قلعة مكونة... بلدة مغربية صالحت الورد بذاكرة سجن رهيب


زنقة 20 . وكالات

وفية لتقليد احتفالي منذ بداية الستينيات من القرن الماضي، تحتضن "قلعة مكونة"، البلدة الأمازيغية الصغيرة التي تقع في الجنوب الشرقي للمغرب، مهرجانها السنوي للورود، الذي يكتسب صيتاً عالمياً متنامياً بوصفه تعبيراً عن تراث لامادي عريق، يتصل بطقوس وأجواء موسم قطف الزهور التي تعطر فضاءات ذلك الموقع النائي.

يتذكر المغاربة حديثاً تلفزيونياً للملك الراحل الحسن الثاني أجرته معه المذيعة التلفزيونية الفرنسية الشهيرة ان سنكلير (زوجة السياسي الفرنسي الذي أسقطته فضيحة جنسية من رئاسة صندوق النقد الدولي)، حينها أجاب الملك عن سؤال حول وجود مركز اعتقال سياسي بالبلدة قائلاً إن "قلعة مكونة" لا تعرف الا بأنها مدينة للورود، واليوم يدرك الجميع أن المدينة احتضنت منذ السبعينيات مركزا للاحتجاز، اعتبر من أقسى المعتقلات إبان ما يسمى بـ "سنوات الرصاص".

تنظر هذه البلدة الصغيرة إلى مستقبلها، إذ عرفت بداية بكونها مركزاً لثكنة عسكرية أنشأها الاحتلال الفرنسي في مساره للسيطرة على مناطق الأطلس المغربي، والآن تراهن على تطور مهرجانها لتعزيز وجهتها السياحية الثقافية، عبر العمل على إدراج المهرجان في قائمة التراث المشترك للإنسانية، لدى منظمة اليونيسكو. وفي نفس الوقت، تعهدت الدولة في إطار مسلسل المصالحة وتصفية ماضي انتهاكات حقوق الانسان بتحويل المعتقل الى مكان للذاكرة، تكريماً للضحايا، ومصالحة مع الماضي.

زراعة الورد تعد النشاط الاقتصادي الرئيس لساكني المنطقة التي لا يكاد يخلو بيت فيها من قطعة أرض صغيرة تنمو فيها تلك الزهرة التي تحمل اسم "الوردة الدمشقية"، التي يستقطر منها ماء الورد، ويعلب في قنانٍ تصدر إلى المناطق الداخلية للمملكة وبعضها إلى الخارج.

ويعد مايو/أيار شهر القطاف، إذ تفتح البلدة بابها لاستقبال ضيوف يناهز عددهم، 100 ألف زائر، على مدى الأيام الأربعة للمهرجان، يساهمون في استدامة تقاليد وطقوس قديمة ترافق الموسم الفلاحي وفي تأمين موارد هامة بالنسبة للسكان، علماً أن الدولة المغربية تراهن في السنوات الأخيرة على النهوض بالزراعات العطرية والطبية بالنظر إلى غنى البلاد بهذا النوع من النباتات.

ومنذ عام 1962، انخرطت "قلعة مكونة" في تقليد محلي لاختيار ملكة جمال الورود، وذلك من وحي العلاقة بين الورد وصيانة جمال المرأة. إذ تتقدم فتيات يشترط انحدارهن من المنطقة ذاتها للترشح للفوز بلقب الملكة، وتختار من تضافر فيها الجمال الخارجي مع الفطنة والمعرفة بتاريخ المنطقة وتقاليدها.

حفلات موسيقية، ندوات حول التنمية المحلية، كرنفالات ومعارض للمنتجات التقليدية وغيرها من الأنشطة التي تصنع شيئاً من الصخب في الهدوء المعتاد لـ "قلعة مكونة"، لكن الفعاليات المحلية في المجتمع المدني تنتظر أكثر من ذلك، مطالبة بالتركيز على الرفع من جودة التصنيع والتسويق الداخلي والخارجي لمنتجات البلدة من الورود، من أجل إدماج المنطقة في مسلسل خلق الثروة، والاستفادة المثلى من طيب وردها.

يذكر أن المغرب يزخر بمواسم ومهرجانات عديدة تجسد تنوع مناطقه ومنتجاته الفلاحية التي تعد أهم قطاع اقتصادي في البلاد. فمن مهرجان للكرز، اعتمدته اليونيسكو تراثاً عالمياً، إلى موسم للتفاح وآخر للتمور وغيرها من الاحتفالات التي يجتمع فيها البعد الاقتصادي مع العمق الثقافي والتراثي.









0 تعليق ل قلعة مكونة... بلدة مغربية صالحت الورد بذاكرة سجن رهيب

أضف تعليق


البحث في الأرشيف

البحث بالتاريخ
البحث بالصنيفات
البحث في الموقع

البوم : صور