تفاصيل مُحاكمة مُوثق عقار عين الذئاب في جلسَة ساخنة
زنقة 20
لم يتمالك النقيب بوعشرين نفسه، خلال الجلسة الأخيرة في ملف عقار عين الذئاب، حينما صرخ بقوة أمام هيئة المحكمة قائلا «هناك تصريحات في الملف، مست الصفة السامية لموظفي الدولة.. هذا تمرد.. نحن ندافع عن شرف القضاء.. هذا تطاول على مؤسسة القضاء، ويجب اتخاذ اللازم من طرف النيابة العامة، وهذه التصريحات غير مقبولة من أيا كانت جنسيته أو صفته أو ديانته».
وقال المحامي بوعشرين إن موكله المحامي رضوان الخلفاوي، الذي حكم عليه بسنة واحدة حبسا نافذا، مع إرجاع مبلغ ثلاثة ملايير و750 مليون سنتيم إلى الطرف المدني، قام بما يتوجب عليه من الناحية القانونية والأخلاقية من خلال تحويل مبالغ موكلته إلى حساب الودائع، وأنه يحاكم اليوم بسبب التزامه بالسر المهني، الذي خرقه محامون في الملف.
وتلقت هيئة دفاع المتهمين، الأحكام الصادرة في حق موكليهم، باندهاش كبير، وفوجئ عدد منهم بالأحكام التي قضت بمؤاخذة المنعشين العقاريين الثلاثة وحارس الفيلا بالمنسوب إليهم، والحكم عليهم بسبع سنوات سجنا نافذا، إضافة إلى 12 سنة سجنا نافذا في حق الموثق، الذي تم اعتقاله برفقة الحارس من داخل قاعة الجلسات. وقضت الأحكام الابتدائية، التي تم النطق بها في حدود السابعة مساءا، بالبراءة لجيرار بنيطاح، والتصريح بعدم الاختصاص في المطالب المدنية المقدمة في حقه، وأداء المتهمين تضامنيا لفائدته تعويضا قدره 2 مليون درهم.
وأبدى عدد من المحامين استغرابهم من الأمر بإتلاف العقود والوثائق، رغم عدم مطالبة النيابة العامة بذلك في ملتمسها، وهي العقود التي حازت على مجموعة من الأحكام والقرارات القضائية، أثبتت صحتها، إضافة إلى الخلاصات الإيجابية التي انتهت إليها تقارير الشرطة العلمية ومختبر الدرك الملكي.
وشهدت بداية الجلسة التي دامت خمس ساعات، تقديم مذكرة دفاعية خاصة بالمحامي عبداللطيف وهبي، قبل أن يرافع المحامي عبدالله القرطبي، الذي اعتبر أن غموضا يلف صفة بنيطاح، الذي «يقدم مرة بصفته وراثا، ثم وكيلا، أو موصى له»، وقال إن المشتكي قدم وثيقة غير مذيلة بالصيغة التنفيذية أو مصادق عليها من طرف المصالح المختصة إلى هيئة المحكمة، وادعى أنها عقد إراثة، رغم أن القانون المدني الفرنسي، ينص على العقد المذكور، يجب تحريره أمام موثق وشاهدين، كما تطرق إلى الرسالة النصية التي حملت عبارة «غادي نصيفو الكلب» (في إشارة إلى حيم)، والمضمنة في محاضر البحث التمهيدي، قبل أن يتدخل القاضي، داعيا إياه إلى مناقشة الوقائع المنسوبة لموكله.
وأظهر المحامي القرطبي، استغرابه الشديد من متابعة موكله بمقتضى المادة 104 من ظهير التحفيظ العقاري، الذي وقع إلغاؤه، كما استعرض خلاصة الخبرة المنجزة على العقد العرفي، والتي أقرت صحة العقد، واعتبر أن الإقحام الذي طرأ على الورقة العرفية، لم يغير من بنيتها كالمحل والثمن وغيره، وهو ماجعل العقد المتنازع حوله مستوفيا لجميع شروط البيع ومنتجا لأثاره القانونية، بالإضافة إلى وجود أحكام وقرارات قضائية أقرت ذلك، وقال إن انتصاب بنيطاح طرفا مدنيا، رغم متابعته بالنصب وخيانة الأمانة في ممتلكات بريسو، يبقى أمرا غير مفهوم.
وتناول المحامي مصباح في مرافعته القصيرة، أسباب إسناد الخبرة العقارية الخاصة بالملف إلى خبير حيسوبي، وقال مصباح إن الملف طغت عليه الوقائع أكثر من القانون. وقال المحامي خشيع، إن هناك خطأ في التكييف الخاص بمتابعة موكله، الذي يتابع بجنحتين طالهما أمد التقادم.
وكانت أبرز محطات الجلسة، هي مرافعة المحامي عمر أزوكار، الذي تساءل عن سبب متابعة قاضي التحقيق لموكله (بنزاكور) بالفصل 352 من القانون الجنائي، الذى يؤكد على الصفة المهنية كمحدد لتشديد العقوبة، رغم أن موكله ليس بقاض ولا بعدل ولاموثق ولاموظف عمومي، وانتقد أزوكار، الذي أمطر هيئة المحكمة بحوالي 30 اجتهادا وقرارا لمحكمة النقض حول الفرق بين الورقة العرفية والورقة الرسمية، لجوء قاضي التحقيق إلى اجتهادات فقهية عن شخص غير معلوم (معوض عبدالتواب) حول الورقة العرفية، مستدلا بأن مفهوم الورقة الرسمية والورقة العرفية يجد تعريفاته في القانون والنص التشريعي لا في أقوال الفقهاء.
وصرح المحامي أزوكار، أن الورقة الرسمية هي التي عرفها الفصل 418 من قانون الالتزامات والعقود، وهي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد، ليتساءل قائلا «هل يعتبر المستخدم المكلف بتصحيح الإمضاءات موظفا مؤهلا بتوثيق العقود وتلقي التصريحات وتضمينها؟».
واعتبر عمر أزوكار، أن التوقيع على الورقة العرفية يرد على أسفلها وليس بكل صفحة من صفحتها، بخلاف الورقة الرسمية التي تأخذ قوتها الثبوتية في تلقيها من طرف موظف عمومي مؤهل قانونا، ليطالب بالكشف عن الأسباب الحقيقية وراء متابعة موكله بالتزوير في محرر رسمي، رغم أن الأمر يتعلق بورقة عرفية، وختم أزوكار مرافعته بقوله «أنا أشك أننا أمام خصم شريف يقارع الحجة بالحجة.. نحن أمام طرف يتلاعب بالأفعال الجرمية كيفما يشاء». عن الأحداث المغربية.