"تربحوا وتسعدوا" .. قصة "الميمونة" المَغربية الأصل التي أضحت عيداً وطنياً رسمياً في اسرائيل بدعم من ناتنياهو
زنقة 20 . وكالات
مَن في إسرائيل لا يعرف إلى أيّ حدّ تحوّل عيد الميمونة، الذي يُحيي نهاية عيد الفصح، إلى إحدى أهم المناسبات المفرحة والتي تحظى بتغطية إعلاميّة في المجتمَع الإسرائيلي؟!
فالسياسيون ينقضّون في ليلة الميمونة على العشائر المعروفة والمرموقة بين يهود المغرب للتمتّع بألذّ مأكولات العيد الذي يمثّل الخصوبة والبركة، لتناول المُفلطّة مع العسل، والتصوّر مع وجهاء الجالية، آمِلين أن تكتب الصحف عنهم غداة العيد.
يُعتبَر هذا العيد مرتبطًا بذوي الأصول المغربية في إسرائيل بشكل أساسي، كما ذكرنا آنفًا.
فقد احتفل يهود المغرب بالميمونة في نهاية عيد الفصح، الذي يُمنَع فيه تناوُل الخبز وأيّ أمرٍ مختمِر، لأنهم آمنوا أنّ أبواب السماء تُفتَح في تلك الليلة، وأنّ الله يستجيب أية صلاة أو دعاء.
يستمرّ الاحتفال بالميمونة ليلةً ويومًا، تُؤكَل فيهما مأكولات مرتبطة بالبركات (مثل العسل، الحليب، الطحين، الحبوب، والحلويات)، يكثُر الفرح، يزور المرء قريبه، ويبارك الواحدُ الآخَر بالكلمتَين "تربحوا وتسعدوا" (ربما: بالرفاه والمساعدة أو ليكن لديكم رفاه وتساعِدوا غيركم).
وفق الإيمان الشعبي، الميمونة هي تميمة من أجل الرزق وإيجاد رفيق زواج. يعود أصل العيد، وفق تقدير الباحثين، إلى القرن الثامن عشر.
في جميع أيّام الفصح السبعة، كان اليهود يحرصون على عدم تناوُل الطعام أحدهم في بيت رفيقه، خشية أن يأكلوا خطأً شيئًا مختمرًا، معربين عن حرص زائد على ذلك. لهذا السبب، فور انتهاء العيد، كان أحدهم يستضيف رفيقه، كعلامة على انتهاء مفعول الحظر.
اجتازت احتفالات الميمونة في العقود الأخيرة عملية مشابهة لتلك التي اجتازتها الموسيقى الشرقية، إذ خرجت من هامش الحضارة الإسرائيلية إلى التيّار المركزي.
روى الممثّل الكوميديّ الشعبيّ، شالوم أسييج، الذي ترعرع في أسرة مغربية، أنه في سنوات طفولته في إسرائيل، كان يحتفل مع أصدقائه بالميمونة سرًّا، كأنهم يرتكبون خطيّة. "خجلتُ من دعوة أصدقاء مقرَّبين إلى بيتي"، روى في إحدى المُقابَلات معه.
حسب تعبيره، كان "تغيُّر النظرة إلى المشرقية" هو الذي أدّى إلى إنقاذ الميمونة من (الغيتو المغربي). ووفق دانيال بن سيمون، الصحفي العريق في صحيفة "هآرتس" والمولود في المغرب، هذا هو "نوع من الاعتذار من الدولة ومحاولة حقيقية لمصالحة المغاربة".
ويضيف: "الميمونة هي ضحيّة نجاحها. فقد نجحت الميمونة إلى حدّ كبير في أن تكون إسرائيلية، بحيث خسرت مغربيتها وأضحت عيدًا وطنيًّا". لا يرحّب الجميع بتأميم الميمونة.
فقد نشر البروفسور يوسي يونة، المحاضر والباحث في جامعة بن غوريون في النقب ومعهد فان لير في القدس، مقالة نقديّة لاذعة عام 2007 في الموقع الإخباري لصحيفة يديعوت أحرونوت "ynet"، بعنوان "أغنية المُفلطة".
في تلك المقالة، يُطرَح الادّعاء أنّ العيد ليس غير داعم لشرعيّة التقاليد المغربية في الحضارة الإسرائيلية وللصورة الإيجابية للقادمين من المغرب فحسب، بل هو مُضرّ بالأمرَين.
"إنّ تحوّل الميمونة إلى عيد وطنيّ يدلّ، كما يقول البعض، على أنّ الرحلة الطويلة المليئة بالمعاناة للقادمين من المغرب نحو الاندماج كاملًا في المجتمَع الإسرائيلي والاستيطان في لُبّ الإجماع الحضاري، قد وصلت إلى نهايتها السعيدة.