هذا ما ينتظر الشعب المغربي في 2014 من حكومة "بنكيران"
زنقة 20
انتهت سنة 2013، وانتهت معها آمالها، لكن خيباتها الكثيرة ستظل عالقة في الأذهان، وستؤثر لا محالة على مستقبلنا في 2014، هذه السنة، التي تتوقع مؤسسات ومكاتب دراسات عالمية أن تكون أكثر قساوة على المغاربة، خاصة في ظل الإصلاحات الكبرى التي تنوي الحكومة اتخاذها، والتي ستمس بشكل مباشر المواطن البسيط.
أكثر التوقعات سوداوية هي تلك التي ذهبت إليها الشركة البريطانيَّة للأبحاث والتحليلات «إيكونوميستْ إنتلجنسْ يونيتْ»، التي أشارت إلى أن الأمن الاجتماعي في المغرب مرشح بقوة للاضطراب خلال هذا العام، وفقَ ما خصلتْ إليه، فِي تقرير لهَا حولَ مخاطر الاضطرابات الاجتماعيَّة فِي 150 بلدًا، سنة 2014.
المغرب المدرج، وفقا للتقرير ذاته، الذي أعلنَ عنه قبل أسبوع من الآن،، بين دول تواجه خطرا كبيرا «high risk» لحصول اضطرابات اجتماعية، حل بجانب دول كثيرة في المنطقة، من بينها تونس والجزائر وإسبانيا، إضافة إلى الأردن، وذلك بسبب البطء الذِي يطبع الاستجابة الحكومية لانتظارات المواطنين السوسيو اقتصادية. فهل ستكذب حكومة بنكيران كل هذه التكهنات وتحول 2014 إلى سنة للآمال والازدهار الاقتصادي والاجتماعي؟ الجواب ستأتي به الشهور المقبلة.
سنة الزيادات في الأسعار بامتياز
2014 ستكون سنة الزيادات في الأسعار بامتياز، فرغم أن بنك المغرب، الذي أخذ بعين الاعتبار التطورات المتوقعة في أسعار المواد النفطية في السوق الدولية ونفقات المقاصة المبرمجة في قانون المالية، أكد أن نسبة التضخم لن تتجاوز هذه السنة 2.5 في المائة. إلا أن المؤشرات الأولى تؤكد أن الأسعار ستعرف ارتفاعا قويا خلال هذه السنة.
ويرى الخبراء أن قانون المالية تضمن عدة تدابير تذهب في هذا الاتجاه، من بينها اعتماد معدلين للضريبة على القيمة المضافة، وهو ما سيسفر عن زيادة في أسعار الشاي والسكر والدهون الغذائية والتبغ والسيارات النفعية، حيث سينتقل معدل الضريبة على القيمة المضافة المطبقة على الشاي والدهون الغذائية والسيارات النفعية من 14 إلى 20 في المائة. بينما سيرتفع هذا المعدل بالنسبة إلى السكر وعلف المواشي من 7 إلى 10 في المائة. في حين ستؤدي الزيادة في الضريبة الداخلية على الاستهلاك الخاصة بالتبغ والمشروبات الكحولية والطاقية وتذاكر الطائرات إلى ارتفاع مباشر في أسعار هذه المواد.
وابتداء من فاتح يناير 2014 سترتفع، كذلك، الضريبة على السيارات الفارهة، بنسب مختلفة. ويتعلق الأمر بالسيارات التي يفوق سعرها 40 مليون سنتيم، حيث سيؤدي مقتنوها للدولة نسبة 5 في المائة من قيمتها، و10 في المائة بالنسبة للسيارات، التي يتراوح سعرها بين 60 و80 مليون سنتيم.
ويرتفع معدل الضريبة إلى 15 في المائة بالنسبة للسيارات التي تفوق قيمتها 100 مليون سنتيم. وتتجه الأنظار إلى الكيفية التي سيتفاعل بها سوق السيارات مع هذه الزيادة، علما أن مبيعات السيارات التي يتجاوز سعرها 40 مليونا ارتفعت مؤخرا، ولكن الفاعلين في القطاع يخشون أن تتسبب هذه الزيادات في تراجعها بشكل كبير.
