نُجُوم بُورْكُونْ. الصهاينة يضحكون قائلين "عمارات غزة نسقطها بالصواريخ وعماراتكم تسقطها الريح"
زنقة 20
بـقـلـم: خـالـد أشـيـبـان
لا تنسوا ضحايا بوركون
يبدو أن المغاربة نسوا، ككل مرة، ما وقع مؤخرا في حي بوركون في الدارالبيضاء، حينما تهاوت ثلاث عمارات و دفنت تحتها العشرات من المواطنات والمواطنين المغاربة. ويبدو أن المسؤولين كسبوا، مجددا، رهانهم وتجاوزوا المحنة دون أن تُقطف رؤوسٌ أو يُحاسب أحدٌ منهم. ويبدوا أنهم قد وجدوا كبش فداء يقدمونه قربانا لإسكات الناس، لأنهم على ما يبدو قد أدمنوا استغباء الناس.
ما حصل في بوركون يبين لك كم هو غالٍ المواطن في هذا البلد، ويعطيك صورة عن القيمة الحقيقية للإنسان في هذا البلد. ما حصل في بوركون يجعل أي شعب في أي بلد ينتفض، ويجعل أي مسؤول في أي بلد يستقيل، ويجعل أي قضاء في أي بلد يتحرك، ويجعل أي حداد في أي بلد يعلن، ويجعل أي مذنب في أي بلد يسجن. إلا في المغرب، فلا شيء من ذلك تحقق.
بقي الناس عالقين تحت الأنقاض لأكثر من يومين، وبقي المسؤولون يتفرجون ويسرون في أنفسهم "كم حاجة قضيناها بتركها"، حتى مات الجميع فتنفسوا الصعداء، ليكتبوا تقاريرهم ويرفعوها إلى رؤسائهم معلنين نهاية المأساة. كتبوا في تقاريرهم بأن الضحايا العالقين ماتوا، في حين أنهم قتلوا بسبب انعدام الكفاءة والاستهتار. ماتوا لأن المسؤولين ظلوا يتفرجون عليهم طيلة ثلاثة أيام، فكيف سينقذ هؤلاء المواطنين إذا ما ضرب زلزال مدينة الدار البيضاء لا قدر الله.
مات 27 ضحية في بوركون ولم نسمع لرئيس الحكومة حساً، ثم خرج وزير الإسكان ليعلن عدم مسؤوليته ولم يكلف نفسه زيارة المكان. حضر الملك إلى عين المكان قبل الجميع، أعطى أوامره وطمأنوه، وفي الأخير خذلوه وأحرجوه. غاب وزير العدل رئيس النيابة العامة وغاب وزير الصحة طيلة الثلاثة أيام. تجندوا لاستقبال الملك بعين المكان أكثر مما تجندوا لإنقاذ الضحايا، وليتك يا جلالة الملك بقيت بعين المكان ثلاثة أيام.
ثم خرج علينا داعية غبي يستهزىء من الضحايا، ويزايد بمأساتهم. لم نسمع، بعد ذلك، أن العمدة استقال، ولم نسمع أن رئيسة المقاطعة تنحت، ولم نسمع أن الوزير غادر، ولم نسمع أن الوالي والعامل قد عُزِلا من منصبهما أو أن الداعية تم اعتقاله. سمعنا بأن عاملا للبناء هو السبب، وكأننا نعيش في غابة كل واحد يفعل فيها ما يشاء ولك الله يا مواطن.
ثم رأيناهم جميعاً اليوم في الشارع يتضامنون مع غزة، يرفعون الشعارات ويتوعدون إسرائيل وكأنهم وجدوا في العدوان الصهيوني فرصة ليعودوا للأضواء والكاميرات. والصهاينة يضحكون قائلين "عمارات غزة نسقطها بالصواريخ وعماراتكم تسقطها الريح".
لك الله يا فلسطين ولك الله يا وطني.