المخرج "كمال هشكار" يكشف عن حَقيقة فيلمِه "تنغير جيروزاليم" وعلاقته بالَهُود المَغاربَة بإسرائيل والقناة الثانيٌة وموقفه من "الشعبويين والديماغوجيين"


زنقة 20

من يكون "كمال هشكار"؟

وُلدت في مدينة تنغير وغادرتها في سن ستة أشهر رفقة أمي وأبي الذي هاجر سنة 1968 إلى فرنسا، وهناك نشأت وترعرعت ودرست.  وعندما  كنت أعود في فصل الصيف مع الأسرة إلى تنغير، كنت أحاول أن أعرف من جدي وجدتي تاريخ هذه المدينة وطبيعة العلاقات التي كانت تربط القبائل الأمازيغية فيما بينها في فترة «السيبة» أو في فترة الاستعمار الفرنسي.وأتذكر أنه عندما كان عمري 18 سنة، أخبرني جدي رحمه الله أنه كانت تربطه علاقة تجارية في مدينة تنغير عن طريق السوق السوداء مع يهوديين مغربيين اسمهما موشي ودافيد وبأن السلطات الفرنسية اعتقلتهما وحكمت عليهما بالسجن. هذه الحكاية أثارتني لأني كنت أعتقد أن جميع المغاربة مسلمون وليس فيهم يهود، ففكرت في إنجاز بحث أكاديمي حول اليهود المغاربة ، لأن مجال تخصصي هو التاريخ، وهكذا وجدت نفسي إزاء مجموعة من الحكايات الغريبة حكاها لي جدي وجدتي عن نساء يهوديات وعن رجال يهود كانوا يملكون محلات تجارية في «القيسارية» وكيف كانت تربطهم علاقات جيدة مع جيرانهم المسلمين، وهاجروا إلى إسرائيل. والشيء الذي أثر في أكثر، هو أن هؤلاء اليهود المغاربة الذين كانوا جزءا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي لمدينة تنغير، حتى وإن استبد بهم الشوق إلى مدينتهم وأرادوا زيارتها لربط ماضيهم بحاضرهم، فإنهم محرومون من ذلك لأنه لم تعد لديهم فيها بيوت أو عائلة، عكسي أنا وأسرتي، ومن هنا جاءت فكرة الفيلم التي تتمثل في السؤال: ما هي الظروف التي أدت إلى اقتلاع  هؤلاء المغاربة من جذورهم؟ ولماذا غادروا أرضهم بشكل نهائي؟ ومن الذين أغروهم بالرحيل؟ وماذا وجدوا هناك عندما رحلوا؟ وهل حققت هجرتهم الجماعية أحلامهم وطموحاتهم؟ وكيف تم التعامل معهم حين وصلوا؟


فيلمك «تنغير القدس: أصداء الملاح» عُرض في القناة المغربية الثانية. كيف تم التعامل مع هذه القناة؟


الفضل يعود إلى رضا بنجلون الذي ما أن شاهده حتى  آمن به ودافع عنه، ومنحه صدى كبيرا ببرمجته في فترة الذروة.
هل صادفتك مشاكل في إنجاز هذا الفيلم؟
هناك دائما مشاكل تصادف الوافدين الجدد على المجال. فقد تطلب الأمر مني أربع سنوات من البحث والكتابة وإعادة الكتابة وربط الاتصالات مع الأشخاص الذين يمكن أن يساعدوني في العمل.


كيف نجحت في ربط الاتصال مع اليهود المغاربة في إسرائيل الذين ظهروا في الفيلم؟


فيلمي هو عملية بحث عن هوية مفقودة، وهو في الآن ذاته بحث هن هويتي أنا التي لم أكن أعرف الكثير عنها.  فمن خلال اشتغالي على الآخر، أي على اليهودي الغائب، اشتغلت أيضا على هويتي المغربية والأمازيغية. فهو عمل عن حبي لأرضي وأردت من خلاله أن أعبّر عن اعتزازي ببلدي وهويتي بتنوع ثقافاتها وبعمقها الإنساني. وعندما كنت منهمكا في بلورة أفكار الفيلم، كتبت مقالا عن المشروع، فاتصل بي عن طريق الأنترنيت الباحث دانيال الذي ظهر في الفيلم والذي يعيش في مارسيليا بفرنسا وأخبرني بأنه يقوم بنفس الأبحاث، وقال لي بأن جده وجدته ينحدران من «أسفالو» نواحي تنغير، وهو الذي قدم لي «عيشة» التي ظهرت وهي تغني في نهاية الفيلم أغنية جميلة تقول فيها بأن الفراق مثل الموت، و عرّفني بـ «شالوم ييلو» الذي لازال يتحدث بالأمازيغية مع أبي عن طريق الأنترنيت والذي يعرف جدي، وعرّفني بباقي اليهود المغاربة الذين يعتبرون سفراء لثقافتنا هناك في إسرائيل وفي باقي بلدان العالم والذين يفتخرون بكونهم مغاربة ويعملون على نقل مشاعر هذا الفخر إلى أبنائهم وأحفادهم.


هل كنت تنتظر أن يثير فيلمك كل هذه الضجة وكل هذه الوقفات الاحتجاجية؟


هذا أمر يدعو إلى التساؤل حول مجموعة من القضايا، من بينها مدى إيمان البعض بأن المغرب بلد متعدد الثقافات،  فيه مواطنون من ديانة أخرى لهم أيضا الحق في التحدث عن مغربيتهم، ويطرح أيضا موضوع حرية الإبداع وحرية كتابة الحكايات التي نريد أن نحكيها دون طابوهات. لكن يبدو أن هناك أقلية صغيرة من المحافظين والشعبويين والديماغوجيين وأصحاب ردود الأفعال غير المحسوبة تدعو إلى فرض الرقابة على فيلم لم يشاهدوه. لدينا الحق ألا نحب عملا فنيا والتعبير عن غضبنا منه وهو حق دستوري منصوص عليه في الفصل 25، ولكن في الوقت نفسه، لدي الحق أنا أيضا كمغربي أن أنجز عملا فنيا دون طابوهات ولا رقابة. أنا لا أفهم ما يحدث، ولم كن أتوقع على الإطلاق أن تحدث كل هذه الضجة عن الفيلم.

عـن: الأحداث المَغربيَة

 









0 تعليق ل المخرج "كمال هشكار" يكشف عن حَقيقة فيلمِه "تنغير جيروزاليم" وعلاقته بالَهُود المَغاربَة بإسرائيل والقناة الثانيٌة وموقفه من "الشعبويين والديماغوجيين"

أضف تعليق


البحث في الأرشيف

البحث بالتاريخ
البحث بالصنيفات
البحث في الموقع

البوم : صور