هل يمتلك "هُولاند" الجرأة السياسية للاعتذار للمغاربة كما فعل مع الجزائر؟
زنقة 20
بقلم : أونغير بوبكر
من المنتظر ان يقوم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لزيارة رسمية للمغرب لتاكيد العلاقات التاريخية التي ترتبط المغرب بفرنسا خلال شهر ابريل المقبل . العلاقات المغربية الفرنسية بكل تاكيد يلعب فيها ثقل التاريخ والاستعمار الحيز الاكبر ، جميع الرؤساء الفرنسيين تاريخيا تكون زيارتهم الاولى الى الدول المغاربية تبدأ بالمغرب الا ان الرئيس فارنسوا هولاند فضل البداية بالجزائر وهذه اشارة لا تخلو من رسائل سياسية كبيرة تحمل في طياتها الاختيارات الاستراتيجية للسياسة الفرنسية الجديدة في تعاطيها مع الدول المغاربية ، اذ ان هولاند لم ينسى روابطه الشخصية التاريخية العائلية مع الجزائر كما لم ينسى الدعم الكبير الذي حظي به خصمه السياسي نيكولا ساركوزي من طرف المغرب في الحملة الانتخابية الرئاسية الاخيرة والرفض البدئي لاستقبال سكرتيرة الحزب الاشتراكي الفرنسي في زيارتها للمغرب في الوهلة الاولى اثناء نفس الانتخابات الرئاسية رغم تدارك الامر متاخرا من طرف المغرب ، لكن ما وقع قد وقع , كل هذه التفاصيل الصغيرة لها دور ولو بسيط في الاختيارات الاستراتيجية للسياسة الفرنسية الجديدة ولكن للقضية ابعاد اخرى وهي ان الجزائر تحتل دورا رياديا اليوم في التصدي للارهاب المتنقل الذي يتدحرج من مالي اي شمال الجزائر والذي يهدد المصالح الاستراتيجية الفرنسية في الشمال الافريقي خصوصا الثروة النفطية والغازية الجزائرية التي تستغلها الشركات الفرنسية والدليل على ان فرنسا تعول كثيرا على الجزائر سكوتها المخجل عن المجزرة التي ارتكبت في عين امناس من طرف القوات الخاصة الجزائرية والتي ذهبت ضحيتها العديد من الضحايا ومنهم الاجانب فلماذا سكتت فرنسا عن ذلك.
والدليل الاخر قبل ذلك ان فرنسا سكتت عن التزوير الكبير الذي تعرضت له الانتخابات التشريعية الجزائرية والتي اعطت لحزب العسكر الاغلبية الكبرى ؟ هل سننتظر من فرانسوا هولاند في زيارته المرتقبة في المغرب ان يكشف عن سر اغتيال المهدي بن بركة في الديار الفرنسية ؟ هل يمكن ان نحلم بفرنسوا هولاند رئيس الدولة الفرنسية الديموقراطية يقول لنا في برلماننا المغربي بأن الديموقراطية المغربية والاصلاحات السياسية التي باشرها المغرب منذ فاتح يوليوز 2011 غير كافية ما لم يتم إصلاح القوانين الانتخابية التي تكرس البلقنة السياسية وتشرعن للتحكم السياسي وإصلاح الترسانة الضريبية التي تعطي للاغنياء فرص كبيرة للتهرب والتملص الضريبي وايداع الاموال المهربة في الخزائن والبنوك الفرنسية ؟ عن سننتظر من فرنسوا هولاند ان يحددنا عن المخاطر المحدقة بالامن الاقليمي المغاربي مع التسلح الجزائري الكبير والذي يدفع المغرب بدوره للتسلح والتسابق على شراء السلاح الفرنسي على حساب المشاريع التنموية الكبرى وعلى حساب المعيش اليومي للشعب المتضرر من ثقل المديونية الخارجية التي يشكل التسلح ضمنها اكثر من 40 في المئة ؟ هل يملك الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الجراة السياسية لفتح ملفات تمويل الانتخابات الفرنسية لبعض الشخصيات الفرنسية باموال مغربية ؟ اننا متاكدين بان الزيارة الرسمية لفرانسوا هولاند لن تحمل جديدا و لا نعلق عليها امالا كبيرة على صعيد تحريك الملفات السياسية والحقوقية الراكدة اذ ان خطاب الرئيس سيكون ديبلوماسيا وملئ بعبارات المجاملة السياسية لا اقل ولا اكثر وسيسمعنا ما نريد ان نسمعه من قبيل ان فرنسا تدعم مشروع الحكم الذاتي المقترح من طرف المغرب وان فرنسا تعتبر المغرب نموذج للدول الديموقراطية التي اجتازت ربيعها الديموقراطي بسلام ونجاح كل هذه العبارات التجميلية انتظروها من فرانسوا هولاند لكن لا تنتظروا منه ان يقول بأن ما تعيشه المغرب اليوم من تخلف سياسي وتبعية اقتصادية وتبييض للاموال وانتهاك لحقوق الانسان منذ الاستقلال الى اليوم فرنسا ضالعة فيه ومتورطة في اخفاء الحقائق عن عدد كبير من الملفات الحقوقية التي تورطت فيها عناصر من المخابرات الفرنسية.
