فرنسا تضرب "آخر ضربة بالمطرقة" في مهرجان مراكش​ السينمائي


زنقة 20 . وكالات
تُغالب ناديا مرضاً أنهك جسدها، وأحال حياتها إلى صراع مرير مع الزمن، وتوجّس دائم من اقتراب موعد رحليها، وترك ابنها فيكتور وحيدا، وهو يتطلع إلى أن يصير لاعب كرة قدم شهيرا.

تفاصيل هذه المعاناة الإنسانية، حيث تتقلّب الأم بين ألم مرضها وقلّة مالها، وبين خوفها على مستقبل صغيرها الحالم، يرويها الفيلم الدرامي الفرنسي "آخر ضربة بالمطرقة" لمخرجته أليكس دولابرت، الذي عُرض مساء أمس في أوّل أيّام المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، حيث يتنافس 15 فيلما روائيا طويلا على السعفة الذهبية لمهرجان (الجائزة الكبرى).

ويُكابد الطفل فيكتور، الذي يتتبع الفيلم تقلّبات شخصيته المُميزة، حيرة مُؤلمة، فالأقدار تُخيره بين البقاء بالقرب من والدته التي تصارع مرض السرطان، والمنفصلة عن والده منذ زمن، وبين اللحاق بحلمه في أن يصير لاعبا محترفا، لكنّه في النهاية يستجيب لعاطفته ويفضّل البقاء لمساندة أمّه التي ينخر المرض جسدها، ويقرّر أن يحلق شعره تضامناً ودعماً لها.

لم يلتقِ فيكتور بوالده، الذي يكنّ له ولوالدته جفاء مُجحفاً، منذ مدّة، لكن حين سيحلّ الأب الموسيقي بمدينة مونبوليي الفرنسية لإقامة حفل موسيقي كبير، سيحرص الابن على رؤيته أملا في استعاد الوصال الذي قطع بينهما منذ سنوات.

رغم لامبالاة الأب صامويل بصغيره عند بداية اللقاء، سيتمكّن فيكتور، بفضل إصراره، من تحسين علاقته بوالده، وسيتردّد على منزله لاحقاً ليتابع تدريباته على معزوفة موسيقية مميّزة لـ"غوستاف ماهلر"، تحتوي على ضربتين بالمطرقة، وحينها سيبدأ صامويل في تلقين ابنه تصوّراته الخاصّة عن معنى الحياة وقيمها، وضرورة الصبر بجلد من أجل مستقبل أفضل، وهو ما سيؤثّر إيجاباً في "فيكتور" الذي سيحاول نقل هذه الروح الإيجابية إلى والدته المثقلة بالأحزان والخوف من أشباح الموت التي تلاحقها.

فيكتور المتطلع لأن يصبح لاعبا مشهورا، سيدخل عالم الموسيقى كما سيؤثّثه له والده، الذي سيغيّر نظرته إلى الموسيقى وإحساسه بها، وفهمه لإيقاعاتها.

ويحفل الفيلم بمشاهد إنسانية مؤثرة، لأم تعيش مسجّاة مستسلمة على سرير المرض، في كوخ متداعٍ على أطراف المدينة "مونبوليي"، وهي مدينة صاخبة يعيش فيها الناس بفرح وأمل.

كما اختارت المُخرجة في أجزاء أخرى لفيلمها أن تضع شخصية الطفل فيكتور على محكّ الاختبار، في وسط عائلي مفكّك، وفي ظل ظروف مالية خانقة، ومُستقبل مجهول، ليتتبع المُشاهد تفاصيل انتصار هذا الطفل على واقعه، وصياغته لحاضر مفعم بالأمل.

ويُعدّ فيلم "آخر ضربة بالمطرقة" ( 113 دقيقة) ثاني تجربة إخراجية للفيلم الطويل للمخرجة الفرنسية الشابة دولابرت، أدّى خلاله الممثل الفرنسي رومان بول دور فيكتور والفرنسية هيسم دور ناديا والممثل الفرنسي كادبوا دور صامويل. 

المُخرج السينمائي المغربي، إدريس الروخ، قال في حديث للأناضول، عقب انتهاء عرض الفيلم، إنّ المخرجة اختارت أن "تُفسح المجال لشخصيات الفيلم، لتعبّر عن مشاعرها بعفوية، خصوصاً أنّ أحداث الفيلم تسرد قصّة امرأة تعاني مرض السرطان، وتصارع من أجل ابنها، الذي يحاول أن يمنحها الأمل للمواصلة والسعي للتغلب على مرضها.

ويرى الروخ، أنّ المخرجة اختارت أن تربط هذا الأمل بالموسيقى وجمالياتها، في رسالة إنسانية عميقة موجهة لكلّ المصابين بمرض السرطان.

وبدأت المخرجة الفرنسية "أليكس دولابرت" مسارها الفني مصوِّرة فوتوغرافية في إحدى وكالات الأنباء، قبل أن تتمكّن من إخراج أوّل فيلم وثائقي خاصّ بها "كما في الأحلام"، الذي سلّط الضوء على حياة لاعب كرة القدم الفرنسي من أصول جزائرية، زين الدين زيدان.

وصُنفت أليكس دولابرت كأحد المُخرجين الصاعدين الموهوبين على الساحة السينمائية الفرنسية، بعدما لاقى فيلمها الروائي الطويل الأول "أنجيلا وتوني" تنويهاً واسعاً من قبل النقّاد والجمهور خلال عرضه في مهرجان البندقية العام 2010. كما حاز نجاحاً لافتاً حين عُرض في صالات السينما الفرنسية، فيما يُعدّ فيلمها "آخر ضربة بالمطرقة" ثاني فيلم سينمائي طويل تقوم بإخراجه.

وانطلقت مساء الجمعة فعاليات الدورة الرابعة عشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش المتواصلة حتى 13 من الشهر الجاري، ويتنافس 13 فيلما روائيا طويلا على "السعفة الذهبية" للمهرجان.









0 تعليق ل فرنسا تضرب "آخر ضربة بالمطرقة" في مهرجان مراكش​ السينمائي

أضف تعليق


البحث في الأرشيف

البحث بالتاريخ
البحث بالصنيفات
البحث في الموقع

البوم : صور