كيف سقط أفراد عصابة سرقوا أزيد من 30 سيارة بالمغرب؟
زنقة 20
ضلت شبكة وطنية مكونة من أزيد من 11 شخصا تنشط في مجال سرقة السيارات بكلا من مدن الرباط، سلا، القنيطرة ومكناس لمدة سنة ونصف، وقد تمكنت من تنفيذ ما لا يقل عن 30 عملية سرقة، كانت تستهدف سيارات من نوع “فياط أنو” بكل من الرباط وسلا، ونوع “مرسيدس” بكل من القنيطرة ومكناس، استنادا إلى مصدر وثيق الاطلاع. وكان أفراد العصابة يعملون على رصد الناقلات المستهدفة ليلا أو نهارا خاصة تلك التي تكون مركونة بمواقف السيارات، بتواطؤ مع الحراس، من خلال استعمال مفاتيح مزورة، أو آلات أخرى لفتحها قبل أن تقدم العناصر المعنية على تزوير بطائقها الرمادية، والأرقام الموجودة على هياكل السيارات، إضافة إلى تزوير الصفائح المعدنية، بغرض عرضها للبيع، أو العمل على تفكيكها وبيعها على شكل أجزاء متلاشية بمختلف أسواق المتلاشيات بالرباط، القنيطرة، ومكناس بمساعدة مشاركين من بائعي المتلاشيات.
تواتر العديد من الشكايات على المصالح الأمنية بمختلف المدن سالفة الذكر طيلة سنة ونصف،على اعتبار أن أفراد العصابة تنتقل باستمرار بهذا المجال الترابي، وبالتالي كان يصعب تحديد مواقعهم بدقة متناهية، كون أنهم خلال كل أسبوع يحلون بمدينة من المدن المذكورة من أجل تنفيذ عملياتهم الإجرامية، ومن ثم الانتقال إلى مدينة أخرى لإبعاد الشبهات عنهم، وحتى لا يتمكن التعرف عليهم أو رصدهم من قبل المصالح الأمنية، لكن خلال هذه السنة استفحلت ظاهرة سرقة السيارات من مواقفها التي تكون مركونة بها، الأمر الذي أثار حفيظة الضحايا، الذين رفعوا من وتيرة الاحتجاج على أمل الوصول إلى الجناة، وبالتالي استرجاع ناقلتهم التي ضاعت في غفلة منهم، ما جعل مصالح الشرطة التابعة لأمن سلا، الاستعانة بلائحة المشتبه فيهم المتوفرة لديهم، خصوصا أولئك الذين لهم سوابق في مجال السطو على السيارات وغادروا السجن حديثا، بحسب مصدر وثيق الاطلاع، من أجل القيام ببحث ميداني وتعقب أثارهم بغرض التأكد من أنهم تابوا توبة نصوحة وأقلعوا عن هذه “البلية” أم أن حليمة عادت إلى عادتها القديمة. هذه العملية ستقود عناصر الشرطة القضائية لأمن سلا إلى وضع يدهم على خيط ناظم من شأنه أن يكشف المستور، بعدما أثار انتباههم شخص يدعى “ادريس” ذو الخامسة والأربعين مشتبه فيه، ومعروف بسوابقه القضائية كان غادر السجن حديثا، بعد أن كان أعتقل سنة 2007 وقضى عقوبة قدرت ب 5 سنوات حبسا نافذا على خلفية ضلوعه في مجال سرقة السيارات.
تركيز البحث من خلال تعقب خطوات المشتبه فيه من قبل عناصر امن سلا، تبن أن المعني يكتري سيارات من مختلف الأنواع من إحدى وكالة كراء السيارات، و”أثار النعمة بادية عليه” بحسب المصدر ذاته، وكان يتوارى عن الأنظار لمدة طويلة وبين الفينة والأخرى يتردد على مدينة سلا، من أجل زيارة عائلته التي تقطن بحي الرحمة بالمدينة المذكورة.
تنسيق الجهود مع مختلف مصالح أمن سلا الرباط، مكناس، والقنيطرة، بتعاون مع الحراس الليليين تكونت معلومات لدى مصلحة الشرطة القضائية لأمن سلا عن هؤلاء الأشخاص الذين يتكونون من ثلاثة أفراد يتزعمهم المسمى “ادريس” وقد شوهد هذا الأخير يتجول ليلا بأحياء مدينة سلا برفقة مشاركيه بصدد التربص بالسيارات المركونة بمواقف السيارات التي يعتزمون السطو عليها.
