الـدغـرنـي يـكـتُـب: عبد الرحيم الحسناوي ضحية السياسة المخزنية
زنقة 20
بـقـلـم: احـمـد الدغـرنـي
قليل من الكتاب والمفكرين المغاربة والصحافيين من تحمل مسؤولية تحليل قضية اغتيال الطالب عبد الرحيم الحسناوي، وفي ظني إنها قضية يجب أن لا تترك للأمنيين وحدهم، ولا لليمين المخزني والليبراليين وحدهم ليعطوا للشعب الصورة التي يريدونها، ولا لحزب العدالة والتنمية ليركب عليها ويزعم أنه يملك الشهداء، ويعنون أن الشاب المقتول الحسناوي مات من أجل حزبهم في حين أنه مات نتيجة سياسة لا بد من الوعي بخطورتها، ولا للبرلمان المفبرك ليزعم أنه يحللها ويفهمها وهو لا يدري شيئا من الحقيقة، ولا شك أن أجهزة الأمن عليها أن تمارس مهمتها القانونية،لكن القانون وحده لن يحل مشكلة العنف في الجامعة، ولا العنف في المجتمع، بما في ذلك قضاة التحقيق والشرطة المكافحة للجرائم، لأن مفهوم الكلية كما يسميها المستعربون أو المترجمون العرب المشارقة، لا يطابق Faculté ،التي لا تعني "الكلية"، وليفهم الشعب مثلا قضية اغتيال الطالب بنعيسى ايت الجيد،(ينسب الى النهج المعروف بالبرنامج المرحلي)، لا بد أن يعرف أنه طالب سوسي من طاطا، وجار لعائلة محمد السوسي المعروف كمدير لمقر حزب الاستقلال بالرباط، كان يدرس بكلية الأدب في السنة الأخيرة بحيث كان يشتغل على بحث للحصول على الإجازة في الأدب العربي حول رواية "الثلج يأتي من النافذة" للأديب السوري حنا مينة، وقتل في 25 فبراير 1993 ، واعتقل في جريمة اغتياله طالب من قبيلة ايت سادن بنواحي فاس يسمى عمر محب (ينسب الى جماعة العدل والإحسان)، فالكلية أصلا في اللغات المتأثرة باللاتينية تسمى Faculté وجوهر التسمية هو الاختيار، ولا يمكن تصور الاختيار بدون حرية، ومن هذا المنطلق نتساءل هل اليسار بمعناه الأصلي حر في المغرب بعد منع الحزب الشيوعي المغربي سنة1958؟ ونقصد باليسار الماركسيين اللينيين، أي أتباع لينين وماركس، وترو تسكي،وماوتسي تونج، وتشي كيفاراGuevara، وفيديل كاستروCastro..
هذا اليسار موجود في كل الدول الديمقراطية، وليس مثل اليسار المخزني المزيف في المغرب، وبلد ديمقراطي تعددي لا يمكن أن يمنع مختلف الاتجاهات السياسية العالمية من الوجود الشرعي، ومن الاعتراف القانوني، ليطمئن كل تيار على سياسة بلده، وهنا لا أتحدث فقط عن اليسار، ولكن مطلب الحرية هو جوهر الديمقراطية بالنسبة لكل من يمارس السياسة، لأن الممنوعين من حق التنظيم والتجمع، لا يمكن أن يساهموا في حل مشاكل بلادهم بالطرق السلمية، وهم مرغمون على اللجوء إلى العنف لفرض وجودهم، وأقصد بالضبط أن القاعديين(البرنامج المرحلي) هم تيار ماركسي لينيني بوضوح ولا نفاق، انتشر في صفوف طلبة الجامعة بفاس وأمكنة أخرى، حتى أصبح أغلبية في صفوف طلاب تلك المدينة، ولا أقول أبدا بأن الإسلاميين بمختلف تنظيماتهم يتمتعون بالحرية التي تلائم اتجاهاتهم السياسية، في ظل الحكم المخزني، بل الحقيقة هي أن جماعة العدل والإحسان لا تجد الحرية في المجتمع، وتنعكس ظروف المنع وعنف السلطة على الشباب المتأثر بأفكار تلك الجماعة، كما تنعكس على شباب البرنامج المرحلي، وعلى تنظيمات الأمازيغيين، والصحراويين وكانت الفصائل الطلابية قبل منع الاتحاد الوطني لطلبة المغرب تجري انتخابات عامة داخل المعاهد والجامعات لانتخاب ممثليها في التعاضديات كل عام، وتعين مندوبيها إلى المؤتمرات، وكانت تلك الانتخابات مدرسة لتدريب الطلاب على ممارسة الديمقراطية والتكوين في الثقافة السياسية، ومن أمثلة من مارسوا الترشيحات والانتخابات الطلابية عدد كبير من الوجوه المعروفة في الساحة الإعلامية والسياسية والثقافية اليوم، مثل محمد الحلوى المحامي بالدار البيضاء، وحميد برادة الصحافي المعروف، ومحمد بوزوبع وزير العدل السابق، وعبد المنعم ديلمي مؤسس جريدة الصباح وغيرها، وعبد اللطيف المنوني المستشار الملكي اليوم، ومحمد الخصاصي سفير المغرب بسوريا، والطيب بناني العميد السابق لكلية العلوم بالجديدة، وعبد الرحيم الجامعي الحقوقي المعروف، وأحمد خشيشن وزير التربية الوطنية السابق، وعبد اللطيف منصور الصحافي المعروف، والراشدي الغزواني وزير النقل السابق والطيب الشكيلي الذي تقلب في عدة مسؤوليات سياسية.
