صالونات حلاقة وتجميل بأزقة المملكة من ابتكار افريقيات مُهاجرات
زنقة 20 . هنا صوتك
جولة في سوق باب مراكش أحد المناطق الشهيرة هنا بالدار البيضاء، قد تتحول إلى حصة تجميلية بصالون في الهواء الطلق من ابتكار إفريقيات مهاجرات يستعملن بضع كلمات من العامية المغربية كإعلانات ترويجية لخدماتهن التجميلية ، بينما يتبادلن فيما بينهن عبارات صاخبة بفرنسية ركيكة بلكنة إفريقية.
في الهواء الطلق إفريقيات متضامنات من جميع الجنسيات: غينيا، النيجر، السنغال، الكونغو بشقيه، بأزيائهن المميزة بألوان فاقعة من أدغال إفريقيا، بابتساماتهن العريضة، وحركات أناملهن السريعة، يقضين ساعات نهارهن على أرصفة السوق الشهير وسط المدينة ، وهن مستغرقات في عملهن الدؤوب.
إفريقيات تعففن عن مد اليد والتسول بشوارع وأسواق الدار البيضاء، وفضلن ممارسة مهنة الحلاقة على قارعة الطريق. فيهن متعلمات، وأخريات لم يزرن فصول الدرس يوماً.
نساء وحّد بينهن السعي نحو الرزق، يرتبن بكل ثقة أدوات العمل البسيطة، الكراسي والمستحضرات والأمشاط
الخدمات التي تقدمها الإفريقيات لا يصل ثمنها إلى نصف الثمن الذي تعرضه الصالونات الموزعة في الأحياء الراقية بالدار البيضاء. فخدماتهن تتوزع بين تسريحة "الراستا" الشهيرة على مختلف أشكالها، والرموش والأظافر الاصطناعية، والأهم ربح الوقت.
فهؤلاء الإفريقيات الخبيرات لا يتطلب منهن الأمر إلا دقائق لإنجاز المهمة. ظروف الهجرة تقول ميكا، من السنغال، (32 سنة): "جئت إلى المغرب بعد أن وعدني أصدقائي بفرص العمل الكثيرة الموجودة هنا، لكنني فوجئت بواقع آخر مغاير لكل ما تخيلته، بحثت عن عمل فلم أجد، لذا قررت أن أنضم إلى صديقاتي هنا بباب مراكش لتزيين النساء".
أما فاطيما (24 سنة)، من الكونغو، فلم يكن المغرب يوماً وجهتها، بل كان من المفترض أن يكون محطة عابرة، تمر عليه لتصل إلى أوروبا، قبل أن تتبدد كل الأحلام، ويصبح المغرب بديلاً عن الوجهة الأصلية، بعد أن خذلها من وعدها بالهجرة إلى أوروبا. تقول: "لم أجد حلاً سوى العمل. عملت في المرة الأولى في تجارة الهواتف النقالة، وبعدها في الملابس الإفريقية، وأخيراً أنا هنا أعمل مع باقي صديقاتي".
ليزا، (28 سنة)، الحاصلة على دبلوم في التسيير الفندقي تقول واصفة ظروف هجرتها: "هاجرت إلى المغرب لإتمام دراستي، وبعد عدة تدريبات ووظائف بالعديد من المنشآت السياحية، بكل من أغادير ومراكش والدار البيضاء، قررت العمل بالتجارة، وتقديم خدمة الراستا للراغبين فيها". وتضيف ليزا: "الكثيرات من صديقاتي لديهن مؤهلات جامعية، جئن لاستكمال تعليمهن في مجالات متعددة مثل القانون والفندقة.
لكن ظروف الحياة فرضت عليهن تنويع مصادر دخلهن حتى يستطعن تدبير مصاريفهن الشهرية" .
تسريحة شعر إفريقية الأمر يعتبر عادياً بالنسبة للوسيان (30 سنة) التي اعتبرت "الراستا" تسريحة عادية تعبّر عن جمال المرأة الإفريقية، تسريحة تتقنها نساء القارة السوداء دون أدنى عناء، لكونهن تلقينها عن طريق الجدات والأمهات.
كاميليا أو كاميلا، كما تناديها صديقاتها، (مهاجرة سنغالية)، اعتبرت تسريحة الضفائر موروثاً ثقافياً إفريقياً وتقول: "ما نقدمه للزبونات صورة فنية من الصور الكثيرة التي تمتاز بها إفريقيا ويجهلها الكثيرون ".
جان، سائح فرنسي لم يخف إعجابه بـ "الراستا"، ولم يتردد في تسليم شعره الطويل، لفاطيما وشريكاتها لتشكل منه ضفائر شقراء طويلة على الطريقة الإفريقية. يقول: "أنا من المعجبين بتسريحة لاعب التنس البرازيلي كوريتن، لا يهمني أنهن يقمن بعملهن أمام أنظار المارة ما دام عملاً شريفاً، ما يهمني هو البساطة والتميز، ولو كان عبر أدوات متواضعة وبدائية خاصة بالتصفيف".