هل أراد بنكيران تـوريـط الـمَـلك في أكبر خطأ أمام الشعب

زنقة 20
بقلم : أعميار عبد المطلب
على الرغم من الهجوم الإعلامي العنيف الذي شنه الإعلام الفرنسي على بلادنا، لم تكن جريدة لوموند الفرنسية مخطئة عندما قالت بأن "الحكومة قد نأت بنفسها عن قضية العفو الملكي، وتركت الملك يواجه وحده غضب الرأي العام".
حقيقة، إن واقعة العفو الملكي على الاسباني مغتصب الأطفال أخرست بنكيران خرسة نكراء وهو الذي لا يدع فرصة تمر دون اقتناصها لدغدغة مشاعر المواطنين عبر خطابات ابتدأت ذات يوم وهو على رأس الحكومة بحديثه الشهير عن أثمنة "البنان" في الأسواق ،وتوقفت البارحة على قبر الراحل الخطيب ليذكرنا بأن" الدولة في حاجة إلى أبنائها البررة ،وأنها ليست في حاجة للأفاكين الأفاقين".
لكن لا أعرف كيف فضل الأبناء البررة ،أي إخوان بنكيران،وضع أنفسهم خارج ملف العفو وتبعاته، وعوض أن يتحملوا المسؤولية كرجالات دولة في عز الأزمات،فضلوا اعتماد إستراتيجية إعلامية تروم توريط المؤسسة الملكية، وتحميلها المسؤولية كاملة أمام الشعب؟.
فالخروج المبكر لوزير العدل القائل بأن أمر العفو شأن يخص الملكين الاسباني والمغربي،لم يكن الهدف منه طبعا امتصاص غضب الشارع،أو استبيان حقيقة الأمور،بل كانت رسالته المبطنة هو وضع المؤسسة الملكية في مواجهة مباشرة مع الشارع، واستثمار الغليان الشعبي لإرباك القصر، وتصويره كواجهة "للشر" لربح مساحة سياسية على حساب الشارع وفق ما كانت تترقبه أجندة البيجيدي التي لاتهمها في المعادلة السياسية جبر ضرر الضحايا وعائلاتهم،ولا اعتقال الجاني ، ولا إعادة النظر في مساطر العفو ، ولا حتى قرار توقيف بنهاشم الذي لم يرق زعيم الإصلاح والتوحيد ،وإلا لماذا فضل اسلاميو البيجيدي التظاهرلنصرة برنامج الإخوان المسلمين بمصر للمطالبة بما يسمونه "إعادة الشرعية" عوض التظاهر إلى جانب القوى الحية بالبلاد لاستنكار العفو؟ .
وللتوضيح فقط، فالهجوم على المؤسسة الملكية قد سبق بأيام واقعة العفو عندما صرح أحد قياديي العدالة والتنمية بأن المحيط الملكي تتجاذبه نزعة إصلاحية وأخرى محافظة.
وبالنتيجة، فواقعة العفو مناسبة سانحة لمهاجمة القصر من بوابة مستشاري الملك الذين يمثلون" النزعة المحافظة "..،أي أولئك الذين أسماهم بنكيران في خطبة المقبرة"مقتنصو الفرص والأمانات". إن قنبلة العفو بقدر ما شكلت امتحانا للمؤسسة الملكية، وللحكومة،وللطبقة السياسية،ولقوى المجتمع المدني،بقدر ما كشفت العديد من الحقائق.فإذا كانت الملكية قد عبرت عن الاستجابة الشجاعة لمطالب الشارع،فان الطبقة السياسة – مع استثناء- توارت إلى الخلف وترجمت ضعفها في اتخاذ المبادرة وتأطير النقاش العام ، فيما أظهر المجتمع المدني حيوية ملحوظة في التفاعل مع مجريات الأحداث اللهم بعض الأصوات التي اعتبرت الحدث مناسبة جديدة لتصفية الحساب مع النظام.أما الحكومة بقيادة بنكيران وإخوانه فإنها إلى جانب العجز الفظيع في التعامل مع الأحداث وإدارة الأزمة بموجب اختصاصاتها الدستورية، أثبتت بأن الوطن يشكو من حكومة لا تحسن إلا تهديد البلاد في انتظار ما ستسفر عنه الوقائع في الأيام القادمة.