قصة مُثيرة لوفاة رضيعة غرقاً داخل"سطل التسْيَاق" بمراكش
زنقة 20
من قلب المدينة العتيقة بمراكش، تسربت روائح مأساة أسرة متواضعة، رمتها تصاريف الأقدار بفقدان رضيعتها التي كانت بالكاد تخطو في درب شهرها التاسع، قبل أن تتصيدها أسباب المنايا، وترشقها بسهام موت تراجيدي.
كانت الوالدة المكلومة بصدد النهوض ببعض الأعباء المنزلية اليومية المعتادة، وقد انصبت كل همتها على توفير ظروف ملائمة ببيتها الأسري”على قدر المستطاع”، لمنح فضاء البيت بعض الدفء وأسباب النظافة،ولسان حالها يردد حكمة الأجداد”نلبس المصبن، ونذهن فمي بالسمن، وندوز قدام العديان محسن”.
بهمة ونشاط كانت المرأة، توزع مجهوداتها على متطلبات المنزل من طهو وكنس وغسيل، وتصر على ترك بصمتها الأنثوية على كل أركانه وزواياه،وبالتالي الانتقال كالنحلة من مهمة إلى أخرى، إلى أن أزف موعد”التسياق”،وغسل أرضية المكان.
على جري عادتها عمدت إلى “سطل” بلاستيكي ملأته بما تيسر من مياه الأنبوب،وشرعت في مطاردة الأتربة والأوساخ التي علت أرضية الغرف والشقق، بهمة لا يعرف الكلل أو الملل إليها سبيلا، وكل همها منصب على،مسابقة عقارب الساعة لتكون في الموعد عند حلول باقي أفراد الأسرة ساعة الغداء.
في هذه اللحظة كانت طفلة رضيعة لم تتجاوز شهرها التاسع،تعيش جنب الوالدة أجواء عالمها الصغير،وتجاهد في اكتشاف العالم من حولها،فيما تدفع قدماها الصغيرتان، للتعود على الحركة والزحف في كل اتجاه.
كانت الأم منغمسة في تنظيف أرضية البيت، دون أن تنتبه لتحركات الرضيعة،التي كانت تحث الخطى اتجاه”السطل”المملوء بالماءالعكر، لتشرع في تسلق أطرافه دون أن تدرك عفويتها البريئة ،بأنها بصدد اقتحام الأخطار والأهوال.
بشكل مفاجىء ارتمت الرضيعة داخل الإناء، بعد أن فقدت توازنها وخانتها قدراتها الجسدية،فغطست برأسها الصغير في لجة المياه،فيما باقي جسدها وأطرافها السفلية اعتلت الإناء، حيث انقلبت على عقبيها في غطسة خنقت منها الأنفاس، وأغرقتها في مستنقع مياه” سطل التسياق”.
استيقظت الأم من غفلتها، والتفتت بحثا عن رضيعتها، لتفاجأ بمشهد تقشعر له الأبدان، وهي تطالع بأم عينيها الصغيرة منكفئة على نفسها داخل الإناء المملوء بالمياه.
تندت عنها صرخة هول وفزع، وسارعت في إخراج الرضيعة وكل آمالها أن تكون مجرد عثرة وكبوة من زلات الصغار، غير أن السيف كان قد سبق العذل، وفارقت الرضيعة دروب الحياة القاسية،وغادرت إلى الرفيق الأعلى من أثر الاختناق. عن الأحداث المغربية.