زنقة  20

- ما هو الانطباع الذي خرجت به من اللقاء الذي جمعك أنت واحمد رضا بنشمسي بفؤاد عالي الهمة؟
< فهمت أن الهمة من أقرب المقربين إلى الملك محمد السادس، وأن محاربة التوجه الإسلامي من أهم ما يشغله.
- أين التقيتما به؟
< التقينا به في فندق حياة ريجنسي بالدار البيضاء، وكان الهمة رفقة كريم بوزيدة، ودام اللقاء إلى ما بعد منتصف الليل؛ وفي وقت ما، انسحب بوزيدة فبقينا أنا وبنشمسي والهمة، وعندما أحس هذا الأخير بأن الوقت قد تأخر بنا، قال لنا: «إيوا عرضو علي للمجلة نجي ونتكلم معكم أكثر»، وبينما رحبت أنا بالفكرة قال له بنشمسي ضاحكا: لا.. لا.
- أنت من جملة الذين اعتبروا حزب الأصالة والمعاصرة، حال تأسيسه، حزبا مقربا من الملك..
< «البام» انبثق من المحيط الملكي، ومن شخص مقرب من الملك، من يجرؤ على مناقشة أمر بديهي مثل هذا؟!
- عندما كنت رئيسا لتحرير أسبوعية «لوجورنال»، كانت لك اتصالات بهشام المنظري؛ في أي سياق كان ذلك؟
< اتصل بي المنظري هاتفيا عندما كان في فرنسا، وأذكر أنه كان ذا صوت أنثوي رقيق، كما أنه كان حينها متأثرا بالإسلام (يعلق مازحا: لست أدري واش هداه الله.. واش ضربو الله)، وأذكر أنه مرة بعث إلي بإيمايل يتضمن آية قرآنية، لكنني وجدت أن الآية، التي المكتوبة بخط كاليغرافي، كانت محرفة وتختلط ببعض المواعظ التي كتبها هو. حدث ذلك قبل حوالي ستة أشهر من وفاته. وقد أجريت معه حوارا مطولا كنت أنوي نشره على حلقات في «لوجورنال».
- ما الذي حال دون نشر ذلك الحوار؟
< لقد اتفقت مع هشام المنظري على ألا يدلي بأي حوار لأي منبر إعلامي آخر، خلال المدة الفاصلة بين حواري معه ونشره، لكنه تحدث إلى منبر آخر، وهو ما جعلني أستعيض عن نشر الحوار، على شكل ملف، بإنجاز مقال من صفحتين.
- ما هو أهم ما قاله لك في ذاك الحوار؟
< ما أصبح معروفا لدى الجميع، فقد كان يدعي أنه ابنٌ للحسن الثاني.
- بماذا كان يحاول الاستدلال على ذلك؟
< لا شيء غير ما يقوله من كلام.
- بعد أسابيع على إجرائك لهذا الحوار مع هشام المنظري سيتم اغتياله..
< نعم، وقد صادف موته، في صيف 2004، انتقالي إلى «تيل كيل». وقد ذهبت إلى إسبانيا للتحقيق في موته، بتنسيق مع احمد بنشمسي الذي كان يريد مرافقتي في هذه الرحلة، غير أن ذلك لم يقدر له. وخلال هذه الرحلة تنقلتُ بين آخر الأماكن التي تردد عليها المنظري في ماربيا وباريس، وربطت الاتصال بمن كانوا على اتصال به وبمن حققوا في موته. وأذكر أننا نشرنا عنه ملفا في شتنبر 2004.
- ما هي الخلاصة التي خرجت بها من التحقيق في الوفاة الغامضة لهشام المنضري؟
< (يضحك) لقد قتلته جهة ما، ربما كانت مافيا أو غيرها. وأظن أن وفاته كانت منتظرة وليست مفاجئة، وكل من التقيت بهم كانوا متفقين على ذلك.
- هل توصلت إلى ما يفيد بأن هشام المنظري كان نصابا؟
< (يضحك) أنا لا أريد اتهام الناس.
- في صيف 2009، سيتم منع ومصادرة عددي «تيل كيل» و«نيشان» اللذين نشرتم فيهما استطلاع رأي حول الملك، خلص إلى أن 91 في المائة من المستطلعة آراؤهم راضون على أداء الملك و9 في المائة غير راضين عليه. وقد خضتَ أنت مفاوضات مع جهات داخل الدولة من أجل معاودة الصدور؛ اِحك لنا عن تفاصيلها؟
< بعد مصادرة العدد أصبح بنشمسي ملزما بالتردد باستمرار على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، ووجدت نفسي بالتالي مضطرا إلى مباشرة المفاوضات مع الدولة، وتحديدا مع نبيل بنعبد الله، وزير الاتصال سابقا، الذي كان صديقا لي في فترة اشتغالي في جريدة «البيان».
- ما الذي دار بينك وبين نبيل بنعبد الله؟
< سألني: ما الذي ستقومون به؟ وقد كنا حينها تحت تأثير صدمة إتلاف 100 ألف نسخة من «تيل كيل» و«نيشان» لأننا كنا قد أنجزنا عددا مزدوجا يبقى لشهر كامل في السوق. وكانت المجلتان مصحوبتين بكتاب «رسالة إلى شاب مغربي»، فبالإضافة إلى هذه الخسارة المالية الكبرى لم نكن نعرف مصيرنا: هل تم منعنا من الصدور أم إننا سوف نستأنف الصدور بعد إتلاف أعداد المجلتين؟ لذلك قلت لنبيل بنعبد الله إننا نريد أن نعرف ما الذي ستقوم به الدولة تجاهنا. حينها كان بنشمسي يفكر في نشر افتتاحية بيضاء، في العدد الموالي للعدد المصادر، احتجاجا على ما تعرضنا له من تعسف، لذلك طلبت من بنعبد الله، الذي كان مفوضا للحديث نيابة عن الجهات الرسمية، أن يخبرني بما إن كنا سنصادر مرة أخرى حتى لا نضاعف خسارتنا الكبرى بطبع 100 ألف نسخة أخرى من المجلتين ثم تتعرض بدورها للإتلاف، فأجابني بنعبد الله: «إيلا بغيتو تغلقو هاذ جوج مجلات ديرو افتتاحية بيضاء». أخبرت بنشمسي بما دار بيني وبين نبيل بنعبد الله، فتوصلنا إلى حل وسط: كتابة افتتاحية لا نتنازل فيها عن حقنا في ما تعرضنا له من تعسف، دون أن نتعرض لمزيد من الخسارة التي كانت ستتكرر لو نشرنا افتتاحية بيضاء.

حلقة من كرسي الإعتراف معَ الصحفي "كريم البخاري"على صفحات يومية "المساء".