تفاصيل مطاردة بوليسية مثيرة تنتهي باعتقال أخطر مُجرم بطنجة
زنقة 20
كان رئيس الدائرة السابعة التابعة لولاية أمن بني مكادة بطنجة مستسلما لقيلولته بعد منتصف نهار يوم الأحد الماضي، عندما أيقظه رنين هاتفه المحمول. فتح الخط ووضع سماعة الهاتف على أذنه وقال بتثاقل : “آلو. شكون معايا؟”. أجابه صوت شخص يعرفه جيدا: “أعتذر عن إزعاجك. لكن الأمر مستعجل. إن المجرم الخطير المُلقب باسم “الخُمسي” الذي تبحثون عنه منذ مدة يوجد في بيت بحي “القْوادس” في منطقة بير الشيفا”.
عندما سمع رئيس الدائرة اسم “الخُمسي”، لم يكن ممكنا أن يستمر في قيلولته. فقد كان مُلزما بأن يتصل على التّو بثلاثة من عناصر الأمن التابعين لمصلحته، وأن يتوجه رفقتهم بسرعة على متن سيارة خاصة إلى العنوان الذي أخبره به المُخبر، بعدما حصل على إذن من رؤسائه يسمح له بالتحرك بشكل عاجل لإلقاء القبض على هذا الشخص المتهم بارتكابه لجرائم خطيرة، والذي تتوفر جميع الدوائر الأمنية في مدينة طنجة على شكاوى ضده، إذ أنه متهم بعمليات اعتراض سبيل المارة في مختلف أحياء بني مكادة، وبانتزاع كل ما لدى ضحاياه من أموال وهواتف نقالة وحليّ، مستعملا سلاحا أبيض يوجه به الضربات إلى ضحاياه قبل حتى أن يُطالبهم بإعطائه ما لديهم في جيوبهم أو حقائبهم أو محفظات نقودهم.
عندما وصل رئيس الدائرة السابعة رفقة عناصره لحي “القْوادس”، علم أن “الخُمسي” انتقل إلى بيت آخر في حي “بورْبعات” في بير الشيفا، فاقتفوا أثره وتمكنوا من معرفة البيت الذي يوجد داخله. وحين طرقوا الباب وطلبوا منه أن يسلم نفسه، نطّ عبر سطح البيت الذي كان مختبئا فيه إلى سطح بيت آخر، لتبدأ مطاردة مثيرة أمام مرأى ساكنة الحي، من سطح إلى سطح، إلى أن وجد المتهم نفسه محاصرا فوق سطح بيت أخير لا سبيل له للقفز منه. حينها أخرج سكينا من جيبه، لكنه اضطر في الأخير إلى أن يسلم نفسه إلى عناصر الأمن، الذين كان من بينهم من له خبرة في هذا النوع من المُطاردات التي سبق أن أعطت نتيجتها في عمليات اعتقال الكثير من المجرمين الذين ينتشرون بكثرة في منطقة بني مكادة المعروفة بتنامي عمليات الإجرام، وبتفشي ظاهرة التعاطي للمخدرات القوية ولحبوب الهلوسة، وبسرقة الهواتف النقالة من السيارات العابرة عبر طُرق محبوكة، واعتراض سبيل المارة، والاختطاف والاغتصاب، ومحاولة السطو على الوكالات البنكية.
“الخُمسي” صاحب سوابق إجرامية خطيرة، سبق له أن دخل السجن عدة مرات، آخرها كان قبل سنة، حيث أُدين بستة أشهر سجنا نافذا بتهمة اختطاف فتاة واغتصابها. وما أن خرج من السجن حتى عاد إلى الحرفة التي لا يُتقن غيرها، وهي حرفة اعتراض السبيل والضرب والجرح. وعن السبب في كون الأحكام التي يُحكم بها على هذا المتهم تكون مُخففة مما يسمح له بالعودة سريعا إلى خلق الرعب في المنطقة، يقول أحد مصادر الأمن بولاية أمن بني مكادة :”بالفعل. نُعاني من مشكل حقيقي بسبب الخروج السريع لأصحاب السوابق من السجن، والذين يعودون منذ أول يوم من خروجهم إلى سابق عهدهم ويعيثون في المدينة إجراما بشكل خطير وهم في حالة هيجان بسبب المخدرات القوية والقرقوبي. والسبب يكمن أساسا في أن الضحايا الذين يكونون قد تقدموا بشكاوى ضد هذا المجرم أو ذاك، يتنازلون عن شكاواهم، إما بسبب الخوف من انتقام المجرمين منهم بعد خروجهم من السجن، أو لأنهم يأخذون مُقابلا ماليا من أفراد عائلات هؤلاء المجرمين”.
بعدما ألقت عناصر الدائرة السابعة ببني مكادة القبض على “الخُمسي”، استمعت إلى أربعة أشخاص كانوا قد تقدموا بشكاوى ضده، تعرّفوا عليه وأكدوا أنه هو الذي اعترض سبيلهم وعرّضهم للضرب والجرح، ووقّعوا على محاضر الاستماع، قبل أن يتم نقل المُتهم إلى مقر الضابطة القضائية بولاية الأمن ببني مكادة المُكلفة بتجميع جميع الشكاوى حوله من مختلف الدوائر الأمنية بالمدينة، والسؤال الذي يطرحه عناصر الأمن الذين اعتقلوا هذا المُتهم هو: هل سينال جزاءه من خلال مدة سجن طويلة الأمد بعد إدانته بكل المنسوب إليه، أم أن الضحايا سيتنازلون كالعادة عن الشكاوى التي تقدموا بها ضده لكي يعود بعد فترة وجيزة إلى حالته؟. عن الأحداث المغربية.