نقص الأوكسجين أثناء الولادة.. عندما تتحول فرحة إستقبال مولود جديد إلى كابوس مُزعج
زنقة 20
يعد نقص الأوكسجين من أكثر المشاكل التي تحدث أثناء عملية الولادة وتترتب عنها وفاة المولود على الفور، أو إصابته بإعاقات عصبية متعددة ومستديمة تتحول معها فرحة استقبال الأسرة لمولود يملأ عليها الحياة بهجة وسرورا، إلى كابوس مزعج. وتزداد مرارة الأسرة عندما يكون مشكل نقص الأوكسجين ناجما عن خطأ طبي أو إهمال أو غياب المستلزمات الطبية الضرورية في مثل هذه الحالات. وفي هذا الشأن تتعدد حالات النساء اللواتي رزئن في فلذات أكبادهن ولم تكتمل فرحتهن بمعانقتهم، كما أن الأسر التي أصبح أبناؤها منذ لحظة ولادتهم من ذوي الاحتياجات الخاصة لا تعد ولا تحصى. نعيمة واحدة من هذه الحالات التي انتهت رحلة حملها بولادة طفل معاق حول حياتها إلى رحلة دائمة من الاستشارات الطبية وحصص الترويض.
تتذكر نعيمة ، وهي تغالب دموعها ، لحظة ولادة ابنها قبل أربع سنوات كما لو أنها كانت قبل يومين أو ثلاثة، ففي ذلك اليوم تعرض مولودها لمشكل في التنفس ترتبت عنه إصابته بإعاقات متعددة.
تقول نعيمة، في بوح لوكالة المغرب العربي للأنباء، " مرت مرحلة الحمل صعبة بعض الشيء، لكن كلما كنت أتخيل لحظة احتضاني لمولودي، أزداد شوقا لرؤيته، ولم يكن أبدا في حسباني أن فرحتي ستتحول بعد الوضع إلى حزن كبير وتكون نقطة الانطلاق لخوض معركة علاجية لا تدعو للتفاؤل كثيرا". وما يحز في نفسها هو أنه كان من الممكن تجنب ما وقع، لو أن المستشفى الذي أنجبت فيه كان يتوفر على التجهيزات اللازمة للتعامل مع مثل هذه الحالات. تحكي أنه عندما اشتد عليها المخاض ودخلت قسم الولادة، أخبرتها إحدى "القابلات" بأن حالتها تستلزم إجراء عملية قيصرية لأن وزن الجنين كبير والولادة متعسرة، لكنه من غير الممكن إجراؤها لأن المستشفى لا يتوفر على طبيب متخصص في التخدير، كما أن قاعة العمليات كانت مشغولة حينها.
تقر نعيمة بأنها لم تستوعب حينها كلام "القابلة" ولم تع درجة خطورته، ما جعلها تنتظر أن تلد طبيعيا " وهو ما حدث بعد يوم كامل من المخاض أثر على صحة الجنين الذي أصيب بعد الولادة بنقص في الأوكسجين أدى إلى إصابته بشلل دماغي حوله إلى جسد بلا روح".
لم تستطع هذه الأم المكلومة إخفاء دموعها التي تنهمر في كل مرة تذكرت الفترة التي تلت خروجها من المستشفى. فرغم كل التحضيرات التي سبق وأن قامت بها للاحتفال بعقيقة ابنها، ألغي كل شيء، بعدما تعرضت لأزمة نفسية حادة استلزمت خضوعها لمتابعة نفسية دقيقة. تقول نعيمة " أنا إنسانة مؤمنة بقضاء الله وقدره(...) غير أني لم أتقبل الأمر بسبب حدوثه جراء إهمال طبي ". وهي تطرق الآن جميع الأبواب من أجل التخفيف من حدة الإعاقة التي يعاني منها ابنها، رغم أن آمال تحسن صحته ضعيفة. الجراح التي خلفتها هذه الأزمة في نفسية نعيمة ما تزال مفتوحة. فمجرد التفكير في إنجاب طفل آخر يعوضها فرحتها التي أجهضت في تجربتها الأولى يبدو غير وارد لديها، رغم إلحاح كل المحيطين بها.
فما من ضمانة - تقول نعيمة - على عدم تكرار ما حصل " ابني لم يكن الضحية الأولى ولن يكون الأخيرة. فقصص المواليد ضحايا نقص الأوكسجين لا تنتهي. كيف سأتصرف حينها ؟ " تتساءل هذه الأم بمرارة. وتأمل هذه السيدة وكثيرات مثلها أن تتحمل الجهات المعنية مسؤولياتها في توفير الظروف الملائمة لإجراء عمليات الولادة في ظروف جيدة حتى يتم تلافي ارتفاع عدد الأطفال ضحايا هشاشة البنية التحتية الطبية. هي دعوة صادرة بإلحاح - تؤكد نعيمة - عن كل أسرة، وخاصة عن كل حامل مقبلة على الولادة تتمنى أن لا ينتهي حملها بمأساة.