في ظل صمت الدولة.. فتوى بقتل الناشط الأمازيغي عصيد تعيد شبح الإرهاب إلى المغرب
زنقة 20 . وكالات
هاجم الشيخ عبد الحميد أبو النعيم الناشط الحقوقي والأمازيغي أحمد عصيد داعيا إلى قتله، ما أعاد شبح الإرهاب إلى واجهة النقاش بالمغرب، لاسيما وأن هذه الدعوات تقابل بنوع من "التساهل" من قبل أجهزة الدولة.
دعا السلفي عبد الحميد أبو النعيم، الذي سبق أن كفر شخصيات مغربية، إلى قتل المفكروالناشط الحقوقي والأمازيغي أحمد عصيد بناء على واقعة تعود إلى أكثر من سنة.
واعتبر أبو نعيم في فيديو، تم تداوله على نطاق واسع، أن عصيد "سب النبي"، ولذلك فهو يدعو إلى قتله... واصفا إياها بأقدح الأوصاف، وتابع أنه "لا توبة له صيانة لجناب النبوة" على حد تعبيره.
ووصف هذا السلفي كل من يدافعون عن عصيد بـ"المنافقين"، ودعاهم أن "يتوبوا إلى الله ويقفوا في صف النبوة والرسالة وتعظيم كتب الله"، بحسب تبرير توصيفه لمن يعلنون تضامنهم مع عصيد.
وأعرب عصيد، في تصريح له، عن استغرابه من توقيت هذا الهجوم عليه، موضحا أنه في "سياق جديد للتهديد الإرهابي للبلد كله تبرز هذه الأصوات من جديد لتبرر الأحداث الإجرامية التي من الممكن أن تقع. وهذا مكمن الخطورة في هذا الوضع".
ودعا عصيد إلى "تكتل وطني ضد الإرهاب"، مشددا على أن "هذا المشكل لا يمكن شخصنته لأنه لا يتعلق بشخص واحد"، مؤكدا أنّ المشكل خطير لأنه أصبح إرهابا معولما بشبكة تمويل هائلة".
وطالب بـ"يقظة وطنية ضد التكفير والمواقف الإجرامية التي تدعو إلى هدر الدم أو تفجيرات أو غير ذلك"، كما لفت إلى أن "السلطة تتحمل قسط من المسؤولية عندما يصبح شخصا متخصصا في الدعوة إلى القتل وهدر الدم".
وكان الداعية عبد الباري الزمزمي، رئيس الجمعية المغربية للبحوث في فقه النوازل، هاجم أبو النعيم عندما كفّر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، إدريس لشكر، واصفا إياه بـ"الجاهل". وقال في تصريح للصحافة المغربية "هذا تسرع في الدين وفيه جهل بحقيقة الشريعة الإسلامية"
"عصيد يرفض الاستبداد باسم الدين"
اعتبر يونس دافقير، رئيس تحرير ومسؤول القسم السياسي في يومية "الأحداث المغربية" أن الدعوة إلى قتل عصيد "تدخل في سياق سلسلة من ردود الفعل الإيديولوجية العنيفة تجاه مواقفه التي تنتصر للعقل وللديمقراطية والحداثة، وترفض الاستبداد باسم الدين والتخلف باسم الشريعة".
وأوضح دافقير، في تصريح لفرانس 24، أن المغرب "سيعيش حالات كثيرة من هذا القبيل، الأمر يتعلق بمناخ إيديولوجي وسياسي يساعد على انتشار هذا النوع من خطاب التكفير، فالأمر لا يتعلق بحالات شخصية معزولة، بقدر ما أنه تعبير عن ظرفية وسياق: استقواء التيار الأصولي بوضعيته الجديدة بعد الربيع العربي من جهة، واضطرار السلطات القانونية إلى تدبير سياسي لهذه الأوضاع بدل تكييفها قانونيا وقضائيا".
"المواطن المغربي بعيد عن التشدد والقتل"
يرى إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية وحقوق الإنسان، أن "هذه الدعوات للقتل هي بمثابة إنذار علني باستقواء التطرف والتكفير في المغرب، وتهديد مباشر للديمقراطية وحقوق الإنسان ومحاولة لإرهاب الأصوات المنادية بالحداثة وحقوق الإنسان وتمهيد لظهور حركات أكثر تطرفا في المغرب، خصوصا لتزامنها مع دعوات متطرفة باستهداف المغرب".
وتساءل السدراوي حول السر وراء عدم متابعة الداعين إلى القتل والتكفير، وقال: "على الدولة أن تكف عن التلاعب بمهاجمة الحداثيين والحقوقيين عبر غض النظر عن استهداف المتطرفين لهم وتوفير منابر في المساجد والزوايا لهم، إن الظهور القوي لـ"داعش" بالعراق وسوريا أخرج دعاة القتل والتكفير بالمغرب من جحورهم، لكن حساباتهم ستكون مغلوطة لأن المواطن المغربي بعيد عن التشدد والتطرف والقتل".
وأكد السدراوي، في تصريح لفرانس 24، أن "الجمعيات الحقوقية بالمغرب كانت ولازالت تدعو وتعمل من أجل مجتمع ديمقراطي حداثي ينعم فيه الجميع بالكرامة والعدالة والمساواة، وهذا هو أساس استهدافنا من طرف قوى التطرف والظلامية، إننا كقوة اقتراحية يجب أن نعمل على دفع الدولة المغربية على تنزيل قوانين تجرم العنصرية والتكفير والتمييز، مع استمرار عملنا اليومي إلى جانب المواطنين وتحسيسهم بخطر التطرف والتشدد والتكفير".
وتابع قائلا: "إننا ماضون في طريقنا مهما تعددت الإكراهات والتضييقات، لن يثنينا قمع وتضييق السلطات، أو الحملات المسعورة لمتشددين جهلة، يرفضون الحداثة والمساواة، ويخالفون حتى تعاليم الديانة الإسلامية ويبثون الكراهية والقتل ضد كافة المخالفين، ويستقوون بحركات متطرفة عالمية".