحر الزاوية المرفوعة من جدار زنزانته بعد الالتفاف على نفسه في مساحة ضيقة جدا ليطل على غرفة "تحت أرضية" مهجورة للتخلص من التراب الناتج عن حفر نفق الخلاص.
كما كان عبد اللطيف، الوحيد من أفراد العائلة، الذي يتمكن من المرور في النفق الرابط بين زنزانته رفقة والدته وزنزانة شقيقاته نظرا لضيق الحيز. كما كان يضطر لخلع كل ملابسه، ما عدا التبان ليتمكن من العبور إلى زنزانة البنات، وحين كانت شقيقاته يسحبنه من الفجوة نحوهن كان غالبا ما ينخدش جسده. وبشهادة جميع أفراد عائلة "أوفقير"، كان الهروب من قبيل المستحيلات لولا مساهمة عبد اللطيف، إذ كان الوحيد الذي يمكنه التخلص من أحجار وتراب الحفر.. كان أصغرهم سنا، لكن دوره كان حيويا.
كان الأشقاء أوفقير في إنجاز المرحلة الأخيرة للهروب وحفر آخر شطر للنفق المؤدي إلى الحرية.. حفروا ليل نهار، وفي كل زنزانة راقب أحدهم من تحت الباب المصفح قدوم الحراس.. مضت الدقائق ثقيلة وخانقة.. عندما حل الشفق وانبسط الليل، وما إن انطفأت الأنوار مر رؤوف عبر المعابر المحفورة بين الزنازن إلى زنزانة البنات، وقد مرّ عبد اللطيف من زنزانته واستأنف الحفر من جديد لإزاحة المتر المكعب الأخير من التراب الذي يفصلهم عن عالم الحرية.. بغيظ وهيجان اليأس، كان ينبغي الحفر عموديا وتلقي التراب على الوجه.. كان كل واحد من الأشقاء يحفر فوق رأسه مغمض العينين.. كان رؤوف يحفر، وعلى حين غرة انهالت كتلة من التراب فوقه. وعلى بعد أمتار معدودة من فتحة ثقب النجاة انهار التراب على رؤوف وطمرت كتلة منه جذعه بالكامل، وإذ تثبتت ذراعاه على طول جسمه، ولحسن الحظ بقي حبل الإنذار في متناول يده الممدودة. لم يعد بوسعه التنفس وملأ التراب فمه وأنفه وكاد يختنق.. حاول الإمساك بالخيط الرفيع وسحبه.. آنذاك كان عبد اللطيف في الطرف الآخر من النفق.. لاحظ الخيط يتحرك بطريقة متفق عليها.. اندفع فورا في السرداب فجذب شقيقه من قدمه بصعوبة نظرا لنحافته وضعف بنيته. عندما عجز عن تخليصه ركز عبد اللطيف على إزاحة التراب عن وجه أخيه لتمكنيه من التنفس.. استمرت عملية الإنقاذ أكثر من ربع ساعة.. في تلك الليلة من يوم الجمعة 17 إلى يوم السبت 18 أبريل 1987، فتح ثقب الحرية وتمكن عبد اللطيف من استنشاق أول نسمة من عالم لم يعرفه من قبل.. ثم عاد إلى إخوته يحمل ورقة خضراء من أوراق إحدى شجرات عالم الحرية.
كان على رؤوف التقرير مَن مِن إخوته سيرافقونه في عملية الفرار، كانت مليكة المؤهلة الأولى بدون منازع، وهناك كذلك عبد اللطيف أو سكينة أو ماريا، لأن الأم ومريم وعاشوراء وحليمة مقصيات لأسباب صحية. وكانت على إحدى شقيقتيه، ماريا أو سكينة، أن تبقى بالمعتقل لتعيد إغلاق النفق والمعبر بين الزنازن ما دامت مريم واهنة جدا ولا تقوى على الإطلاع بهذه المهمة. تنازلت سكينة لماريا وقررت البقاء لإنجاح عملية فرار أشقائها. وما دام الهدف من الهروب هو اللجوء إلى إحدى السفارات الغربية، فإن يوم السبت لم يكن مناسبا، لذلك أرجئت العملية إلى يوم الأحد لتقليص هامش الأخطار.
بعد خروجهم من النفق، شعر الإخوة أوفقير أنهم يراوحون مكانهم ومازالوا يجهلون الوجهة الصحيحة التي تخرجهم من المأزق.. بإذعان واستسلام طلبت مليكة من شقيقها عبد اللطيف أن يتولى قيادتهم باعتباره مازال يرفل بالنقاء والطهارة ولم ير شيئا بعد من الدنيا، ولم يقترف بعد ذنبا.
سار عبد اللطيف في المقدمة، وبعد مهلة نادى أخته: "مليكة.. تعالي.. إنه صلب.. لا أعرف ما هو؟". كانت طريقا إسفلتية لم يسبق أن عاينها عن قرب من قبل.. إنها طريق النجاة.
قبل ذلك، وبعد الخروج من النفق والزحف مليا وجد عبد اللطيف نفسه في حقل مزروع بالفول.. أدار وجهه لإلقاء أول نظرة على المعتقل من خارجه.. كان البدر يسلط ضوءه الباهت على أسواره.. كان المنظر فظيعا والشاب عبد اللطيف يعاين المكان الذي أقبر فيه، والذي ذاق في أتونه حسرات العذاب والموت البطيء. عانق عبد اللطيف الحرية عبر ثقب النفق كأنه يولد من جديد. لم يكن إلى حدود تلك اللحظة يعي شيئا عن عالم الحرية.
في الوقت الذي كان عبد اللطيف يكتشف عالم الحرية، حلقت أربع طائرات مروحية فوق زنازن "بير جديد".. ولج الجنرال حسني بنسليمان محاطا بضباطه السجن.. ثم وصل مدير "الديستي" آنذاك، عبد العزيز علابوش، مرفوقا بمعاونيه واليوسفي القدوري.. طوقت فرقة الدرك الملكي المزرعة الحاجبة لسجن أسرة أوفقير واستقرت المدرعات في كل جانب.. اعتقل الحراس ورئيسهم وحطّ الوافدون الرحال في زنزانة البنات بعد تكديس ما تبقى من العائلة بزنزانة الوالدة، وبدأ الاستنطاق.