وحبذا لو اجتمع هؤلاء ليتحدثوا علانية إلى الرأي العام عن أوضاع تنظيم الطلبة اليوم...وكانت الانتخابات الطلابية التي تعلمت منها أنا شخصيا الى جانب الكثيرين، وسيلة للتمييز بين الأغلبية والأقلية في صفوف الفصائل السياسية المتنافسة على عضوية التعاضديات والمؤتمرات الطلابية، ولم يعرف الطلبة المغاربة قتلى في زمن شرعية UNEM مثل ما يحدث الآن، ولا بد من ملاحظة كون القتلى هم من أبناء البادية سواء في ذلك بنعيسى ايت الجيد، والساسيوي(قتل بمكناس سنة2007 وهو من بوادي ناحية الريصاني) والحسناوي (نواحي الراشدية) وغيرهم، وأيضا من أبناء الفقراء مثل محمد الفزازي (قتل بالمحمدية)، وهذه السياسة الطلابية المخزنية الحالية، أدخلت المغرب في مرحلة القتال بين الطلبة، ما بين قتيل وجريح، وسجين، وتركز سياسة الدولة المخزنية وأحزابها سياستهم وتحليلهم للواقع الطلابي على التعتيم على المعتقلين من الطلاب من الأمازيغيين والقاعديين والإسلاميين، والصحراويين .. وكذلك على الجرحى، وسيلاحظ الرأي العام أن حزب العدالة والتنمية ووسائل الإعلام المخزنية تذكر عدد الجرحى 8-12 في فاس لكنها لاتنقل صورهم ولا تذكر الفصائل الطلابية التي ينتمون إليها، لأن موضوع الجرحى والسجناء بسجن تولال وأكادير وغيره يحرجهم، وهو موضوع معروض على منظمات حقوق الإنسان بالعالم أجمع.
وأهم جانب في التنظيمات السياسية هو أن برلمان 2011 يحتوي على مجموعة تسمى كوطا الشباب يبلغ عددها 60 شابا لو صحت الأرقام، وهؤلاء لا يمثلون بالبرلمان الطلبة القاعديين الذين قاطعوا الانتخابات ولا بقية الشباب والطلاب غير المسجلين في القوائم الانتخابية، فأين هؤلاء من واقع الشباب ومنهم حسن طارق أحد المعنيين بما وقع في فاس؟
والجانب الثاني الأهم هو كون الأحزاب تسخر شباب المغرب على طريقتين الأولى تسميها الشبيبات الحزبية، والثانية الفصائل الطلابية، وحزب العدالة والتنمية نموذج لحزب يتوفر على الشكلين معا، لكنه ضعيف أمام آلاف الطلبة غير المتحزبين، فلو ادعى أنه يملك أغلبية في البرلمان فلا يمكنه ادعاء ذلك في صفوف الطلاب، ولذلك قرر تحدي إرادة القاعديين الذين يعرف الجميع وجودهم الفعلي في الساحة الجامعية حتى قبل تأسيس هذا الحزب ،واستند لتمرير التحدي على حسن طارق من الاتحاد الاشتراكي وهما معا حزبان ليس لهما أغلبية ولا حتى وجود في صفوف الطلبة في الكثير من المعاهد والكليات، ولذلك نزلت قيادة حزب العدالة والتنمية بثقلها الحكومي والحزبي لتبكي على ضعف وجودها في الجامعات وليس على وفاة الطالب الحسناوي، ولم تجد شبابا يبكي نيابة عنها، والكل يعرف أن القاعديين كانوا من بين أهم نشطاء حركة20فبراير سنة 2011التي ركب على نضالاتها الكثير من أعضاء الحكومة الحالية، ولكي يعرف الشعب حقيقة وضعية الطلبة لا بد من تحليل مواضيع أخرى مثل مشاركة الطلاب في التمثيلية السياسية بواسطة تنظيماتهم، ووضع الخبراء ومندوبية الإحصاء لقوائم عدد الطلاب الحاصلين على بطاقة الناخب، وعدد الطلاب غير المنتمين للأحزاب السياسية، وعدد سجناء الطلبة في مجموع السجون المغربية..أي أن البحث يجب أن يكون علميا وليس فقط تحقيقا قضائيا وبحثا بوليسيا..
وأخيرا فان بعض أعضاء الحكومة ورئيسها هاجموا علانية معارضيهم من الطلبة القاعديين عبر وسائل الإعلام العمومية بمناسبة وفاة الحسناوي، ولم يتمكن القاعديون من الرد على ما قيل من الاتهامات في حقهم، ويقتضي الإنصاف أن تفتح لهم وسائل الإعلام العمومية ليردوا على الوزراء الحزبيين ويشرحوا بأنفسهم للشعب ما وقع بجامعة فاس وهم آلاف من الطلبة لهم عائلات تخاف عليهم، ويطلق عليهم ذوي النفوذ الإعلامي والسلطوي نعوتا بالإرهاب قد تؤدي الى إرهاب الأبرياء وعرقلة حياتهم الدراسية.