المصالح العسكرية والسياسية تدفع أمريكا للتمسك بالمغرب حليفاً استراتيجياً


زنقة 20 .

تعتبر العلاقات المغربية الأمريكية ممتدة على مر التاريخ، إذ ظلت معاهدة السلام والصداقة الموقعة عام 1787 سارية المفعول.

فبالرجوع إلى الكتب التاريخية والتقارير الدبلوماسية يتّضح أنه كانت العلاقات بين البلدين منذ أمد بعيد، وظلت هذه العلاقة قائمة رغم الإضطرابات التي طبعت القرن 19، علماً بأن المغرب وقف إلى جانب أمريكا في حروبها الأهلية وبجانب وحدتها الترابية.

إلا أن تلك العلاقات ربما تتعرض لنوع من التوتر خلال الايام المقبلة بعد أن قامت الولايات المتحدة الامريكية بتقديم اقتراح يوسع من مهام بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الصحراء الغربية المتنازع عليها وذلك بالمساعدة في مراقبة أوضاع حقوق الإنسان هناك وهو اقتراح قوبل بالتعبير عن الأسف من المغرب .

ومشكلة الصحراء المغربية هو موضوع شائك جدا وملف معقد لارتباطه بأجندة دولية ، إلا أن هناك من أن الموقف الامريكي ليس جديداً لأن الشواهد والمؤشرات لاحتمال تطور الموقف الأمريكي ازاء ملف الصحراء كانت معروفة من زمن طويل.

رفض قاطع

وفي أول رد فعل مغربي على الاقتراح الأمريكي الذي اثار هزة مدوية في المغرب ، استدعى القصر الملكي بشكل عاجل جميع القوى السياسية في اجتماع ، وأعلن بيان صادر عن الديوان الملكي،عن رفضه "بشكل قاطع"، لكل المبادرات الساعية إلى توسيع مهمة "مينورسو" (البعثة الأممية في الصحراء)، في إشارة إلى مسودة القرار الذي تعده الولايات المتحدة الأمريكية لتقديمه أمام مجلس الأمن في 20 أبريل الجاري.

وخلص البيان إلى أنه "في كل الأحوال٬ فإن المملكة المغربية٬ القوية بإجماع كافة مكونات الأمة حول الوحدة الوطنية والوحدة الترابية٬ تظل على ثقة في حكمة أعضاء مجلس الأمن الدولي٬ وقدرتهم على إيجاد الصيغ الملائمة لحماية المسلسل السياسي من أية انحرافات تكون لها انعكاسات وخيمة على استقرار المنطقة".

وقال مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية في لقاء مساء الثلاثاء بممثلي وكالات الأنباء العالمية :"إننا نعرب عن رفضنا القاطع لهذا النوع من المبادرات الجزئية والاحادية الجانب" معتبرا انه "مس بالسيادة الوطنية" للمملكة المغربية.

واكدت الرباط دفاعا عن نفسها انها تبذل الكثير من اجل حقوق الانسان في الصحراء فيما مدد مجلس الامن في العام الماضي تفويض المهمة الاممية طالبا من المغرب "تحسين الوضع" .

إلا أن بعض المراقبين اعتبروا هذا بيان الديوان الملكي متسرعا ، وكان من الحكمة حسب نفس الخبراء العارفين بصناعة القرار السياسي الأمريكي ان يكتفي البيان بما خلص اليه، طبقا للأعراف الدبلوماسية ولتقنية المناورة السياسية، في مبادرة حليف استراتيجي، تحتوي في مضمونها معطيات يمكن استغلالها لاحراج الجزائر التي لن تقبل مراقبة حقوق الإنسان بمنطقة "تندوف" في ظل التداعيات هناك وتعرية ادعاءات البوليساريو في موضوع حقوق الإنسان.

وعقدت لجنتا الخارجية في البرلمان المغربي مساء الجمعة اجتماعا استثنائيا لنقاش تطورات قضية الصحراء، افتتح بإلقاء يوسف العمراني الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون كلمة أمام 100 من أعضاء اللجنتين.

واعتبر الوزير المنتدب أن المقاربة "غير مبررة، لأنه ليس هنا على أرض الواقع ما يبررها" ، موضحا انه "ليس هناك أي انتهاكات أو تجاوزات ضخمة لحقوق الإنسان في الصحراء يفسر اللجوء إلى هذا الحل".

كما حذرت الحكومة المغربية من ان المبادرة الجارية ستكون لها عواقب وخيمة على الاستقرار في المنطقة.

وقال المحلل السياسي السيد عبد العالي حامي الدين في حديث لقناة "روسيا اليوم" :" إن موقف الحكومة المغربية يرفض مقترح توسيع مهمة بعثة الأمم المتحدة  في الصحراء الغربية ويستند في ذلك إلى عدة أشياء، منها ما هو مرتبط بالجانب القانوني وأهمها الاتفاق على وقف إطلاق النار، الذي سمح بدخول قوات إلى الصحراء، وبالتالي لا يمكن إضافة أي مهمة أخرى إذا تمت مراجعة قانونية".

وأضاف أن المغرب يعتبر أن مثل هذه المحاولات تمس بسيادته ومن شأن ذلك ارباك النقاش حول مشروع الحكم الذاتي الذي سبق وان طرح على منظمة الأمم المتحدة.

