قصة يوم عمل شاق لعاملات جني "الفريز" بمولاي بوسلهام مُقابل 60 درهماً


انهمكت سعاد التي كانت ترتدي «شاشية » وتضع قناعا من قماش على وجهها لحماية بشرة وجهها البيضاء  من أشعة الشمس في جمع منتوج توت الأرض (الفريز) بإحدى الضيعات الفلاحية بمنطقة مولاي بوسلهام بإقليم القنيطرة، وهي المنطقة المشهورة بإنتاج هذه الفاكهة.

سعاد شابة  تبلغ من العمر 30 سنة، وتنحدر من  إحدى الدواوير البعيدة عن الضعية التي تشتغل بها، تضطر كل يوم للنهوض من النوم  منذ الخامسة صباحا لتلتحق بمجموعة من النساء والفتيات اللواتي يجتمعن  بأحد الأماكن  وسط الدوار في انتظار قدوم  الشاحنة المكلفة بنقلهن إلى الضيعة.

«نشتغل من السابعة  صباحا، ولا نتوقف سوى ساعة واحدة في حدود الواحدة زوالا، نتناول خلالها وجبة الغذاء، ثم نستأنف العمل حتى الرابعة  مساء، حيث نعود إلى منازلنا بعد يوم شاق»، تقول سعاد التي قالت أنها أجبرت على العمل بعد أن توقفت عن الدراسة في حدود المستوى الابتدائي من أجل مساعدة عائلتها الفقيرة.

تسع ساعات من العمل الشاق والمضني مقابل 60 درهم كأجر يومي لسعاد وزميلاتها. فالحاجة وضيق الحال دفعهن جميعا للعمل بهذا الآجر الزهيد الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، كل ذلك من أجل توفير لقمة العيش لأسرهن الفقيرة في ظل البطالة وغياب فرص الشغل بالمنطقة.

«كنخرج مع  الفجر باش نمشي نخدم ونجيب رزيق باش نعيش ولادي»، تقول عائشة، عاملة متزوجة، تعيل أسرة تتكون من أربعة أطفال وأب عاطل عن العمل بسبب المرض. هذه المرأة الكادحة، كانت منهمكة  في جني حبات  «الفريز» ذات لون أحمر جذاب، ووضعها في صناديق بلاستيكية، في الوقت الذي تتكلف عاملات أخريات باختيار الثمار ذات الجودة العالية، ووضعها في علب بلاستيكية أخرى استعدادا لبيعها لشركات مختصة في تسويق  وتصدير هذه الفاكهة الموسمية.

ويقول أحمد، وهو شاب يدير ضيعة لإنتاج توت الأرض بمنطقة مولاي بوسلهام، «أنه  لابد من توفر الحرفية في عملية قطف ثمار الفريز»، موضحا «أن العاملات يجب أن  يحرصن  على عدم إتلاف الثمرة غير الناضجة، وعدم قطع الشجرة أو أوراقها. ويجمع المحصول في صناديق بلاستيكية خاصة، ويتم بعدها فرزها واستبعاد الثمار الفاسدة منها، ثم وضعها في صناديق خشبية أو علب بلاستيكية  بطريقة متوازية ومنظمة تعطي شكلا جميلا عند بيعها في الأسواق».

ورغم ظروف العمل القاسية وساعات العمل الطويلة، تضظر عشرات الفتيات والنساء إلى العمل في ضيعات «الفريز» بمنطقة مولاي  بوسلهام، حيث تتجاوز المساحة المزروعة بهذا النوع من الزراعة 400 هكتار، إذ تمثل هذه الضيعات المنتشرة بالمنطقة فرصة العمل الوحيدة من أجل مساعدة أسرهن. ويشغل هذا القطاع حوالي 30 ألف من اليد العاملة، بينهم 70 في المائة من الفتيات والنساء، يعملن خلال  موسم الفريز  الذي  ينطلق منذ شهر شتنبر حتى شهر يونيو، بداية من زراعة الشتائل حتى موسم جني الثمار.

حلاوة  فاكهة «الفريز» وتطور هذا القطاع، لا يمكن أن يخفيان المرارة المرتبطة بسوء أوضاع  العملات، اللواتي   لا يشتكين  من تدني أجورهن وعدم التزام أصحاب الضيعات بالحد الأدنى للأجور فحسب،  بل يعانين أيضا من غياب الضمان الاجتماعي، وعدم توفرهن على تأمين صحي، مع الإشارة إلى أن العاملات  معرضات دائما لخطر الإصابة  بأمراض مهنية عديدة بسبب استعمال  المبيدات الحشرية  في هذه زراعة  توت الأرض للقضاء على الأمراض والطفيليات، ناهيك  عن إصابتهن بالأمراض المرتبطة سواء ببرودة الجو أو بالحرارة المفرطة، حسب تقلبات الطقس واختلاف الفصول. 

إعداد رشيد زرقي لـيومية "الأحداث المغربية".









0 تعليق ل قصة يوم عمل شاق لعاملات جني "الفريز" بمولاي بوسلهام مُقابل 60 درهماً

أضف تعليق


البحث في الأرشيف

البحث بالتاريخ
البحث بالصنيفات
البحث في الموقع

البوم : صور