المريزق: الذين يُهاجمونني أكلُوا زيتي وخبز أمي وأتألم لفشلهم
زنقة 20
س: لماذا يخوض مجموعة من قادة اليسار ورفاق الأمس حملة هجومية ضدكٌ؟
المريزق: أنا اليوم أعيش النصف الثاني من حياتي، و أنا جد سعيد لما حققته لعائلتي الصغيرة و لطلبتي و للمشروع السياسي الذي انتمي إليه و لوطني من جهد و اجتهاد في ذروة احتدام الصراعات السياسية و الفكرية داخل إطار العلم و المعرفة و العلاقات الاجتماعية من أجل نصرة الفكر الليبرالي الديمقراطي، و الفكر الحداثي الراديكالي، و تجسيد قيم الإنسان و الشعوب على خلفية الحرية و التحرر.
أنا ناشط حقوقي و سياسي، مغربي، جبلي/غفساوي، امازيغي، عربي، متوسطي و كوني، لدي حقوق و علي واجبات، الأنا أم النحن؟ لا، لالست نبيا. و ست الجحيم العنصري، أبدا ولن أسكت عن أي تحايل للتاريخ، فكلهم مروا من منزلي و أكلوا زيتي و خبز أمي.
س: من بالضبط يُهاجمك وما هي خلفيات الهجوم الذي شنٌ عليكم؟
المريزق: من يهاجمني اليوم هم نوعان: النوع الأول نكرة، لا أعرفه و لم يسبق لي أن تعرفت عليه في أية حلقة من حلقات تنشئتي السياسية و النقابية والجمعوية، أما الصنف الثاني، فأنا أقول له دون نفاذ في الأعماق، أنا إنسان ملتزم بمعانات شعبي و بثقافة و حياة و طني و باختياراتي الحرة و بأفكاري الإنسانية و بتجربتي النضالية و بإبداعي النابع من ثوابت الأخلاق و من قصص الصراع بين السياسة و الأخلاق، ومن متغيرات السياسة وثوابت الأخلاق، ومع السياسة و الوسيلة أم الأخلاق و المبادئ...؟.
علمتني أمي حب الجميع، و كره القسر و الطاعة و الخضوع، ما أعيشه اليوم هو نوع من الدراما، فوق خشبة الصبيان السياسيين، لن أعرض جريدتي "الزيتونة" للبيع لأنها في الأصل رأسمال ثروة كبيرة من أشجار الزيتون التي و رثتها عن أبي رحمه الله، رغم كل الإغراءات المالية التي منحها لي واحدا من بين من يتهجم علي اليوم. لن أبيع العناوين لا للأنصار و لا للمشايعين، و لن أسقط في النزاع القومي. و مهما يكن، لن أضع رواقا حديديا بيني و بين عشاق الحقيقة و الضمير، و التاريخ ينصف الكبار و لو كانوا أقلية. الجديد اليوم لا يكمن في واقع الاعتراف بالحق في الاختلاف بقدر ما يكمن في الوعي الاجتماعي الذي يجسده.
والموضوع في حدوده الأولى والأخيرة لا يطرح إلا إشكالية و احدة: منذ أن عرفت مزايا التين المجفف و أسلحة المتطوعين و سواعد المختار و زوجته الشقية سادت بينهم ريبة شاملة.
س: هذا كلام لن يفهموه؟
المريزق: أنا لا أخاطب الضواحي، و المتأخرون 30 عاما. رواد الساحات العامة اليوم يتطلعون إلى عشق الحرية و النضال من أجلها بسلاح أبيض. و الخوف من الحرية لن يؤدي إلا إلى اجتراح المنفى و إلى عبودية بلباس حداثي مرعب.
س: ما صلتك بملة اليسار و اليساريين؟
إن طرد اليسار المنتسب إلى تاريخ ما عمل مجنون. يجب علينا أن لا نكون حاملي بساط جنازة إمبراطورية المعتقدات، لأن جليد الخرافات سيذوب في أية لحظة استجابة لحرارة الشمس و للهواء المتلفع بالرطوبة الخانقة.
لقد تم اغتيال العراق لأسباب عدة، منها مساحته الجغرافية التي تفصل بينه و بين الكيان الصهيوني. هذه النكسة، تركت صدى في العديد من الأوساط الفكرية و الثقافية على صعيد العالم العربي، الامازيغي، الافريقي، الاسلامي، المسيحي و اليهودي، و قد لا نجازف إذا قلنا بأن عددا كبيرا من المثقفين لم يتمكنوا من الفصل بين متطلبات التاريخ و الجغرافية و السياسة و لم يتجاوزوا "عصبية ابن خلدون" نظرا لتطبيقهم الآلي للمنهج الماركسي.
وعن أشباه المثقفين و المناضلين، فحصرتي كبيرة عليهم، أتألم كثيرا في مكانهم نظرا للفشل الذي لقيه مسارهم، و مع ذلك أتمنى لهم النجاح على الأقل مع عائلتهم الصغيرة نظرا للاحترام الذي أكنه لها.
لهذا، إن ما هو جوهري هو نقد العقل اليساري. و هذا معناه أن نقد هذا العقل أصبح اليوم ضرورة تاريخية لبناء المستقبل الجديد بعيدا عن الشوفينية و الجهل و العنف و الفانتازيا، و ما تنتجه المشاريع الفاشلة من مشاريع خاوية على عروشها.
اليساراليوم ليس ثكنة عسكرية، بل يجب ان يكون نهضة متجددة. والحديث عن النهضة لا يمكن أن يكون كاملا إلا إذا شمل جميع النواحي و بالخصوص المنظومة الفكرية. واليسار كذلك، ليس أن نأخذ من هنا وهناك لنبرر سلوكا اجتماعيا منحرفا ما، بل هو مسؤولية أخلاقية وتقدم تكنولوجي و إصلاح تعليمي و إقامة بنيات صناعية برؤية مستقبلية.
لا أدعو أحدا إلى الحياد، لكن يجب أن نمارس نقدا حياديا أو بمعنى يجب أن نمارس نوعا من النقد الذاتي بمعنى، علينا ان نبحث في التراث من أجل ان نوظفه في إعادة بناء ذاتنا.
كلمة أخيرة:
المريزق: أخيرا، " أنظروا، أيها المستهزئون! تعجبوا و اهلكوا، فأنا أعمل في أيامكم عملا إن أخبركم به أحد لا تصدقون" (...).