وخلال ليلة وردت أخبارا على مصالح أمن سلا، مفادها أن المشتبه فيه جاء لزيارة عائلته بحي الرحمة، وبحوزته سيارة سوداء من نوع “ستروين”، لحظتها انتقلت عناصر الأمن المعنية وضربت حراسة مشددة على منزل عائلته عن بعد، وفي خطوة استباقية عملت على أخذ رقم السيارة التي يمتلكها المشتبه فيه، وعند تنقيطها تبن أنها مكتراة من وكالة كراء السيارات بسلا بمبلغ 300درهم عن كل ليلة، مما يعني أن المعني “أصبح لا باس عليه” يتوفر على إمكانيات مادية يجهل مصدرها سيما أنه بدون عمل مما عزز فرضية أنه مشتبه في تنفيذ عمليات إجرامية كما اعتاد على ذلك في السابق.
وبعد عدة ساعات جاء ليستقل سيارته، ولكنه وجد عناصر الشرطة القضائية لسلا في انتظاره، وبعد أن أجرت عليه عملية تفتيش أولية، ضبطت بحوزته نسختين من البطاقات الرمادية لسيارة “فياط أنو” وعدة مفاتيح لسيارات أخرى، مغايرة لمفاتيح السيارة التي يستقلها، ولما أستفسر عن سبب تحوز تلك الوثائق والمفاتيح ظهر عليه ارتباك واضح، وعجز عن تقديم مبرر شافي لحيازة تلك المحجوزات، التي كانت فاتحة خير من أجل إماطة اللثام عن ملف وطني شائك أرق مختلف مصالح أمن المدن سالفة الذكر، التي كانت تحاول الوصول إلى الجناة بعد أن “كثرت الهضرة والقيل والقال” على سرقة السيارات.
البحث الأولي الذي باشره المحققون مع الضنين، أسفر عن أن المعني يشكل إلى جانب مجموعة من شركائه عصابة متخصصة في سرقة السيارات، خصوصا نوع “فياط أنو” و”مرسيدس” التي يسطون عليها بمدن سلا الرباط، القنيطرة، ومكناس، ويعملون على تزوير البطاقات الرمادية وأرقام هياكل السيارات، والصفائح المعدنية للسيارات المسروقة لدى صاحب محل للمطالة بمدينة الخميسات، قبل أن تتمكن المصالح الأمنية ذاتها من اعتقال عنصرين يعتبران شريكين أساسين مع الفاعل الرئيسي، في كل عمليات السطو على السيارات التي تجاوزت 30 عملية سرقة، خصوصا أن أحد الشريكين اعتقل ليلة زفافه وكانت ضبطت بحوزته سيارتين مسروقتين من نوع “مرسيدس” كان يعتزم تحويلهما إلى سيارة أجرة كبيرة “طاكسي”.
تعميق البحث مع الأضناء الثلاثة، بعد عملية المواجهة بينهم، خصوصا أنهم من ذوي سوابق قضائية في مجال سرقة السيارات، ومواجهتهم بالمنسوب إليهم، لم يجدوا بدا من الاعتراف كونهم يترصدون السيارات المركونة بأحياء المدن سالفة الذكر ليلا أو نهارا، ثم يقومون بالسطو عليها من خلال استعمال مفاتيح مزورة، أو فتحها بواسطة معدات ميكانيكية طالما أن المتهمين الاثنين رفقة المتهم الرئيسي متخصصين في المجال “أولاد الحرفة” واحد ميكانيكي، والآخر كهربائي السيارات.
المتهمون الثلاثة اقروا خلال اعترافاتهم، أنهم يعملون على تزوير البطائق الرمادية وأرقام هياكل السيارات والصفائح المعدنية، بمساعدة ثلاث أشخاص يعملون بمحل للمطالة بمدينة الخميسات، الذي تم اعتقال أحدهم يسمى عصام ذو التاسعة عشر من عمره، في حين لا يزال صاحب المحل ومشارك أخر في حالة فرار، إضافة إلى اعتقال ثلاث أشخاص من بائعي أجزاء السيارات بسوق المتلاشيات بالرباط، هؤلاء اعترفوا كونهم يشترون السيارات المسروقة ثم يحولونها إلى قطع غيار وأجزاء سيارات معروضة للبيع، وأثناء تفتيش محلاتهم تم حجز محركات وأبواب سيارات وأجزاء أخرى متبقية من السيارات المسروقة.
المتهمون الثمانية المشاركون في أكبر عملية سرقة على الصعيد الوطني، تمت إحالتهم على الوكيل العام لدى استئنافية الرباط يوم الثلاثاء 25 من الشهر الجاري، من أجل النظر في التهم المتفاوتة بين كل الأطراف المشاركة في الأفعال الإجرامية المتعلقة بتكوين عصابة إجرامية متخصصة في سرقة السيارات وتفكيكها، تزوير هياكل السيارات، تزوير الصفائح المعدنية مع حالة العود، إخفاء أشياء متحصلة من جناية والمشاركة، وسيتم الاستماع إليهم كذلك من طرف مصالح أمن القنيطرة ومكناس، بحيث لا زال هذا الملف مفتوحا للتحقيق ومن المرتقب أن يطيح بمتورطين آخرين كانوا فاعلين أو مشاركين. عن الأحداث المغربية.