جبيهة وأسيدون والبريبري

كان من الممكن أن تنجح عمليات فرار، وبسهولة أكثر، ضمن الحركة الماركسية اللينينية، غير أن موقف المجموعة بهذا الخصوص كان محسوما، رفض فكرة الفرار جملة وتفصيلا، ليس لاستحالته، وإنما كان مجرد موقف واختيار، ومحاولة هروب رحال جبيهة وأسيدون ونجيب البريبري من الطابق الخامس لمستشفى ابن سينا بالرباط كانت مبادرة فردية خطط لها ودبرها المعنيون بدون علم المجموعة أو استشارتها.
في 13 أكتوبر 1979 حاول سيون أسيدون وجبيهة رحال ونجيب البريبري الهروب من مستشفى ابن سيناء بالرباط، حيث كان الأول يعالج من قرحة في المعدة، والثاني كان يعاني من مرض القلب، وكان الثالث  يشعر بآلام دائمة في أحد مفاصل رجليه. الحدث الأول في محاولة الهروب هذه وفاة جبيهة رحال، الذي كان يتزعم المحاولة، أثناء نزوله من سطح المستشفى من فوق الطابق الخامس، حيث كانت توجد غرفة السجناء المرضى، مستعملا لهذا الغرض حبلا صنعوه من أغطية أسرة المستشفى، فانقطع الحبل وسقط جبيهة ولقي حتفه. في غمرة الارتباك وجد رفيقاه طريقة أسهل للهروب عبر السلالم الجانبية، وبالفعل تمكن كل من أسيدون والبريبري من الفرار ومغادرة المستشفى.
عندما نزلا السلالم الجانبية قادتهما إلى مستودع الأموات بالمستشفى، فتمكنا من الخروج والتوجه مشيا إلى محطة الحافلات. كانت  الساعة تشير إلى الثالثة صباحا ولم تكن هناك حافلات متوجهة إلى مدينة "الدارالبيضاء، فقررا الذهاب إلى محطة سيارات الأجرة الكبيرة. آنذاك كان سائقو "التاكسيات" مجبرين على طلب ترخيص من الأمن للسفر ليلا، وكان على المسافرين الإدلاء ببطائق تعريفهم الوطنية لرجال الأمن ليحصل سائق التاكسي على ترخيص السفر. لم يكن الهاربان يتوفران على بطاقتي الهوية، وقالا للسائق إنهما أخبرا بوفاة أحد أفراد العائلة على حين غرة فهرعا إلى المحطة للحاق بالعائلة بالدار البيضاء ولم يفكرا في أخذ بطاقتيهما. تفهم السائق ورجع إلى بيته بمعية الهاربان، وأحضر بطاقة التعريف الوطنية لزوجته، وتوجه إلى مخفر الشرطة وحصل على التصريح، وتمكنا من الوصول إلى الدار البيضاء بعد أداء 90 درهما.
اتصل أسيدون بأحد أصدقاء عائلته الذي نقلهما مباشرة إلى مدينة المحمدية، حيث أحد البيوت الصغيرة "بانكالو" بجانب البحر، وأحضر لهما الأكل وبعض ما احتاجا إليه للإقامة. آنذاك كانت حملة البحث عنهما قد انطلقت في الطرق ومنازل معارف الفارين، ودامت المراقبة الدقيقة للطرقات والبيوت ومداخل ومخارج المدن طيلة أيام الهروب. وساهم في هذه الحملة أفراد البوليس والدرك والقوات المساعدة ورجال الأمن السري.
تم اعتقال بعض أفراد عائلات الفارين، منهم والدة أسيدون، ووالد نجيب البريبري، والأخ الشقيق لجبيهة وزوجته رغم أنه توفي في بداية محاولة الهروب، وظلوا رهن الحجز طيلة أربعة أيام في مخفر الشرطة إلى أن تم إلقاء القبض على الفارين وحُكم عليهما بثلاث سنوات سجنا إضافية.

