ربورتاج: انتشار الوساطة في الدعارة تحت قناع كراء الشقق المفروشة بالجديدة
زنقة 20
يتنافس على امتداد شوارع وطرقات مدينة الجديدة مجموعة من السماسرة العشوائيين، الذين اعتادوا التلويح بالمفاتيح من أجل إثارة انتباه الزوار إلى أن الأمر يتعلق بتقديم خدمات تمكنهم من كراء غرف وشقق مفروشة، تساعدهم على قضاء أيام العطلة.
يأخذ هؤلاء السماسرة مواقعهم عبر مداخل المدينة من جهتي الدار البيضاء ومراكش و على الطريق الرئيسية الرابطة بين الجديدة ومنتجع سيدي بوزيد، وبفضاءات المحطة الطرقية، وبمحاذاة الإقامات السكنية حديثة البناء. هؤلاء الوسطاء يشرعون في عملهم في الساعات الأولى من الصباح أملا منهم في اصطياد أكبر عدد من الزبناء، والظفر بفرص قد توفر لهم عمولات محترمة تنعش جيوبهم وتساعدهم على تلبية بعض متطلباتهم، سيما أن من بينهم تلاميذ وطلبة يقضون عطلتهم الصيفية في العمل لتوفير مصاريف الدخول المدرسي المقبل. كما يوجد من بينهم موظفون دفعتهم وطأة قروض السكن طويلة الأمد إلى كراء شققهم ومنازلهم لادخار قسط من الأموال يساعدهم على توفير ضروريات العيش في شهور الفصول الباردة، حيث تشهد المدينة ركودا على جميع الواجهات، فضلا عن جيوش العاطلين الذين باتوا يمارسون هذه الحرفة الموسمية لتجاوز حالة البطالة المزمنة.
لم تعد الوساطة في كراء الشقق المفروشة خلال فصل الصيف حكرا على الرجال، بل أضحت تشمل فئات عريضة من النساء اللواتي يتخذن من المحطة الطرقية و الأحياء الشعبية مواقف آمنة لعرض خدماتهن على كل زائر يبدو محملا بحقائب السفر، حيث يركزن في اختيار زبنائهن على فئة الشباب على وجه الخصوص، لكن هذه العملية تتحول في بعض الأحيان إلى استقطاب نحو شقق خاصة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بزبناء يبحثون عن متعة جنسية عابرة.
واكتسح هذا النوع من السمسرة منتجع سيدي بوزيد أيضا، حيث بات العديد من الشبان يغزون مدخل هذا المصطاف ملوحين بمفاتيحهم للزوار الراغبين في كراء أفخم الفيلات والشاليهات السكنية القريبة من البحر، فضلا عن حراس مواقف السيارات الذين أضحوا بدورهم يتوسطون في عمليات الكراء دون ان يتورع بعضهم في تقديم خدمات أخرى تتعلق أساسا بالوساطة في الدعارة، خاصة بالنسبة للزبناء الأجانب، وهو ما كشفته بعض تدخلات رجال الدرك الملكي في مواسم ماضية، حيث تمكنوا غير ما مرة من إيقاف سياح خليجيين رفقة فتيات مغربيات بهذه الدور المعدة للكراء.
لكن رغم ذلك هناك فئة كبيرة من السماسرة يرفضون هذا النوع من الوساطة.
وغالبا ما يحاول هؤلاء السماسرة توسيع شبكة تعاملاتهم من خلال تنويع المساكن، التي يتوسطون في كرائها بربط اتصالاتهم بأصحابها في أفق تلبية رغبات جميع الزبناء، فتتوفر لديهم الغرف والشقق والمنازل والفيلات المفروشة، بل وفي أرجاء مختلفة من المدينة، وطبعا بسومة كرائية تتباين قيمتها حسب طبيعة السكن وجودة أثاثه ومدى قربه من المرافق الضرورية كالسوق ووسط المدينة والشاطئ والمنتزهات، حيث تتراوح خلال الموسم الصيفي الحالي ما بين 300 و1500 درهم لليلة الواحدة.
ويقضي بعض سماسرة فصل الصيف يومهم جنب الطرقات، حيث يظلون عرضة لأشعة الشمس الحارة، فضلا عن أخطار الطريق التي قد تجعلهم ضحايا حوادث سير غير مرتقبة، ناهيك عما تسفر عنه الخلافات التي تنشب بينهم في أكثر من مرة بسبب المنافسة من أجل الظفر بأكبر عدد من الزبناء، إضافة إلى إمكانية تورطهم في عمليات كراء قد تصل بهم حد المساءلة القضائية حين تتحول المحلات التي يتوسطون في كرائها إلى مسارح للجرائم كما هو الشأن بالنسبة لأحد السماسرة الذي تم اعتقاله بعد إقدام زبون له على قتل خليلته بشقة توسط له في كرائها بإحدى الإقامات السكنية في موسم سابق، بل وغالبا ما يجد هؤلاء السماسرة أنفسهم بين مطرقة المكري وسندان المكتري عندما تنشب بين هذين الأخيرين خلافات عقب إتمام صفقة الكراء حول ارتفاع عدد الأشخاص أو الإفراط في استعمال الماء والكهرباء. وهو ما يدخل في إطار المسؤوليات المنوطة بهؤلاء السماسرة، سيما أن ثمن وساطتهم قد ارتفع ليصل إلى 50 درهما عن كل ليلة، وهو مبلغ مرشح للارتفاع إذا ما تعلق الأمر بكراء مساكن ذات جودة عالية.