طاطا ميلودة. قصة امرأة قاومت اليأس والإحباط والخيانة وانتصرت


زنقة 20
تناول برنامج "العودة" الوثائقي الذي بثته "الأولى" أمس الخميس ضمن برمجتها الرمضانية، قصة "طاطا ميلودة" نموذج المرأة المغربية المهاجرة الاستثنائية.

يشكل هذا النوع من الوثائقيات قطيعة مع البرامج المتداولة التي الغرض منها التسلية بأي ثمن، إذ لطّفت شخصية ميلودة الطابع الدرامي للقصة. وهي التي تحمل معها اثار المعاناة والجروح  وأحلام المرأة القروية.

اختارت هذه المرأة المغربية حياة المنفى وهي في سن السادسة والخمسين من العمر، ليس لتحقيق حلمها الخاص ولكن لمساعدة زوجها، ذلك الرجل القروي ذو الطباع الحادة. والذي وافق مكرها أن تهاجر زوجته سرا الى الضفة الاخرى لتعينه على تحقيق حلم حياته في شراء منزل في "البلاد". وكان ذلك بدابة قصة رائعة تحكي عن التحرر من قيد الرجل البدوي.

معاناة امرأة انتزعت من جذورها

هذه القصة كان يمكن أن تظل محصورة في قالب الروبورتاج العادي عن ظروف عيش المغاربة في الخارج، وأن تحكي عن نجاحات ومعاناة امرأة انتزعت من جذورها. إلا أننا وجدنا انفسنا امام حكاية طاطا ميلودة المراة التي تحولت من قروية بسيطة الى فنانة مشهورة في فرنسا.

ويذهب بنا الشريط في رحلة عبر لحظات الفرح والحزن والشرود في حياة امراة اختارت بمحض الصدفة ان تهاجر من اجل التحرر من قيود العبودية والتقاليد المتوارثة.

وقد اكتشفت هذه الفنانة مواهبها وهي في خريف العمر، ولازالت تحتفظ  بذكريات الطفلة التي انتقلت من سلطة الأب الى سلطة الزوج وهي لم تتجاوز بعد ربيعها الرابع عشر، في تبعية تامة لتقاليد واعراف قاسية متجذرة في المغرب.

 أخذت طاطا ميلودة وهي في سن 63 سنة تعبر بلحن مميز يحمل في طياته نبرة من نبرات بنات الشاوية عن مراحل طفولتها وحرمانها من التعليم وزواجها وهجرتها السرية وكدها وحياتها الفنية٬ عن المعاناة والحرية والحظ كل ذلك عبر زجل بسيط تؤديه بمستويات صوتية مختلفة وتوجهه مباشرة إلى قلب المتفرج.

حكاية امرأة تحمل جروحا غائرة

اتخذت هذه المرأة الستينية المنحدرة من منطقة السطات، من الشعر والكتابة والكلمة الحرة طريقا مضيئا لها. وذلك بفضل دروس محو الأمية التي خضعت لها منذ وصولها باريس.

يجمع هذا الشريط بين القوة والجمالية والعنف، هو شريط يمتزج فيه الضحك الهستيري بدموع الألم التي تذرفها امرأة منكسرة لكنها متحررة.

يحكي "العودة" قصة امرأة مجروحة في اعماقها استطاعت اليوم ان تتجاوز كل الصعاب وتندمج في عالم شهرة لم تكن لتحلم به.

وتعد ميلودة نموذجا لذلك المسلسل الطويل والاليم الذي تخطوه النساء المغربيات من اجل التحرر من كل القيود لتصل الى نظام تكون فيه سيدة نفسها دون أن تضطر للتقاسم اي شيء مع الرجل، وهو نظام متجذر في نسيجنا الاجتماعي وذاكرتنا الجماعية.









0 تعليق ل طاطا ميلودة. قصة امرأة قاومت اليأس والإحباط والخيانة وانتصرت

أضف تعليق


البحث في الأرشيف

البحث بالتاريخ
البحث بالصنيفات
البحث في الموقع

البوم : صور