هل تُخطط البوليساريو لـ"اكديم ازيك" جديد للضغط على الأمم المتحدة ؟
زنقة 20 . إذاعة هولندا العالمية
عبر عدد من المنظمات الحقوقية الدولية عن قلقها من تدهور أوضاع حقوق الإنسان في الصحراء المتنازع عليها بين المغرب وجبهة ’البوليساريو‘، وذلك على إثر المواجهات التي شهدتها مؤخرا مدن صحراوية بين متظاهرين صحراويين وعناصر قوات حفظ الأمن. الطرفان يتبادلان الاتهامات وخاصة بعد أن رفع محتجون شعارات تعد "الأقوى" منذ أن بسط المغرب سنة 1975 سيطرته على الصحراء التي كانت في السابق مستعمرة إسبانية، بحيث طالبوا صراحة بالاستقلال عن المغرب رافعين رايات "البوليساريو" التي يعتبرها المغرب "كياناً وهمياً".
’فرصة ضائعة‘
تأزمت الأمور في ظاهرها السياسي بعدما أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، الحليف ’الاستراتيجي‘ للمغرب، أنها ستعد نصا يتضمن "توسيع" مهمة ’مينورسو‘ (بعثة الأمم المتحدة للصحراء) لتشمل مراقبة أوضاع حقوق الإنسان في كل من الصحراء الواقعة تحت السيطرة المغربية، ومخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف والتي تقع تحت إشراف جبهة ’البوليساريو‘ (جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب). ومع أن أصدقاء المغرب تحركوا بسرعة لتعديل منطوق النص الأمريكي، إلا أن مجرد الإشارة إلى وضعية حقوق الإنسان في الصحراء تعد في حد ذاتها دليل "إدانة" للمغرب في قضية حقوق الإنسان. ومن جهتها عبرت منظمة العفو الدولية عقب التصويت على قرار تمديد مهمة بعثة ’مينورسو‘ في الخامس والعشرين من شهر أبريل نيسان، عن أسفها لعدم توسيع مهمتها لتشمل كذلك مراقبة حقوق الإنسان، واعتبرت ذلك "فرصة ضائعة".
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد شدد على أن "الحاجة إلى آلية مستقلة ومحايدة ومتكاملة ودائمة لمراقبة أوضاع حقوق الإنسان في كل من الصحراء والمخيمات، تصبح أكثر إلحاحا من أي وقت مضى"، وذلك بعد استمرار صدور تقارير عن "انتهاكات حقوق الإنسان" في المنطقة.
نفي
"النصر" الدبلوماسي الذي تحدث عنه المغرب عقب التصويت على القرار المعدل، تحول على أرض الواقع إلى مصادمات ومواجهات عنيفة وثقها تقرير أنجزه فرع مدينة العيون للجمعية المغربية لحقوق الإنسان. أما التقارير الصحفية الواردة من عين المكان (العيون، بوجدور، السمارة) فقد تحولت إلى أدوات دعائية بين الأطراف المتنازعة. فالمغرب يتهم من يصفهم بـ "الانفصاليين" بزعزعة الاستقرار في جنوبه، بينما يتهم المحتجون سلطات الأمن بممارسة القمع والمداهمات والاعتقالات.
وبالإضافة إلى الطرفين المتنازعين مباشرة اتهم المغرب جارته الجزائر بالوقوف وراء المتظاهرين وتشجيعهم بالمال والتعليمات بهدف "زعزعة الاستقرار في الأقاليم الصحراوية"، بحسب ما أوردته صحيفة العلم الناطقة بلسان حزب الاستقلال المغربي المشارك في الحكومة. غير أن الجزائر نفت نفيا قاطعا أي ضلع لها في ما يجري في جنوب المغرب، بحسب ما صرح به وزير خارجية الجزائر مراد مدلسي على هامش اللقاء المشترك بين وزراء خارجية ’اتحاد المغرب العربي‘ الذي جرى مؤخرا في المغرب.
اعتراف
الانتقادات الموجهة للمغرب بخصوص ملف حقوق الإنسان في الجنوب (الصحراء) دفعت أحد مستشاري الملك محمد السادس إلى القول بأن انتهاكات حقوق الإنسان تقع أكثر في شمال المغرب منها في جنوبه، وهذا ما فُسر على أنه اعتراف ضمني بحدوثها. وخلال الأسبوع المنصرم طالبت "عدالة"، وهي منظمة حقوقية بريطانية غير حكومية، الأمم المتحدة للتدخل الفوري لوقف ما وصفته بـ "القمع والتخويف و محاصرة المدن و ذلك من خلال انتشار مفرط و مبالغ فيه للشرطة وللقوة العسكرية المسخرة باستمرار لتفريق المتظاهرين السلميين".
وفي تصريح لأنباء موسكو أعادت نشره بعض المنابر الإلكترونية، عددت الناشطة الحقوقية الصحراوية المعروفة أميناتو حيدر مظاهر انتهاك السلطات الأمنية المغربية لحقوق الإنسان في الصحراء، والتي تتجلى في "استعمال القوة المفرطة من طرف قوى الشرطة والقوات المساعدة المغربية، بما في ذلك السكاكين والسيوف والحجارة، ومداهمة المنازل والعبث بممتلكات الناس، وسرقتها أحيانا".
بين الصحراء والمخيمات
صحيح أن مهمة مينورسو لم تتوسع لتشمل مراقبة وضعية حقوق الإنسان في الصحراء، إلا أن القرار الأخير حث الأطراف المتنازعة على "مواصلة جهودهم لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في الصحراء وفي مخيمات اللاجئين في تيندوف". وبخصوص هذه المخيمات تشير تقارير دولية إلى صعوبات مراقبة الوضع الحقوقي فيها بالنظر لعدم سماح ’البوليساريو‘ للمراقبين الدوليين بالمراقبة المستمرة لحقوق الإنسان داخل المخيمات، وفق ما ذكرته ’هيومن رايتس ووتش"، موضحة أن اللاجئين الصحراويين يعيشون في مخيمات تندوف في "عزلة نسبية" مضيفة أنها تلقت "تقارير متفرقة (تفيد) أن أشخاصا يعارضون البوليساريو علنا يواجهون ضغوطا وتنكيلا بسبب آرائهم السياسية".
ومع أن الدبلوماسية المغربية اعتبرت القرار الأخير نصرا لها، إلا أن متتبعين لموضوع النزاع في الصحراء يرون أن القرار في حد ذاته بمثابة تحذير للمغرب ولجبهة البوليساريو على حد سواء من أن موضوع حقوق الإنسان يعتبر ركنا أساسيا لأي حل مستقبلي لهذا النزاع المستمر منذ أربعة عقود.