هروب "النيني"

تمكن بارون المخدرات محمد الطيب الوزاني، الملقب بــ "النيني"، من مغادرة السجن المركزي بالقنيطرة بمساعدة حراس السجن، وتمت إدانتهم بأحكام تتراوح بين شهرين وسنتين. واستطاع "النيني" الدخول إلى الأراضي الإسبانية قبل اعتقاله من طرف الحرس المدني الإسباني بمدينة سبتة المحتلة على خلفية مذكرة اعتقال دولية كان قد أصدرها الأنتربول. والغريب في الأمر أنه لم يتم الانتباه لهربه إلا بعد مرور أسبوع. كما عرف الأمر بفضل اتصال من مجهول بإدارة السجون في الرباط التي أرسلت مفتشاً على الفور إلى السجن، حيث اكتشف أن المهرب لم يكن في سجنه. إذ أن عملية اكتشاف غياب "النيني" من السجن تمت من طرف الوكيل العام للملك خلال زيارته المفاجئة التي كانت نتيجة بلاغ عن النازلة من طرف جهة مجهولة في شأن واقعة الهروب.
وكان محمد الطيب الوزاني أحد أباطرة المخدرات الذين يقبعون في سجن القنيطرة، والذي صدرت في حقه أحكام قضائية في ملف منير الرماش ومن معه بتهمة الاتجار الدولي في المخدرات ومحاولة القتل العمد. وقد قيل: "واحدة من كل عشر لفافات (جوانات) يتم تدخينها في إسبانيا، يتم تهريبها من قبل النيني".  
قبل فراره، كان يتمتع بجميع الامتيازات داخل السجن، إذ كانت لديه 3 غرف، واحدة للنوم والأخرى للأكل والثالثة كصالون لمشاهدة التلفاز، وكان أيضا بحوزته حاسوب متصل بشبكة الأنترنت، كما كان معتادا على الخروج من السجن خلسة لإحياء ليالي حمراء في  مراقص مدينة القنيطرة وارتياد مطاعمها وحاناتها.
بينما كان الجميع يعتقد أن "النيني" يقبع بالسجن، كان "بطل" هجوم بالسلاح الناري على سيارة بحي "برينسيبي" بمدينة سبتة المحتلة. وأكدت المصالح الأمنية الإسبانية بالمدينة السليبة أن "النيني" كان وراء مشاجرة بالسلاح الناري بالحي المذكور، بينه وبين عصابة أخرى معروفة بالمنطقة، يقودها أحد الأشخاص الملقب بــ "بينتشو" كانوا على متن سيارة "مرسيديس" فارهة.
بعد الفرار أضيفت خمس سنوات إلى ما كان محكوما به من قبل، ليصبح المجموع 13 سنة لم يقض منها سوى ثمانية سنوات وستة أشهر، إذ غادر السجن في صمت.
كانت لـ"النيني" سابقة فرار أخرى خلال المدة التي قضاها بسجن "واد لاو"، إذ سبق أن حاول الفرار وكان ينتظره قارب مطاطي سريع بأحد الشواطئ هناك، لكن سرعان ما تم اكتشافه وإحباط عملية فراره. لم تتم متابعته بعد أن أطلق إكرامياته ليتم غض الطرف تحت ذريعة أنه كان منزوياً ومختبئاً في أحد الأركان التابعة للسجن، مخافة المهربين الذين كانوا يترصدونه مراراً وتكراراً من أجل النيل منه.