ويتوقع الخبراء، كذلك، أن تلجأ الحكومة إلى الزيادة في أسعار الماء والكهرباء، من أجل مواجهة الأزمة المالية الخانقة التي يعاني منها المكتب الوطني للماء والكهرباء، مؤكدين أنه في حالة اتخاذ الحكومة هذا القرار، فإن مجموعة من المواد الاستهلاكية ستعرف ارتفاعا ملموسا، بالنظر إلى أن الماء والكهرباء من أهم عناصر الإنتاج.
النمو الاقتصادي.. بنك المغرب متشائم ومندوبية التخطيط أكثر تشاؤما
يبدو أن 2014 لن تكون جيدة على مستوى النمو الاقتصادي، فالخبراء يتوقعون أن ينحصر النمو خلال هذه السنة في مستويات تقل عن 3.5 في المائة. هذا التشاؤم عبر عنه صراحة عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، خلال اجتماع مجلس بنك المغرب الذي انعقد في دجنبر المنصرم، حيث حذر من السقوط في الهاوية وتوقع تراجع نسبة النمو بـ 2 في المائة.
وقد أشار الجواهري إلى أن المغرب يمر بمرحلة صعبة «لكن لدينا الإمكانات والوسائل لتجاوزها». وأضاف أن التوقعات الأولية للبنك تشير إلى أن معدل النمو ينتظر أن يتراوح بين 2.5 في المائة و3.5 في المائة خلال 2014.
بالمقابل، تؤكد المندوبية السامية للتخطيط أنه من المتوقع أن يسجل الاقتصاد الوطني نسبة نمو تبلغ 2.5 في المائة سنة 2014، على أساس الفرضيات المتعلقة بسياسة تدبير الميزانية والنشاط الفلاحي والمحيط الدولي وأثر التوجه نحو تشديد شروط تمويل الأنشطة القطاعية.
وأوضحت المندوبية في مذكرة إخبارية حول الوضع الماكرو اقتصادي في المغرب سنة 2013 وآفاق التطور في سنة 2014، أنه من المرتقب أن تسجل الأنشطة غير الفلاحية تحسنا طفيفا في وتيرة نموها، حيث ستنتقل من 3.1 في المائة سنة 2013 إلى 3.6 في المائة، غير أنها ستظل بالرغم من ذلك في مستوى أقل من معدل 4.6 في المائة المسجل خلال الفترة 2010 - 2012.
وأكدت المندوبية أن القيمة المضافة للقطاع الفلاحي ستشهد تراجعا بنسبة 3.8 في المائة عوض ارتفاع بنسبة 14.7 في المائة المرتقبة في سنة 2013، بناء على فرضية موسم فلاحي متوسط. من جهة أخرى، سيعرف المستوى العام للأسعار ارتفاعا طفيفا بنسبة 1.7 في المائة بعد ارتفاع بنسبة 1 في المائة المتوقعة سنة 2013.
أما حجم الطلب الداخلي فسيرتفع بـ2.8 في المائة، عوض 5 في المائة سنة 2013 وستبلغ مساهمته في النمو 3.2 نقط، عوض 5.8 نقط في سنة 2013.
2014 .. سنة الرفع من سن التقاعد
يبدو رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، مقتنعا تماما بضرورة اتخاذ قرار إصلاح أنظمة التقاعد خلال سنة 2014 كيفما كانت النتائج. فالرجل، وبعد أن نجح في تمرير الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات بسلام، مصر على رفع سن التقاعد إلى 62 سنة عوض 60 المحددة حاليا، وذلك في أفق معالجة أزمة صناديق التقاعد التي أصبحت مهددة بالإفلاس خلال السنة المقبلة.
وحسب بنكيران، فإن الحكومة لن تتراجع عن إصلاح أنظمة التقاعد مهما كلفها ذلك من ثمن، مؤكدا أن المشاكل التي تعاني منها أنظمة التقاعد أثيرت منذ سنة 2000، وهذا الأمر يهدد ديمومتها على المدى المتوسط والبعيد، لأنه تم الاكتفاء إلى حد الآن ببعض التدابير الجزئية التي لم تستطع إبعاد شبح الإفلاس عن صناديق التقاعد، في الوقت الذي تؤكد فيه المعطيات أن الصناديق محتاجة إلى أزيد من 125 مليار درهم بعد 10 سنوات، فيما الحكومة مضطرة سنة 2014 في حال لم تتخذ الإجراءات اللازمة إلى ضخ ما مجموعه 1.8 مليار درهم، وفي سنة 2016 محتاجة إلى ضخ 6.4 مليارات درهم.
