محمد السادس في إفريقيا.. سلطان يصول في أعماق جذور مملكته
زنقة 20 . وكالات
تستمر زيارة الملك إلى دول الساحل الإفريقي في تحقيق اختراق ديبلوماسي باهر وهي في أسبوعها الثاني، وبدا الملك محمد السادس في زيارته إلى مالي والكوت ديفوار كسلطان مغربي يصول في أعماق جذور مملكته.
محمد السادس سلطان صديق جنوبا
في المواقع الاجتماعية خاصة "الفايس بوك" حيث يجتمع 5 مليون مغربي "افتراضيا"، جرى تناقل صور الملك في مالي وفي الكوت ديفوار بشكل قوي، وكثرت التعاليق التي ترى في الزيارة نجاحا لا ريبة فيه، فمثلا هناك من كتب قائلا بعد الاستقبال الملكي في ساحل العاج، إن الملك لو ترشح في مالي والكوت الديفوار لفاز بالأغلبية.
الزيارة الملكية إلى غرب أفريقيا أحدثت زوابع في عواصم قريبة، وأزعجت الصديق قبل العدو، لكنها أيضا جمعت إشادات كثيرة من خلف الأطلسي.
وتبقى أقوى صورة خلقت الحدث على جدران مارك زوكينبرغ، صورة للملك محمد السادس مع أفراد من الجالية المغربية المقيمة في أبيدجان، يرتدي فيها قميصا صيفيا وسروالا "قندريسيا-أفريقيا" أزرق، ومعه حذاء رياضي "بالغين" في اللون نفسه، ما فتأت بعض المواقع الإخبارية المغربية أن تقصت عن ثمنه فوجدت أنه لا يتعدى 500 درهم.
وانتشرت هذه الصورة في المواقع الاجتماعية بشكل سريع، إذ أجمع المتصفحون أن لوك الملك المتحرر من كل الرسميات وبساطتها ووسامته وأريحيته في التقاط الصورة تظهره كملك مرتاح، أو كـ"رجل أزرق" في أحضان جنوب الصحراء.
زيارة الملك زوابع في الجزائر وباريس وموريتانيا
من المفهوم أن تتجند الاستخبارات الجزائرية لخلق بلبلة وإزعاج الدولة المغربية، في محاولة للتشويش على زيارة الملك إلى مالي تحديدا، فالجزائر التي لا تريد حلا لقضية أمازيغ أزواد، والرافضة لأي اعتراف بهم، حتى ولو كان على شاكلة حكم ذاتي، تتخوف من النزعة الاستقلالية لشعب الطوارق، المنتشر في شمال مالي وجنوب الجزائر إضافة إلى تشاد، وبالتالي فإن استقبال زعيم حركة أزواد في مراكش عاصمة جدهم الأكبر، يوسف بنتاشفين، كان أولى المؤشرات المقلقة لحكام الجزائر.
ويبقى المثير في الأمر هي البروباغندا الإعلامية الكبيرة والمدروسة التي حيكت في فرنسا لاستفزاز المغاربة، ولم يتوقع أحد أن تأتي الحبكة من إعلام فرنسي عمومي، لجأ إلى الإثارة والتجريح.
ويبدو أن جماعة الجزائر في الإكزاكون الثملة بقيم اليسار الغالي، نسبة لبلاد الغال حركت أغلفتها تحت الطاولة وتحت رنين تلاقي كؤوس النبيذ، واستقدمت فنانا معروفا بانحيازه السافر في الدفاع عن ما يسمى محتجزي تندوف، لينقل تصريحا جارحا للمغرب والمغاربة، تصريح تلقفته "لوموند"، دون أن تستوضح هوية السفير الفرنسي، فأصدرت هبرا لتعتذر بعدها وتقول إن السفير المعني ليس المقيم بواشنطن وإنما سفير باريس في الأمم المتحدة بنيويورك.
ويبدو أن فرنسا التي سارع رئيسها إلى السفر صوب نيجيريا، معذورا نوعا ما، وهو يرى أن لعبة الأمم بدأت تغير ملامحها، ففرنسا ترتعد من أن تسحب من تحت أقدامها مسالك القارة السمراء الغنية بالنفط والماس واليورانيوم، وهي تائهة بين ما يجري في أوكرانيا وعجزها عن الوقوف في وجه الدب الروسي المستفيق من سباته السوفياتي.
بعض المراقبين يرون أن تصور الملك محمد السادس للتعاون جنوب-جنوب، وأن إفريقيا ليست بحاجة إلى مساعدات بقدر ما هي بحاجة إلى تعاون حقيقي يجود بالنفع على الجميع وبعيدا عن الاستغلال والوصاية. وحسب المراقبين أنفسهم فإن الوفد الضخم الذي رافق الملك في رحلته، والمقدر ب400 شخص، فيهم وزراء وعسكريون ورجال أعمال ومقاولون ومدراء أبناك، هو ما أزعج مصالح فرنسا الصديقة والجزائر الجارة، بل إنه حتى موريتانيا أعربت عبر وسائل إعلامها الرسمية عن انزعاجها من التقارب المغربي المالي، خاصة في المجال العسكري، وهو ما يمكن أن يقلب موازين القوى لصالح مالي.
ويبدو أن الساسة في فرنسا قلقون من انهيار وهم "جمهورية ما وراء البحار"، وصور لبعض العارفين أن المغرب يمكنه مزاحمتهم، خاصة وأن الملك حضر إلى مالي كزعيم روحي وأمير للمؤمنين، وهو ما لا يمكن أن يلعبه ساكن قصر الإليزيه.