"بويا عمر"... سجن المرضى النفسيين في مملكة محمد السادس
زنقة 20
ماذا يحدث وراء جدران ضريح بويا عمر، أشهر أولياء المغرب، حيث يحج المئات من المرضى طلبا للشفاء و"بركة" القوى الخفية؟ هل يجدون الشفاء فعلا أم أنهم يعيشون "الجحيم" كما يحكي أحد المرضى السابقين؟
يقع ضريح "بويا عمر" على بعد 50 كيلومترا من مراكش "مدينة البهجة"، لكن داخل جدرانه تغيب تلك "البهجة"، ويسود الصمت الذي تكسره بين الفينة والأخرى صرخات المرضى القوية التي تثير رعب من لا يعرف هذا المكان.
ويحمل هذا الضريح، حسب كتب التاريخ، اسم رجل ولد خلال العقدين الأخيرين من القرن السادس عشر للميلاد وبقي أميا إلى أن بلغ الأربعين من عمره، حيث شد الرحال لتحصيل العلم في إحدى الزوايا جنوب شرق المغرب.
وضريح "بويا عمر" الذي يزوره "المسكونون" كما يعتقد البعض، وهم في الغالب مرضى نفسيون وعقليون أو مدمنو مخدرات، يقدر عددهم بحوالي ألف مريض زاروه وبقوا محتجزين فيه.
وحسب شاهادات الزائرين، فإن الجو السائد بين جدران هذا المكان مخيف بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حيث يتم داخله تكبيل المرضى بالسلاسل الحديدية، بل ويتم تجويعهم وضربهم في كثير من الأحيان كما يشرح محمد أبولي من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
ويقول هذا الناشط الحقوقي من قرية "العطاوية" القريبة من الضريح في تصريح "نحن لسنا ضد معتقدات هؤلاء الناس (...) لكن ما يقلقنا هو المعاناة التي تلحق الأشخاص الذين يتم جلبهم الى هنا".
وفي شهادة نادرة يقول محمد المتحدر من مدينة طنجة شمال المغرب "قضيت سنة كاملة وراء جدران هذا المعتقل، وعشت فيه الجحيم وفقدت إحدى عيني".
ويؤكد هذا الشاب الذي أحضرته عائلته سنة 2006 الى "بويا عمر" تعرضه "لسوء المعاملة" من قبيل التعنيف الجسدي وسرقة الأموال، قبل ان يخلصه شقيقه من هذا السجن.
ويستفيد حراس المكان من عائداته المالية التي يدفعها الزوار مقابل العلاج والمبيت، وكذلك من العطايا والأضاحي المقدمة للتقرب من الجن والأرواح ونيل رضاها مما يجعل من أمر إغلاق هذا المكان المخيف صعبا بل مستحيلا.