ومن المنتظر أن تلجأ الحكومة إلى السيناريوهات التي أوصى بها المجلس الأعلى للحسابات، من أجل إصلاح أنظمة التقاعد، والتي من المنتظر أن تخلف ردود فعل ساخطة من طرف النقابات. وتتبنى هذه السيناريوهات مرحلتين للإصلاح، الأولى تتعلق بإصلاح مقياسي يهدف بشكل أساسي إلى تقوية ديمومة أنظمة التقاعد وتخفيض ديون الأكثر هشاشة منها، خاصة نظام الصندوق المغربي للتقاعد، وذلك في أفق إصلاح هيكلي شامل يهم مجموع الأنظمة.
ومن أجل إنقاذ الصندوق المغربي للتقاعد، الذي سيعرف عجزا كبيرا ابتداء من هذه السنة، اقترح المجلس رفع سن التقاعد إلى 65 سنة على مدى 10 سنوات، عوض 60 سنة المعمول بها حاليا، مع منح المنخرطين إمكانية تمديد فترة نشاطهم حتى يتسنى لهم الاستفادة من تقاعد كامل في المعدل الأقصى، وذلك مع ضرورة أن يخضع الاستمرار في العمل لتأطير ملائم في حدود سن يتم تحديدها لاحقا.
أما بالنسبة لوعاء احتساب الحقوق بالنسبة للمنخرطين في الصندوق المغربي للقاعد، فقد اقترح المجلس تغيير الوعاء بصفة تدريجية باعتماد معدل أجور من 10 إلى 15 سنة الأخيرة من العمل، عوض آخر أجرة كما هو معمول به حاليا، مع تخفيض نسبة القسط السنوي إلى 2 في المائة بدل 2.5 في المائة، وتحديد نسبة المساهمة في 30 في المائة، 24 في المائة منها للنظام الأساسي اعتمادا على مبدأ التوزيع، و6 في المائة بالنسبة للنظام الإضافي المبني على الرسملة يتحملها بشكل متساو المشغل والأجير.
وجاءت اقتراحات إصلاح النظام العام الجماعي لمنح رواتب التقاعد صادمة، هي الأخرى، حيث تضمنت الرفع من سن الإحالة على التقاعد إلى 65 سنة على مدى 10 سنوات، تبعا لنفس التصور المقترح بالنسبة للصندوق المغربي للتقاعد، ومراجعة قيمة المعاشات في اتجاه تخفيض النسبة الحالية إلى مستوى ثلثي تطور متوسط الأجر الذي يعتمده النظام.
أما السيناريوهات التي وضعها المجلس الأعلى للحسابات بالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فجاءت مختلفة بعض الشيء، حيث تضمنت الاحتفاظ بسن التقاعد في 60 سنة كمتوسط، مع إتاحة الإمكانية للمنخرطين الراغبين في ذلك لتمديد سن التقاعد إلى 65 سنة، بالإضافة إلى رفع معدل التعويض إلى 75 في المائة عوض 70 في المائة المعتمدة حاليا. غير أن المجلس اقترح، بالمقابل، رفع نسبة المساهمة من 11.89 في المائة إلى 14 في المائة خلال فترة 5 سنوات، مع زيادة عدد الأيام اللازمة للاستفادة من الحقوق لتصل إلى 4320 يوما عوض 3240 يوما المعتمدة حاليا.
وفي المرحلة الثانية من الإصلاح، اقترح المجلس القيام بإصلاح هيكلي ينجز في أفق 5 إلى 7 سنوات تمثل مرحلة انتقالية نحو وضع نظام ذي قاعدة موحدة وعامة لمجموع النشيطين بالقطاعين العام والخاص، ويتضمن هذا الإصلاح وضع قطبين للتقاعد عمومي وخاص، وذلك بدمج أنظمة تقاعد القطاع العمومي، أو المحافظة على الأنظمة مع إصلاح عميق وشامل لنظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد.
