هل شرع إسلاميو المغرب في تعلم معنى السياسة بعد فناء دولة الإخوان

زنقة 20 . وكالات
عم الغضب الإسلاميين في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بسبب إقصاء حكومة الرئيس المنتخب محمد مرسي، ولأنهم يرون في انقلاب 3 تموز (يوليو) مؤامرة قامت بها عناصر رجعية مرتبطة بالفترة التي سبقت الربيع العربي. وتعززت هذه النظرة بسبب ما تبع ذلك من قمع عسكري تمثل في مذبحتين في القاهرة ضد مؤيدي مرسي، ضمن حملة أعلنتها القوات المسلحة للحرب على "الإرهاب".
لكن إذا أراد الإسلاميون أن يتجنبوا المصير الذي ينتظر مصر، فيحسن بهم أن يدرسوا ويتعلموا من الأخطاء الكثيرة التي ارتكبها مرسي وجماعته من الإخوان المسلمين أثناء وجودهم في السلطة.
في المغرب، يبدو أن إسلاميو العدالة و التنمية بدؤوا في فهم المعنى الواضح للسياسة في المغرب، بدئاَ بتنازلات لم يكن قياديو الحزب الإسلامي يفكرون يوما في الاقدام عليها، و انتهاء بالرضوخ لأوامر من كانوا يعتبرونهم "عفاريت و تماسيح" و "الجهات النافذة" التي كانت إلى عهد قريب خطا احمر لتصبح كبقية الخلق لدى الحزب الإسلامي بالمغرب.
واجه الإسلاميون في كل من مصر وتونس وليبيا والمغرب سلسلة من النكسات، بعد النجاحات التي حققوها في انتخابات عامي 2011 و2012. وعلى الرغم من أن المصالح المتعمقة والراسخة ساهمت في فشلهم، إلا أنهم هم أنفسهم لعبوا دوراً في فقدان الحظوة لدى الناس.
فبعد أن شعر الإخوان المسلمون وحلفاؤهم في مصر بحماس كبير ونشوة نتيجة نجاحهم في الانتخابات، أخفقوا في رؤية تراجع شعبيتهم وطبيعة التحولات المتقلبة التي أعقبت الفترة التي تلت الثورة. كذلك لم يلاحظوا مدى تقلب الرأي العام وضحالة الدعم الشعبي الأولي الذي تلقوه. ومن ناحية أخرى تساءل كثير من النقاد عن الطريقة التي يفهم بها الإخوان المسلمون الحكم الديمقراطي.
وقال عبد الباسط بن حسن، وهو ناشط في حقوق الإنسان في تونس: "الشرعية لا تتعلق فقط بالانتخابات، الشرعية لها علاقة أيضاً بإصلاح المؤسسات وتطوير البلاد وحل مشاكل التهميش، وإذا لم تستمع الأحزاب السياسية لهذه المطالب فإنها لن تحصل على الشرعية".
وخلافاً لحزب النهضة في تونس، أو حزب العدالة والتنمية في المغرب، تشارك الإخوان المسلمون في مصر في البداية مع الجيش ضد الليبراليين واليساريين للضغط من أجل عملية تحول مَعيبة، وبعد ذلك شاركوا إسلاميين متشددين ضد الليبراليين واليساريين للسيطرة على البرلمان والرئاسة، ثم الضغط لفرض الدستور. ودفع هذا بالليبراليين واليساريين إلى أحضان المؤيدين لحكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، والقوات المسلحة والقضاء المرن.
وقال خليل العناني، الباحث في شؤون مصر في جامعة ديرهام: "مرسي لم يتعلم من أخطاء مبارك، وخلق كثيرا من الأعداء. كان عليه أن يتعاون ويمد يده إلى قوى ثورية أخرى. وعدم فعل ذلك كان خطأً كبيراً في الحسابات".
وأوضحت سلسلة من الأخطاء الكبيرة أن مرسي الذي تزايدت عزلته لا يهتم بنصيحة أحد سوى نصيحته لنفسه. وتجاهل بصلف التحذيرات والنصائح الودية التي قدمها له الليبراليون واليساريون وقادة القوات المسلحة والدبلوماسيون الغربيون. وفي الوقت الذي ازدادت فيه عزلة الرئيس وبطانته قام هؤلاء الأخيرون بإجراء تعيينات أظهرت تفضيلهم للولاء على الكفاءة، في وقت كان الناس يتوقون فيه إلى تحسين حياتهم المعيشية ومؤسساتهم. وقال العناني: "لم يحاولوا إصلاح الدولة، بل حاولوا الركوب على الدولة".
وتمكن الإسلاميون في دول أخرى من تجنب بعض أخطاء الإخوان المسلمين في مصر، وذلك من خلال فصل منظماتهم السياسية عن حركاتهم الدينية الملهمة لهم. ولم يتمكن مرسي قط من تغيير التصور في أذهان الناس بأنه كان مسيراً من قيادة الإخوان المسلمين، حتى على حساب مصالحه السياسية.
كذلك أضرت جماعة الإخوان المسلمين بصدقيتها بشدة مرات عدة بنكثها العهود التي قطعتها على نفسها أثناء الانتخابات بعدم السيطرة على البرلمان، أو تقديم مرشح للرئاسة.
لكن في بعض الحالات، يستمر الإسلاميون في الوقوع في الأخطاء نفسها التي ارتكبها مرسي. فالإسلاميون في السلطة في تونس والمغرب يروجون الأحاديث السعيدة حول الاقتصاد وإنجازاتهم البالية بالاعتراف بالصعوبات التي يعانيها الناس والحقائق القاسية المتعلقة بالتحديات المالية العامة التي تواجهها بلدانهم.
وأخيراً وليس آخراً، بدا الإخوان المسلمون حالة نشاز مع الروح المتمردة للشباب والنساء الذين خرجوا للشوارع عام 2011 لتغيير أنظمتهم السياسية وواقعهم الحياتي.
وفي وقت أصبح فيه الصحافي الساخر، باسم يوسف، واحداً من أشهر الشخصيات في العالم العربي، أصبح مرسي وحلفاؤه صوراً كاريكاتورية لنفس الزعماء من ذوي العقلية القديمة والمغرورين في الماضي، الذين حبسوا أنفسهم بعيداً عن الناس الذين كانوا يحكمونهم.
وقال ابن حسن: "تتألف مجتمعاتنا إلى حد كبير من الشباب والنساء. إنهم ينتظرون للحصول على حقوقهم، ولا نستطيع تجاهلهم".