هروب المعتقلين الإسلاميين

تمت عملية فرار المعتقلين الإسلاميين التسعة من السجن المركزي بالقنيطرة بطريقة تشبه إلى حد كبير ما اعتاد المغاربة مشاهدته من خلال الأفلام الأمريكية.
وكانت عمليات الهروب السابقة تتم إما عبر السور أو الباب أو على متن شاحنات، ولم يسبق في تاريخ السجن المركزي أن فر أحد بواسطة حفر نفق. وهي عملية تتطلب قوة جسمانية وقدرة على التحمل كبيرتين، ناهيك عن مواجهة الأخطار.
بعد الإعلان عن عملية فرار السجناء الإسلاميين، أعلنت حالة الطوارئ على مداخل ومخارج المدن، إذ كانت السلطات حينئذ تتخوف من نجاح الفارين في مغادرة التراب المغربي عبر الحدود الشرقية والالتحاق بمعسكرات "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، لذلك عمدت إلى تشديد المراقبة وتعميم صور الفارين على جميع النقط والمعابر الحدودية.
وخلال التقصي والتحقيق، وجدت السلطات الأمنية الأتربة الناتجة عن عمليات الحفر داخل إحدى الزنزانتين اللتين كان يتواجد بهما المعتقلون الفارون. كما اكتشفت خلال تفتيشها لإحدى الزنازن ما يزيد على 50 كيسا مليئا بالأتربة مغطاة بإحكام بغطاء كبير بلون الزنزانة للتمويه على الحراس. وعلمت أيضا أن الفارين قاموا بحلق ذقونهم قبل مغادرة السجن بفترة قصيرة، حيث عثر المحققون على عدد من شفرات الحلاقة داخل إحدى الزنازن.
إن حفر النفق ابتدأه  الفارون التسعة، وعلى رأسهم محمد الشطبي الذي هندسه بفضل استلهامه الفكرة من تجربته في أفغانستان، فتمكن تسعة من المتورطين في قضايا الإرهاب، وهم عبد الهادي الذهبي (الإعدام) وعبد الله بوغمير(الإعدام)، زعيم الانتحاريين الذين نفذوا تفجيرات الدار البيضاء، وهشام العلمي(المؤبد) والأخوين كمال الشطبي وأحمد الشطبي، اللذين سبقا أن التقيا زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في معسكرات أفغانستان في 2001 والمدانين بـ20 سنة، ومحمد مهيم (المؤبد) وحمو الحساني ومحمد الشاذلي (الإعدام) من الفرار بعد أن حفروا نفقا طوله 22 مترا، على عمق 3 أمتار وبعرض 0،65 متر.
دام الحفر ستة أشهر بواسطة وسائل بدائية عبارة عن مسامير وقطع قضبان حديدية صغيرة من النوع المستعمل في البناء. وتمت عملية الحفر تحت مواسير السجن. وكانوا يصادفون عشرات الجرذان الضخمة التي غالبا ما كانت تقوم بقطع الخيط الكهربائي الموصل إلى النفق، فيُحبسون داخله في ظلام دامس، ويضطرون لتلمس طريق للخروج بصعوبة كبيرة لاستنشاق الهواء وإصلاح العطب.