واعتبر المجلس أن هذا الإصلاح الهيكلي يمكن أن يفضي إلى نظام تقاعد أساسي موحد إلى جانب أنظمة تكميلية، وأخرى اختيارية، كما اقترح إحداث جهاز مستقل مكلف باليقظة وبتتبع أنظمة التقاعد، مطالبا بضرورة أن تستجيب عضوية هذا الجهاز لهدف تحقيق الفعالية من خلال تعيين أعضاء يتوفرون على مستوى عال من الكفاءة والخبرة في هذا المجال.
المقاصة.. هل تكون سنة 2014 سنة الإصلاح؟
تبدو الوضعية صعبة للغاية بالنسبة إلى الحكومة، فهي تبحث منذ مدة عن الوصفة السحرية لإصلاح صندوق المقاصة وتخفيف الأعباء عن مالية الدولة وطمأنة خبراء كريستين لاغارد، الذين يعكفون حاليا على صياغة تقريرهم «الأسود» حول الإصلاحات الاقتصادية في المغرب، دون أن يكون لها الجرأة على تنزيل مقترحات الإصلاح التي تمت دراستها على مدى شهور عديدة، بالنظر إلى تهديدها المحتمل للسلم الاجتماعي في المغرب. هذا في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط سواء من الخارج، عبر المؤسسات الدولية، أو من الداخل عبر المعارضة وموزعي الغاز وأٍرباب المخابز، فهل يعجل ذلك بالإصلاح؟
وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، أكد صراحة أن 2014 هي سنة إصلاح نظام دعم المواد الأساسية، مشيرا إلى أن إصلاح نظام المقاصة يحظى بالأولوية عند الحكومة.
وأوضح الخلفي أن «من شأن هذا الإصلاح أن يحرر الموازنة العامة من أن تكون رهينة تقلبات الأسعار العالمية»، مبرزا أن إصلاح صندوق المقاصة، «من شأنه التحكم في تفاقم عجز الموازنة العامة، واختلال التوازنات الماكرو اقتصادية، الذي أدى إلى تراجع وضعية المغرب عند مؤسسات التنقيط الاقتصادي الدولي، والمس بالثقة في اقتصاد بلادنا».
وبعد أن أوضح الخلفي أن من شأن إصلاح هذا النظام، دعم القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة وخصوصا الفئات الفقيرة والمعوزة، وذلك من خلال تمكينها من الاستفادة الفعلية من نفقات هذا الصندوق، كشف أن وضعية هذا الصندوق حاليا كانت لها انعكاسات سلبية على تعبئة الموارد اللازمة للقطاعات الاجتماعية، مضيفا أن الحكومة تعمل على وضع اختيار يقضي بالتحكم في نفقات صندوق المقاصة بألا يتجاوز ما هو مقرر له في قانون الموازنة العامة.
وبينما تعكف حكومة بنكيران على دراسة السيناريوهات المحتملة لإصلاح صندوق المقاصة، تبدو المؤسسات الدولية متشبثة بضرورة الشروع عاجلا في تطبيق الإصلاحات، فقد وجه صندوق النقد الدولي مرارا تحذيرات للحكومة، مصنفا الاقتصاد الوطني ضمن الاقتصادات التي تعيش وضعية صعبة، بسبب تفاقم عجز الميزانية وارتفاع العجز التجاري وتراجع احتياطيات العملة الصعبة، مؤكدا أن الظرفية الحالية تتطلب من الحكومة اتخاذ قرارات صعبة بخصوص الإصلاحات الكبرى، خاصة تلك المتعلقة بنظام المقاصة. إذن فكل المؤشرات تذهب في اتجاه أن تكون 2014 سنة الحسم في إصلاح نظام المقاصة.
العقار.. الأزمة مستمرة والأسعار تتراجع
رغم أن المنعشين العقاريين استطاعوا تمرير مطالبهم بخصوص السكن المتوسط في مشروع قانون المالية، إلا أن التوقعات تشير إلى أن أزمة قطاع العقار ستستفحل خلال سنة 2014، خاصة أن البنوك أقفلت منذ مدة «صنبور» القروض تجاه المنعشين.
وحسب تصريحات مجموعة من مهنيي العقار، فإن القطاع سيعيش «أزمة» جديدة تؤثر بقوة على السكن المتوسط والفاخر وتساهم في تراجع المبيعات بشكل كبير.
