حقوقيون يجلدون 'الرميد' ويدعون لإلغاء عقوبة الإعدام في المغرب
زنقة 20 . الأناظول
دعا مسؤولون وناشطون مغاربة وأجانب ودبلوماسيون معتمدون بالرباط، اليوم الجمعة، إلى إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب، معتبرين أن هذه العقوبة تتنافى مع الحق في الحياة.
جاء ذلك في الجلسة الافتتاحية للمجمع العام السنوي للائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام (يضم 14 جمعية غير حكومية)، بالعاصمة المغربية الرباط (شمال).
وقال عبد الرحيم الجامعي، منسق الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام (غير حكومي)، إن "عقوبة الإعدام لا أساس لها شرعا، ولا مشروعية لها دستوريا، ولا مبرر لها قانونا ولا مصداقية لها في الواقع".
ودعا إلى إلغاء هذه العقوبة من التشريع المغربي، مضيفا أن الحركة الحقوقية المغربية "خاضت تجربة فريدة في انسجام وائتلاف على مدى 10 سنوات من أجل إلغاء هذه العقوبة، وحققنا بهدوء ومسؤولية خطوات في استراتيجية كسب التأييد، وهذا عنوان نجاح ومصدر قوتنا للاستمرار".
وتابع أن الحكومة المغربية "متخلفة ومتشددة" فيما يتعلق بموقفها من إلغاء عقوبة الإعدام، رغم أن الملك دعا في نوفمبر/ تشرين ثان الماضي إلى الحوار حول هذه المسألة، ورغم أن 101 دولة في العالم ألغت تماما عقوبة الإعدام من قوانينها.
واعتبر الجامعي أن "التطرف الداعشي والقتل باسم الشريعة خلف أجواء من الخوف والردة والتي في العالم، جعلت بعض الدول تتراجع عن موقفا العملي بعدم تطبيق عقوبة الإعدام، إضافة إلى ارتفاع الدعوات في العديد من الدول حتى في أوروبا إلى التراجع عن إلغاء عقوبة الإعدام"، وقال "علينا أن ننتبه إلى عدم سيطرة تيارات المحافظين على النقاش في هذا الموضوع، والعمل على التعبئة وتأسيس شبكات كثيرة للترافع من أجل الدعوة لإلغاء الإعدام".
أما عبد الرزاق روان، الكاتب العام للمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان (مؤسسة عمومية تحت وصاية رئيس الحكومة)، فقال إن "مراجعة عقوبة الإعدام ينبغي أن تندرج ضمن مقاربة شمولية، خصوصا مع تصاعد الإرهاب وتهديد الحق في الحياة، ولنضمن كذلك العدالة للضحايا، وشروط التقليل من المساس بالحق في الحياة من طرف المعادين للحق في الحياة".
وأضاف أن "هناك توجه تدريجي لإنضاج الشروط وتوفير الظروف لتحقيق هذه المقاربة"، منوها إلى أن العاهل المغربي في كلمته للمشاركين في المنتدى العالمي لحقوق الإنسان في نوفمبر الماضي بمراكش، أشاد "بالنقاش الدائر حول إلغاء عقوبة الإعدام بمبادرة من المجتمع المدني، وهذا النقاش سيمكن من إنضاج التفكير في هذه الإشكالية".
من جهته قال رافييل شنوي هازان، مدير عام الجمعية الفرنسية "معا ضد عقوبة الإعدام"، إن "المغرب في وضعية جد خاصة في المنطقة، ويمكنه أن يقوم بدور تنويري في قضية إلغاء عقوبة الإعدام بفضل ما سماه النقاش الحر والمتقدم والقوي في هذا الموضوع، رغم وجود بعض المقاومات".
واعتبر أنه بعد دعوة العاهل المغربي في نوفمبر/ تشرين ثان الماضي إلى الحوار والتناظر حول إلغاء عقوبة الإعدام، فإن "المغرب يسير في الاتجاه الصحيح، لأن القصر الملكي ينصت ويرى ويصاحب هذا المسار في اتجاه إلغاء الإعدام".
وقال إن الارهاب يجب أن لا يكون مبررا للإبقاء على عقوبة الإعدام" لأننا لا يجب أن نتعامل مع البربرية بالبربرية، ولأننا عندما نحكم بالإعدام لا نرهب الارهابيين، بل نرهب المواطنين، ونرهب أنفسنا"، معتبرا أن المعركة من أجل إلغاء الإعدام "معركة عالمية".
من جهتها قالت نعيمة الكلاف، عضو مكتب شبكة المحامين والمحاميات ضد عقوبة الإعدام في المغرب، إن الحق في الحياة مقدس ومقدم على جميع الحقوق، وهذا الحق لا يستقيم مع وجود عقوبة أشد قساوة وتتنافى مع كرامة الإنسان المتأصلة، كعقوبة الإعدام"، ودعت إلى إلغاء هذه العقوبة من جميع التشريعات المغربية، اعتبارا للحق في الحياة التي جاء بها دستور المغرب لسنة 2011، وإلى الترافع من أجل انضمام المغرب إلى اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية التي لا تجيز الإعدام.
بدروه اعتبره فيليب ميكوس، رئيس قسم التعاون ووزير مستشار لدى بعثة الاتحاد الأوروبي بالمغرب، أنه "مهما كانت المبررات لا بد من إلغاء عقوبة الإعدام".
وقال إن الاتحاد الأوروبي "دعا المغرب للتصويت على إلغاء عقوبة الإعدام في الأمم المتحدة"، معتبرا أن النقاش حول هذه القضية في المغرب هو الأكثر تقدما في العالم العربي.
أما لوكور غرانميزون، الوزير المستشار بسفارة فرنسا بالرباط، فقال إن إلغاء عقوبة الإعدام مسألة مبدأ وليس فقط موقفا، ونوه بما سماه "النقاش المتقدم" في المغرب حول هذه القضية، إن المتجمع المدني المغربي شريك أساسي لفرنسا في المنطقة للدفع بإلغاء عقوبة الإعدام في المغرب والمنطقة"، وأن السفارة الفرنسية "ستستمر في دعم هذه الجهود التي تعتبر رهانا حقيقا لحقوق الإنسان".
مصطفى الريسوني، عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان (مؤسسة عمومية للنهوض بحقوق الإنسان)، قال إن المجلس، يسعى إلى إلغاء الإعدام بصفة نهائية من التشريع المغربي، رغم أن عقوبة الإعدام لم يتنفذ في المغرب منذ سنة 1993، ورغم ان النقاش الوطني المفتوح في هذه القضية لم ينتهي إلى اتفاق.
وأضاف الريسوني، أن الإعدام في المغرب كان "عقوبة سياسية يستعملها النظام للضرب على أيدي خصومه"، كاشفا أنه في تنفيذ عقوبة المغرب في المغرب منذ الاستقلال لم تشمل سوى 41 حالة منها 38 حالة ذات طابع سياسي.
بدروها قالت خديجة الرويسي، البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، ومنسقة شبكة برلمانيين وبرلمانيات من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، إن ما يجري في بعض دول الشرق والأوسط وإفريقيا يخيم علينا، وهذه التطورات لها تأثير على المغرب، لكن التحدي الكبير هو كيف نستمر في هذه الأسئلة الحارقة حول إلغاء عقوبة الإعدام، ونصل إلى إلغائه"، مضيفة أن "المسار الذي انطلق لا يجب أن نتراجع عنه لا بالإرهاب ولا بالتذبذب".