هل ستكون الجراة السياسية والاخلاقية حاضرة هذه المرة عند الرئيس الفرنسي ليحدثنا عن الجهات التي اغتالت المهدي بن بركة على التراب الفرنسي ؟ هل سيمدنا الرئيس الفرنسي بلائحة المغاربة الذين نهبوا المال العمومي المغربي وبنوا واشتروا العمارات في فرنسا ووظفوا الاموال المنهوبة في البنوك الفرنسية ؟ هل فرانسوا هولاند سيعتذر للمغاربة عن الجرائم الثقافية والسياسية والاقتصادية التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي في حق المغاربة خلال سنوات الاستعمار وبعده؟ هل سيحدثنا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند عن وضعية المهاجرين المغاربة الذي يعانون تمييزا حقيقيا ويعاملون معاملات لا انسانية خاصة الذين لا يملكون وثائق الاقامة ؟ هل سيعطينا الرئيس الفرنسي الاشتراكي الانتماء جوابا مقنعا عن احتضانه لوزير الداخلية المغربية الراحل ادريس البصري وعدم تقديمه للعدالة الفرنسية التي تبحث عنه لارتكابه جرائم حقوقية كبرى منذ توليه مسؤولية وزارة الداخلية المغربية ؟
ان العلاقات المغربية الفرنسية لا تزال مبنية على اللاتكافؤ وعلى الاختلال في موازين القوى وينتج عن ذلك بالضرورة ان فرنسا اليوم اصبحت ترى المغرب كما ترى المنطقة المغاربية كلها حدائق خلفية لها وليسوا شركاء حقيقيين ، لان فرنسا لم يسبق لها في تاريخها المعاصر ان شجعت التحول الديموقراطي الحقيقي في المغرب ولا ساهمت بتنمية المناطق الفقيرة بالمغرب ولا ساهمت في التنمية الاقتصادية ببلادنا ، بل حتى المشاريع الكبرى التي تشرف عليها فرنسا اليوم بالمغرب كلها مشاريع مكلفة للمغرب ولميزانيتها واعطيت للفرنسيين مقابل شراء صمتهم السياسي والحقوقي المطبق ، والتاريخ يحدثنا عن تواطؤ المخزن والاسبان والفرنسيين في ابادة الريف في الخمسينات كما وابادة جيش التحرير المغربي في عمليات مشهورة في الجنوب كايكوفيون وغيرها . السياسة الفرنسية اتجاه المغرب يمكن ان نقول بانها ساعدت المغرب في بعض المواقف وخاصة عندما يتعلق الامر بقضية الصحراء والدفاع الفرنسي المستميت عن الموقف المغربي في مجلس الامن ، ويمكن ان نقول بان الاقتصاد المغربي يستفيد من عائدات العملة الصعبة لعمالنا وجالياتنا العاملة بفرنسا .
كل هذه المزايا الايجابية صحيحة ولكن كذلك سكوت فرنسا عن القمع السياسي في الستينات والسبعينات والثمانينات في المغرب وهنا نتحدث بطبيعة الحال عن الموقف الفرنسي الرسمي( اذ لا يمكن ان ننكر دور المنظمات الحقوقية والمدنية الفرنسية وبعض المثقفين الفرنسيين الذين جاهروا بالحق ونددوا بسجون تزمامارت وقلعة مكونة وغيرها من السجون) لكن الموقف الرسمي كان موقفا تجميليا للسياسة القمعية المغربية , فهل يمكن ان ننتظر تغيرا جوهريا في التعامل الفرنسي مع قضايا حقوق الانسان ببلادنا ؟ ام ان السياسة الفرنسية ستبقى رهينة مصالحها الاقتصادية التي ما دامت مصونة ومستفيدة من الوضع الحالي المختل فستغطي على السياسة الداخلية المغربية وعن انتهاكات حقوق الانسان ؟