ويقر يوسف بنمنصور، رئيس فدرالية المنعشين العقاريين بالمغرب، بأن الأزمة الحالية للقطاع ألقت بظلالها على السكن المتوسط والفاخر وخلقت نوعا من الركود خلال الشهور الماضية في هذا الصنف من العقار، مؤكدا أن فدرالية المنعشين العقاريين لمست تراجعا مهما في الأسعار في مجموعة من المدن المغربية، خاصة منها فاس ومكناس ومراكش وأكادير ووجدة.
ويوجه رئيس الفيدرالية أصابع الاتهام إلى لأبناك المغربية التي قال «إن إحجامها عن تمويل عمليات شراء الشقق السكنية سواء تعلق الأمر بالسكن المتوسط أو الاجتماعي كان له تأثير سلبي على القطاع».
ويؤكد بنمنصور أنه يتفهم إشكالية تقلص هامش الثقة في تمويل القروض العقارية الموجهة لاقتناء السكن الفاخر الثانوي، «لكن أن تطال مشاريع السكن المتوسط والسكن الاجتماعي الذي يستفيد من ضمانة صندوق فوغاريم الحكومي، فهذا يعتبر أمرا غير مفهوم»، وفق تعبير رئيس فيدرالية المنعشين العقاريين.
ويضيف المسؤول نفسه أن الإحصائيات تشير إلى أن 10 في المائة فقط من الطلبات التي تتقدم بها الطبقات المتوسطة لاقتناء شقق في مشاريع السكن المتوسط هي التي تتم الموافقة عليها من طرف الأبناك المغربية، مردفا في هذا الاتجاه «ما يقلقنا في واقع الأمر هو تخلي الأبناك عن تمويل مشاريع اقتناء الشقق المتوسطة، حيث لا توافق سوى على ملف واحد من أصل عشر ملفات فقط تهم طلب قروض لتمويل اقتناء الشقق المتوسطة».
وبالتالي، ما على الراغبين في اقتناء سكن سوى الانتظار قليلا، لأن الشهور المقبلة من سنة 2014 ستشهد، حسب المحللين، تراجعا ملموسا في الأسعار.
التعويض عن فقدان الشغل.. نقطة مضيئة في 2014
من النقط المضيئة في سنة 2014، خروج مشروع التعويض عن فقدان مناصب الشغل إلى حيز الوجود، فقد أعلن وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية عبد السلام الصديقي، أنه سيتم الشروع في دفع التعويضات عن فقدان الشغل انطلاقا من مارس 2014.
وقال الصديقي: «يتعين الشروع في صرف التعويضات عن فقدان الشغل انطلاقا من مارس 2014 على أبعد تقدير»، مضيفا أن مشروع القانون حول التعويض عن فقدان الشغل، سيحال على الأمانة العامة للحكومة في غضون الأيام المقبلة.
وأوضح أن التعويضات ستكون سارية المفعول لمدة 6 أشهر بالنسبة للمأجورين الذين اشتغلوا لمدة سنتين ونصف على الأقل أيا كان المنصب الذي كانوا يشغلونه، مشيرا إلى أن المبلغ المدفوع لن يتجاوز الحد الأدنى للأجور، أي 70 في المائة من الأجر المحصل عليه.
وأشار إلى أن الدولة ستساهم في هذا التعويض عبر صندوق تم التنصيص عليه في الميزانية، مبرزا أن «المأجور والمشغل سيساهمان بدورهما بنسبة تبلغ على التوالي 0.19 بالمائة و0.38 بالمائة».
من جهة أخرى، أكد الوزير أن الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات ستواكب الأشخاص الذين فقدوا الشغل من خلال دورات تكوينية للتمكن من الحصول على فرص أخرى للشغل.
وكان رئيس لجنة التشغيل والعلاقات الاجتماعية بالاتحاد العام لمقاولات المغرب جمال بلحرش، أكد، خلال اجتماع مع وزير التشغيل، على أهمية إطلاق مجموعتي العمل المتعلقتين بالتشغيل والمرونة وقانون الشغل وكل ما يرتبط بالتشريع الاجتماعي.
وأشار إلى أنه تم تحديد أولويات الاتحاد المتمثلة على الخصوص في تفعيل التعويض عن فقدان الشغل، إضافة إلى حق الإضراب الذي سيصبح، برأيه، ضرورة خلال سنة 2014 لإرساء ثقة المستثمرين الأجانب والمغاربة، فضلا عن القضايا التي من شانها أن تساعد المقاولات على الاستثمار بشكل أفضل وتأمين المأجورين.