وذكرت جريدة "لوبينيون" المغربية التي تصدر باللغة الفرنسية "ابعد من المفاجأة، هناك شعور بالخيبة من حليف لا يتردد في اهانة ذكاء وجهود المغاربة وإذلال المغرب" .

<span underline;"="" style="margin: 0px; padding: 0px; border: 0px; outline: 0px; vertical-align: baseline; background-color: transparent;">إلغاء المناورات

واستمرارا لردود الأفعال على الموقف الامريكي ، ألغى المغرب المناورات العسكرية السنوية مع الولايات المتحدة لهذا العام ، والتي يطلق عليها "الأسد الأفريقي" تعبيرا عن استيائها.

والأسد الأفريقي مناورات حربية سنوية مشتركة بين القوات المسلحة المغربية والجيش الأمريكي يشارك فيها 1400 جندي أمريكي و900 جندي مغربي.

وتجرى هذه المناورات سنويا ومنذ 13 سنة جنوب أغادير بمنطقة طانطان، حيث تقوم القوات الأمريكية بتجريب تكتيكات جديدة في الحرب ونسج العلاقات مع السكان المدنيين. إذ تحولت هذه المنطقة الى أشبه بمختبر عسكري. وفي الوقت نفسه، تشكل هذه المناورات فرصة للجيش المغربي بالاحتكاك بالعتاد الأمريكي والتدريب على أسلحة جديدة.

إلا أن هناك من يرى أن قرار وقف المناورات قد ينعكس سلبا على مصالح الرباط العسكرية بحكم أن البنتاجون يتبنى سياسة مختلفة عن وزارة الخارجية التي تبنت قرارا ينص على تكليف قوات المينورسو بمراقبة حقوق الإنسان.

ويشير مصدر مطلع على العلاقات المغربية الامريكية إلى أن "البنتاجون يتبنى موقفا مدافعا عن المغرب لأنه يعتبره شريكا استراتيجيا، ووقف البنتاجون مرات عديدة في وجه البيت الأبيض عندما كان سيميل نهائيا الى تقرير المصير في نزاع الصحراء خاصة في عهد الرئيس جيمي كارتر ثم في عهد الرئيس جورج بوش الإبن عندما كان سيفرض مخطط جيمس بيكر المتمثل في الحكم الذاتي ثم تقرير المصير. وكان مسؤولون عسكريون هم المخاطبون للمغرب، إذ كان الملك الراحل الحسن الثاني تربطه صداقات متينة مع المسئولين العسكريين سواء الضباط أو وزراء الدفاع لكن هذا التقليد لم تتم المحافظة عليه".

ويستطرد المصدر "إلغاء المناورات العسكرية سيخلق للمغرب أعداء في البنتاجون وسيبقى بدون مخاطب في المؤسسات الأمريكية". في الوقت ذاته، سيجعل كل صفقة سلاح تخضع لشروط تعجيزية.

وينصح المصدر المسئولين المغاربة بالتفريق بين الملفات السياسية مثل الصحراء والبحث عن مخاطبين في الخارجية الأمريكية وبين القضايا العسكرية لأن المغرب سيخسر حليفا استراتيجيا متمثلا في البنتاجون.

ورغم الاجراء التي اتخذتها المغرب إلا أن المتحدث باسم السفارة الامريكية في الرباط رودني فورد صرح لـ"فرانس برس" قائلا :"اعتقد ان المغرب سيبقى حليفا ثابتا بالرغم من هذه العقبة".

الحليف التقليدي

وعلقت صحفية "لوموند" الفرنسية بأن موقف الحكومة الفرنسية التي يقودها الاشتراكيون "بات حرجا" في إشارة إلى أن باريس التي تعتبر من أكبر داعمي الموقف المغربي في قضية الصحراء، لم تستخدم حق النقض في مجلس الأمن منذ 1976.

لكنها نقلت عن دبلوماسي رفيع المستوى لم تفصح عن هويته قوله :"نحن لن نستخدم حق النقض في قضية تتعلق بحقوق الإنسان هي في الأساس خلافية بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية".

ويرى محللون أن المغرب قد يعتمد على حليفه التقليدي فرنسا لممارسة حق النقض "الفيتو" عند التصويت على مشروع القرار في مجلس الأمن.

وقال دبلوماسيون في الأمم المتحدة إن فرنسا التي تساند الرباط في العادة غير راضية عن الاقتراح.

ويربط المحللون بين وصول جون كيري على رأس وزارة الخارجية الأمريكية والقرار بتوسيع مهمة "المينورسور" بسبب مواقف سابقة لكيري عندما كان عضوا في مجلس الشيوخ الأميركي يدافع فيها عن جبهة البوليساريو.

وكان المغرب قد تقدم بمقترح للحكم الذاتي في الصحراء الغربية يقضي بمنح المنطقة حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية، وهو ما رفضته البوليساريو التي تطالب بالاستقلال التام عن المغرب وتطالب بإجراء استفتاء، وهو ما يرفضه المغرب.

 المصدر









0 تعليق ل المصالح العسكرية والسياسية تدفع أمريكا للتمسك بالمغرب حليفاً استراتيجياً

أضف تعليق


البحث في الأرشيف

البحث بالتاريخ
البحث بالصنيفات
البحث في الموقع

البوم : صور