زنقة 20

كشف صلاح الوديع، الكاتب والفاعل الجمعوي، أن هناك "قرارات عفو ملكي كثيرة طبخت على نار مغشوشة وذات رائحة كريهة". داعيا،إلى "مراجعة المنظومة القانونية المتعلقة بقرارات العفو الملكي ".

صلاح الوديع كشف، أيضا، أنه "لا يمكن التصديق أن الملك محمد السادس  كان على علم بفظاعة جرائم الإسباني "دانيال""، منتقدا ما أسماه بـ"الصمت المطبق لرئيس الحكومة وللناطق الرسمي باسم الحكومة ولعدد من الأحزاب". وهاجم الوديع، في معرض الحوار ذاته، مصطفى الرميد، وزير العدل. متسائلا: " كيف نفهم جواب وزير العدل بأن الأمر يتجاوزه لكونه يتعلق بالعلاقة بين ملكين، كأنما يتبرأ من كل شيء، ومع ذلك يرضى لنفسه بالبقاء حيث هو؟"

تسارعت تداعيات ما أصبح يعرف بقضية دانيال مجرم البريدوفيليا بسرعة جنونية، ما هو تقديرك للموضوع بشكل عام؟

فعلا لقد كانت جنونية. لقد وضعت الملك مباشرة، وبدون سابق إنذار في الخطوط الأمامية منذ اللحظات الأولى. إن ما أعطى الموضوع كل هذا الانتشار وشد الانتباه عن حق هو حساسية الموضوع والفئة المجتمعية المعنية: الأطفال والاغتصاب، بحيث ظهر أمر العفو على المجرم كتخل لا أخلاقي عن فئة هشة بلا حماية من عدالة بلادها.

ما رأيك في التفاعلات التي عرفها الملف؟

أولا : اجتماع جزء هام من المجتمع المدني في وقفة احتجاجية أمام البرلمان ووجهت بقمع عنيف، غير متناسب وغير مبرر، ثم أساسا السرعة التي تم بها التعامل مع الملف: إصدار بلاغ للديوان الملكي وسحب العفو عن المجرم في سابقة من نوعها، وطلب إعادة اعتقاله، ثم القيام بتحقيق سريع أدى إلى تحديد مسؤولية حفيظ بنهاشم وإقالته.

ما هي الدلالات الني تراها في هذه التطورات؟

التفاعل السريع من طرف الملك في شكل بلاغ الديوان وإطلاق دينامية استرجاع المبادرة فيه وهو تصرف ينم في الواقع عن وعي ملكي بضرورة التفاعل مع الشارع حين يتعلق الأمر بقضايا من هذه الأهمية.

ثم ماذا؟

الصمت المريب في الحقل السياسي إلا من استثناءات قليلة، وتخلي المسئولين الحكوميين عن التصرف بعقلية ووعي رجل الدولة ولسان حالهم يقول: اذهبا أنت وربك فقاتلا... وإلا كيف نفهم جواب وزير العدل بأن الأمر يتجاوزه لكونه يتعلق بالعلاقة بين ملكين، كأنما يتبرأ من كل شيء، ومع ذلك يرضى لنفسه بالبقاء حيث هو. وكيف نفهم الصمت المطبق لرئيس الحكومة هو الذي عودنا على الصراخ والردود "المفحمة"، وكيف نفهم صمت الناطق الرسمي الذي لم يجد ما يتوجه به إلى الرأي العام ويعبر عن موقف موحد للحكومة في مواجهة العاصفة...

لكن الأمر يتعلق بمحيط الملك...

بالفعل، وسنعود بعد قليل لهذا الأمر. لكن يجب التأكيد على أن واجب التضامن في مواجهة العاصفة ووجود الملك في الصفوف الأمامية تحت وابل القصف يفرض ذلك ولو تعلق الأمر بتحمل المسؤولية كاملة عن مسؤولية جزئية... إن أصحاب مثل هذه التصرفات يمكنهم التخلي عن كل شيء في أول فرصة من أجل مصلحة الدائرة الخاصة...

أليست هناك اختلالات سمحت بحدوث المحظور؟

آلية اقتراح العفو يجب أن يتم مراجعتها سريعا على مستوى التشكيلة ونظامها وفترة انتدابها وعلى مستوى المعايير والمساطر والروح وأن تخضع إلى استراتيجية تخليقية مستمرة. ليس سرا أن قرارات كثيرة من قرارات العفو طبخت على نار مغشوشة تشتم منها رائحة عطنة...

هل تتصور أن القرار الملكي اتخذ كما تم تداوله، لأسباب أمنية، واتخذه الملك وهو يعلم من يكون المجرم؟

لا أستطيع أن أصدق ذلك بتاتا. وقبل ذلك يجب القول أن قرارا مثل هذا لا يمكن لمحمد السادس أن يتخذه وهو يعلم. هنا يطرح الأمر على مستوى تحضير القرار واستبعاد حظوظ الخطأ ما أمكن، وقدرة مستويات اتخاذ القرار على استبعاد كل قرار سيء من هذا النوع بناء على حس سياسي رفيع... ليس هناك ما يفيد أن الخطأ تم تداركه في لحظة من اللحظات قبل حدوث المحظور. وهنا يكمن مبعث القلق .لكنني أعتقد أن الأساسي قد تم القيام به فيما يتعلق بتدارك أمر هذا الملف اليوم، يبقى أن نتصرف إزاء المستقبل بشكل مغاير...

في العمق نحن أمام ماذا؟

نحن أمام مشكل في صيرورة اتخاذ القرارات المتعلقة بالعفو الملكي يجب معالجته جذريا...

ما رأيك في المواقف المعبر عنها خلال هذه الأزمة؟

هناك على الطرف الأول موقف مداهن ينتظر الإشارة للتحرك من أجل مساندة موقف الملك. موقف لا يعتد به. وهناك موقف من ينتظر "الوجبة" من أجل التطبيل "للاختيار" الذي يجب أن ينتهي بخراب كل شيء بدءا بالملك. وهو موقف متعدد التعابير على الطرف النقيض، لا يعتد به كذلك. وموقف ثالث هو موقف المجتمع ونخبه التي خرجت لتقول لا للاختلالات ولا للأخطاء القاتلة ونعم لتدارك الموقف بالسرعة المطلوبة في سياق التحولات المؤسساتية المطلوبة
حاورته: بشرى الضو لـ"منارة".