البنوك الإسلامية.. قريبا في الأسواق
من المنتظر أن تكون 2014 سنة الحسم في ملف البنوك الإسلامية، فرغم أن التقرير الصادر، مؤخرا، باشتراك بين مؤسسة «تومسون رويترز» والمؤسسة الإسلامية لتطوير القطاع الخاص والمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، أكد أن هناك مجموعة من المخاطر المحدقة بالتمويل الإسلامي في المغرب، أهمها وجود بنية في السوق المالية لا تحبذ وجود منافسة بين الفاعلين في القطاع، إلا أن الحكومة ترى أن البنوك الإسلامية تحولت إلى ضرورة من أجل إنعاش الاقتصادي الوطني، وبالتالي لابد أن يتم الحسم فيها عاجلا.
وفي هذا الإطار، قال الوزير المنتدب المكلف بالنقل محمد نجيب بوليف، في تصريحات صحافية، خلال دجنبر المنصرم، إن قانون البنوك التشاركية سيعطي دفعة جديدة للتمويل البديل وسيمكن من تأطير المصارف التشاركية.
وأضاف بوليف، الذي كان يتحدث في ندوة دولية حول «المصارف الإسلامية في دول المغرب العربي ودورها في التكامل الاقتصادي والحكامة الرشيدة»، أن المغرب مقتنع بضرورة دمج المصارف الإسلامية في الاقتصاد الوطني، على الرغم من أن قانون البنوك التشاركية لم يصدر بعد.
وشدد الوزير على أن هذه المصارف التشاركية ستعطي نفسا جديدا للاقتصاد المغربي وستضخ مزيدا من الأموال في النظام المصرفي والمالي، الشيء الذي ستستفيد منه شريحة من السكان، الذين ليس لديهم الحق في الحصول على بعض التمويلات، كما ستسهم هذه البنوك في تعزيز تحسين معدل الاستبناك.
وأضاف بوليف أن هذه الخدمات المصرفية الجديدة، «ستسهم أيضا في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر من البلدان التي تعتمد على التمويلات الإسلامية».
وحول ارتفاع أسعار المنتوجات الإسلامية، أوضح الوزير، أن هذا الأمر يعزى لغياب المنافسة، مشيرا إلى أن قانون البنوك التشاركية، سيشكل قاعدة للإشراف وتأطير عمل هذه البنوك.
من جهة أخرى، أشار الوزير إلى أنه يتعين نهج الحكامة في الاقتصاد الإسلامي والتشاركي، على مستوى المنتوجات المصرفية ذات الصلة، من أجل تلبية احتياجات الزبناء.
الاقتراض من الخارج.. عتبة 65 في المائة من الناتج الداخلي تلجم بنكيران
نجحت المعارضة في لجم حكومة بنكيران ومنعها من اللجوء مستقبلا إلى السوق الدولية للاقتراض بعد أن استطاعت فرقها تمرير توصية للجنة المالية التابعة لمجلس المستشارين من أجل وضع عتبة للاقتراض الخارجي، بحيث لا تتجاوز خلال السنة المقبلة 65 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
ومن شأن هذه التوصية، التي تمت المصادقة عليها وتضمينها في قانون المالية، أن يضع عراقيل كبيرة أمام الحكومة في مواجهة عجز الميزانية خلال 2014، بحيث لن يكون في استطاعة وزارة المالية وبنك المغرب اللجوء إلى الاقتراض الخارجي إلى في حدود معينة.
وكان الأزمي قد اعتبر أثناء حضوره تحت قبة البرلمان لمناقشة الميزانية العامة والقروض الخارجية، أن الدولة مضطرة للاستدانة من الخارج حتى تتمكن من سد العجز الحاصل في الميزانية.
وأضاف الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، إن لجوء الحكومة المتكرر إلى الاقتراض سببه ارتفاع تكلفة صندوق المقاصة، وكذا ازدياد حجم نفقات الدولة مقارنة بعائداته، موضحا أن الحكومة السابقة اعتمدت على خوصصة مجموعة من القطاعات من أجل الحصول على مداخيل إضافية لتغطية الفجوة.
بالمقابل، أكد عادل الدويري، رئيس رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين، مؤخرا، أن حكومة بنكيران حصرت تدبيرها لمشاكل العملة الصعبة في اللجوء إلى الاقتراض، رغم أن الاستدانة إجراء مؤقت فحسب ولا يمكن أن يتحول إلى خطة دائمة.
