هكذا إقتحم "زوار ليل" منزل مسنين بالحوز وحشرونهما في كيسين بلاستيكيين
زنقة 20
على عادة زوار الليل خلال أزمنة الرصاص السيئة الذكر، قام مجهولون باقتحام منزل زوج مسن في ساعات متأخرة من ليلة أول أمس، وحشروهما داخل” خنشة”، ومن ثمة نقلهما بعيدا عن فضاءات بيتهما الأسري،والإلقاء بهما بعيدا خلف مطحنة زيتون بمركز اثنين أوريكا بإقليم الحوز.
لم يشفع للضحيتين سنهما المتقدم،وبلوغهما من الكبر عتيا( الزوج 90 سنة والزوجة 70 سنة)،حين أصر الجناة على إخضاعهما لتجربة مريرة، عنوانها الأساس العنف الشرس والاعتداء الهمجي، حيث لازال المسن يتجرع مرارتها لحد كتابة هذه السطور،وهو يعيش بين الحياة والموت بغرفة العنايات المركزة بإحدى مصحات مراكش.
كان واضحا أن السرقة والرغبة في الاستيلاء على أموال العجوز، يقفان خلف هذه الجريمة النكراء، باعتبار مهنة صاحب البيت المعروف بنشاطه في مجال تجارة بعض المنتوجات الفلاحية.
بدأت فصول الواقعة، حين فوجىء »باعلال» و«مي كلثوم» الزوجان العجوزان بغرباء يقتحمون عليهما منزلها “بدون إحم،ولا دستور” على رأي أهل الكنانة،بعد أن اتخذوا من جنح الليل وعامل الظلام ستارا يقيهم عيون المتطفلين،ويمنع من اكتشاف أمرهم.
مباشرة بعد أن وجد المعنيون أنفسهم وجها لوجه مع أصحاب البيت، بادروهما بوابل من الضربات بعصي غليظة، وأشبعوهما ضربا ورفسا،قبل أن يشرعوا في “بقششة” كل الأمتعة والمحتويات، مع إخضاع المسنين لتفتيش ذاتي، انتهى بالعثور على مبلغ مالي محترم،حدد في أربعة ملايين سنتيم.
لم تكف “الغلة” أطماع الجناة، وقرروا في لحظة جشع وطمع، إرغام »باعلال «على الإقرار والاعتراف بالمكان الذي يحتفظ فيه بكل” تحويشة “عمره المديد، وبالتالي اعتماد مقاربة” العصا لمن عصى” في حق الضحية.
ظلت الضربات الموجعة تتلقف كل مناحي جسد »باعلال» الواهن، مع توجيه البوصلة بين الحين والآخر صوب جسد حليلته ورفيقة عمره »مي كلثوم»، في إطارمبدأ”اضرب المربوط،يخاف السايب”، إلى أن وقعت”الضربة فالمعطوبة” وأصابت ضربة عصا طائشة رأس الزوج أفقدته الوعي، وأدخلته دوامة الغيبوبة المطلقة.
كانت الزوجة حينها قد نالت نصيبا وافرا من الضرب والتعنيف جعلها بدورها تنهار وتفقد الشعور، وبالتالي اعتقاد الجناة ،أن حفلة “الطريحة ديال العصا” قد أودت بالضحيتين مدارك الموت والهلاك، وعجلت بالتحاقهما بالرفيق الأعلى.
وفي محاولة لطمس معالم الجريمة، عمد الجناة إلى “لملمة” العجوزين داخل أكياس بلاستيكية كبيرة من النوع المستخدم في جمع محاصيل الزيتون، وقاموا بحملهما بعيدا عن منزلهما ،والتخلص منهما بخلاء يوجد خلف مطحنة”معصرة” زيتون.
مع إشراقة شمس اليوم الموالي، كان أحد الساكنة بصدد التوجه لمقر عمله، حين استيقظ انتباهه على وقع أنين خافت، كان يصدر من الفضاء المومأ إليه، ما جعله يتتبع مصدر الصوت وكله خوف وتوجس، لحين وقعت عيناه على الكيسين الكبيرين، وحركة مريبة تدب من داخل أحدهما.
تحت هول المشهد سارع الرجل بإخطار بعض السكان باكتشافه المثير، وقد تأكد له باليقين القاطع أن الأمر يتعلق بجثتين آدميتين، ومن ثمة المبادرة بربط الاتصال بمصالح الدرك الملكي، ووضعها في صورة الموضوع.
تطلب الأمر غير قليل من الوقت،قبل أن تقتنع العناصر الدركية بجدية الخبر، وتنتقل لمسرح الواقعة، لينقشع الواقع عن مشهد رهيب، حيث كان المسن يغوص في غياهب الكيس البلاستيكي، وبالكاد تصدر عنه بقية من رمق،فيما الزوجة تصارع آثار غيبوبة، وجسداهما موشومان بآيات الضرب والتعنيف، مع إصابة غائرة على مستوى رأس »باعلال».
نقل المسنان صوب غرفة العنايات المركزة بإحدى مصحات مراكش، حيث انكب الطاقم الطبي على مدهما بالإسعافات والعلاجات الضرورية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بالتوازي مع انطلاق تحقيق اعتمد في تحرياته الأولى على تصريحات »مي كلثوم«.
تكشفت المعطيات عن حقائق مثيرة، باعتبار الضحيتين، سبق لهما أن تعرضا لسرقتين سابقتين، عبر اقتحام مجهولين لبيتهما الأسري،والسطو على مبالغ مختلفة تراوحت مابين 4 و12 مليون سنتيم، غير أن التجربة الثالثة كانت أقسى بالنظر،لما رافقها من مظاهر الاعتداء المذكورة،في إطار واقع” ما حد ليتيمة تبكي، والزمان يزيد عليها”.