فرار "بولوحوش"

تمكن الملقب بــ"بولوحوش" سنة 2008  من الفرار من أحد المستشفيات بفاس بعد أن تم نقله إلى هناك من أجل تلقي العلاج، حيث كان يعاني من مرض الربو. وكان بولوحوش، المتهم بارتكاب جرائم الخطف والاعتداء على المواطنين بمنطقة تاونات، يقضي عقوبة سجنية مدتها 15 سنة بسجن "بوركايز" بفاس.
لقد تم نقله إلى المستشفى من أجل تلقي العلاج قبل أن يتمكن من الفرار، حيث اختلفت الروايات حول سيناريو هروبه، فقد قيل إن هربه كان بمساعدة رجال الأمن الذين تكلفوا بمرافقته إلى المستشفى، وقيل إن رجال الأمن كانوا قد سلموه لموظفي إدارة السجون وأنهم يتحملون مسؤولية فراره.
وكان موظفو السجن يضطرون إلى فتح الزنزانة على السجين المذكور طوال الليل خشية وفاته، لأنه كان يشعر بضيق كبير في التنفس يكاد على إثره أن يختنق، كما كان السجين المذكور قبل انتقاله إلى سجن بوركايز قد قضى مدة معينة من العقوبة في سجن عين قادوس، حيث تم إعداد ملف طبي له يثبت أنه مريض بضيق التنفس ويتلقى علاجات دورية لذلك.
"بولوحوش"، ذو البنية الجسمية الضخمة، كان من أخطر المجرمين، فهو الذي كان وراء مقتل الشاب يوسف حسني بالقرب من القصر الملكي، كما أن عصابته اقترفت عددا من الاعتداءات على رجال أمن وابتزاز أصحاب فنادق وحانات بمدينة فاس. وكان قد نقل إلى سجن "بوركايز" بعد محاولة الاعتداء بالسلاح الأبيض على ممرض بالمستشفى رفض تزويده بأقراص إضافية. وأشرف ما يقرب من 15 موظفا على محاصرته ووضعه في "الكاشو"، مخافة الهروب أو الاعتداء على أحد الموظفين أو السجناء. سيما وأن عصابته، منذ حلولها بالسجن، "تمكنت" من خلق حالة من الذعر في أوساط السجناء.
 تمكن رجال حسني بنسليمان بتاونات من وضع حد لفراره بعد كمين نصب له.
آنذاك عجلت عملية اختطاف زوجة أحد المقيمين بديار المهجر وابنتيه لحظة تواجدهن في نزهة بمنتجع "بوعادل" المجاور لمنطقة "اولاد آزام"- انتهت باغتصابهن وسلب مجوهراتهن قبل تلقيه فدية- بنصب كمين له في حقل مهجور كان ينام فيه.
ألقت دورية لمصالح الدرك القبض على هذا الشخص بعد 9 أشهر من هروبه من مستشفى عمر الإدريسي بمدينة فاس، وكان "بولوحوش" يقضي عقوبة سجنية مدتها 15 عاما، قضى منها زهاء خمس سنوات قبل تمكنه من الفرار وعودته إلى منطقة "بوعادل" بتاونات، والتي واصل بها عمليات سرقة واغتصاب واعتداء على السكان وممتلكاتهم.

معتقلو السلفية الجهادية

أفشل حراس إدارة السجن المركزي بالقنيطرة في مارس 2010 محاولة فرار قام بها عشرة معتقلين مدانين بأحكام تتراوح بين الإعدام والسجن مدى الحياة، وبين 20 و30 سنة على ذمة ما يعرف بملف السلفية الجهادية. وأعلنت إدارة السجن حالة الطوارئ منذ الساعة السادسة صباحا، وهو الوقت الذي تم فيه القبض على المعتقلين الذين حاولوا الفرار بعد أن رصدت كاميرا السجن تحركاتهم في اتجاه الحائط الخارجي. دُبّرت محاولة الفرار بعد حفر المعتقلين حوالي نصف متر تحت حائط زنزانة بحي"ج"، ثم عبر المجرى توجهوا نحو فسحة السجن، وللوصول إلى الحائط الخارجي استعملوا الحبل، لكن كاميرا السجن كشفتهم.

هروب على شكل اختطاف

 قام أربعة أشخاص، مسلحين بقنبلة مسيلة للدموع وسيوف، بمهاجمة حارس في السجن الفلاحي بزايو في إقليم الناظور، كان يرافق أحد السجناء من الإدارة إلى مركز السجن، حيث جرى تخليصه من يد الحارس واقتياده إلى وجهة مجهولة. ويتعلق الأمر بالسوسي ميمون، الذي كان يقضي عقوبة سجنية لمدة ثماني سنوات نافذة بتهمة الاتجار في المخدرات، منذ 18 ماي2007. وقد سبق أن هرب معتقل آخر من ذات السجن بنفس الطريقة.

ربورطاج لـمجلة "مغرب اليوم"