وقال الدويري إنه كان حريا بالحكومة، موازاةٍ مع اللجوء الاضطرارِي إلى المؤسسات الدولية للاقتراض، معالجة الوضع والإنصات إلى اقتراحات المعارضة للخروج من المأزق.
واعتبر رئيس الرابطة أنه في حال استمرت مقاربة الحكومة لإشكال «النقد» محصورة في الاستدانة، فإن المغرب سيصبح مما لا ريب فيه، في غضون السنوات الثلاث القادمة، تحت سلطة المؤسسات الدوليَّة، وسيجبر صندوق النقد الدولي السلطات النقدية على خفض قيمة الدرهم، وهو قرار من شأنه أن يؤدي إلى تراجع اقتصادي، وارتفاعٍ صاروخي للأسعار.
من جهته، يرى أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق والاقتصاد بالمحمدية رضوان زهرو، أن لجوء المغرب إلى الاقتراض المفرط يتناقض بشكل صارخ مع ما وعدت به الحكومة عندما تم تنصيبها، مشيرا إلى أن رئيس الحكومة كان دائما يصرح بأن القرار السيادي للمغرب خط أحمر وبأن المغرب لن يلجأ إلى القروض حتى لو اضطر إلى اتخاذ إجراءات تقشفية، إلا أنه اليوم ضرب كل وعوده عرض الحائط وأغرق الاقتصاد الوطني في مستنقع الديون.
البورصة: الخبراء متفائلون
يتوقع الخبراء أن تشهد بوصة الدار البيضاء خلال سنة 2014 تحسنا نوعيا، فحسب مكتب الدراسات الاقتصادية البريطاني «أوكسفورد بيزنس غروب»، فإن آفاقا واعدة تنتظر البورصة المغربية. ويرجع المكتب ذلك إلى الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي باشرها المغرب في هذا القطاع والجهود الحثيثة التي تبذلها السلطات المغربية من أجل الارتقاء بالقطاع المالي.
وأشار مكتب الدراسات الاقتصادية، ومقره لندن، إلى أن بورصة الدار البيضاء، التي تحولت إلى مؤشر (أم سي أس إي) للأسواق الحدودية عوض مؤشر (أم سي أس إي) للأسواق الناشئة، قادرة على استقطاب تدفقات رؤوس الأموال نحو سوق مالي استطاع خلال السنوات الأخيرة التكيف مع الظرفية الاقتصادية الدولية الصعبة.
وأضاف مكتب أوكسفورد بيزنس غروب، في تقرير تحليلي، أنه بالرغم من تباطؤ وتيرة المعاملات في البورصات، فإن ولوج المغرب في نونبر 2013 إلى مؤشر «الأسواق الحدودية» كفيل بإثارة اهتمام عدد من المستثمرين الذين تسعى بورصة القيم بالدار البيضاء إلى استقطابهم.
وحققت بورصة الدار البيضاء في دجنبر الماضي أكبر عملية لها منذ سنة 2008، بعدما استطاعت استقطاب شركة «الجرف الأصفر للطاقة» دجنبر الأخير. واعتبر المسؤولون أن نتائج عملية طرح أسهم الشركة، التابعة لمجموعة طاقة الإماراتية، كانت مرضية جدا وأكدت الثقة التي تحظى بها الشركة في المغرب.
وأوضح رئيس المجلس الإداري، خلال الجلسة الأولى لطرح أسهم الشركة في البورصة بعد 12 يوما من انتهاء الاكتتاب، والتي حضرها وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد وكريم حجي المدير العام للبورصة، أن نسبة الانخراط في عملية الاكتتاب مكنت من رفع قيمة أسهم شركة الجرف الأصفر للطاقة بحوالي 6.69 أضعاف.
وأضاف العراقي الحسيني أن المساهمة النشطة للفاعلين المؤسساتيين في البورصة، وكذا المستثمرين الأجانب، إلى جانب الأجراء التابعين للشركة تعكس الثقة والارتباط بالشركة، مشيرا إلى أن نتائج العملية هي مؤشر كبير على عودة الدينامية إلى سوق الأسهم المغربية.
عبد الرحيم ندير ليومية المساء.