قضية الناشطة وفاء شرف.. هل الحقوقيون المغاربة أصبحوا مستهدفين؟
زنقة 20 . وكالات
انفجرت قضية وفاء شرف، الناشطة الحقوقية في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، منذ مدة، وازدادت حدتها عندما وجهت لها، قبل أسابيع، تهمة "الوشاية الكاذبة" من قبل النيابة العامة في مدينة طنجة بشمال البلاد. ومن المرجح أن تشهد القضية فصولا جديدة بعد أن أدينت هذه الناشطة الثلاثاء في جلسة محاكمة ماراتونية، دامت عدة ساعات، وانتهت بالحكم عليها بالسجن عاما مع النفاذ.
كانت الناشطة الحقوقية وفاء شرف قد صرحت أنها تعرضت للاختطاف والتعذيب من قبل مجهولين، في طنجة بشمال المغرب، مباشرة بعد عودتها من وقفة احتجاجية إلى جانب بعض العمال، إلا أن القضية أخذت مسارا آخرا عندما واجهت تهمة اصطناع واقعة ليست حقيقية، وتمت ملاحقتها قضائيا برفقة ناشط آخر أفرج عنه خلال النطق بالحكم.
حكم من هذا النوع سيعرض الرباط لا محالة للمزيد من الانتقادات الحقوقية في الداخل والخارج، خاصة أن هناك أنباء عن وجود ناشطين في السجون، كما أنه لم يجف المداد بعد بشأن قضية مقتل ناشط سياسي في مدينة الحسيمة شمال شرق المغرب، إلا أن الحكومة المغربية تعتبر أن البلد شهد تقدما في مجال حقوق الإنسان والحريات، ويواجه بشدة هذه الانتقادات.
وأكد وزير العدل والحريات مصطفي الرميد في مناسبات عديدة عزم الرباط للرقي بوضع الإنسان في المغرب، وشدد الرميد في تصريح سابق على "أن الدولة المغربية جادة في محاربة التعذيب، الذي قد ينتج عن تصرفات بعض القائمين على إنفاذ القانون أثناء مباشرة مهامهم الأمنية، من خلال آليات وضمانات".
قضية وفاء شرف تأخذ أبعادا دولية
اعتقلت الشرطة المغربية الاثنين في مدينة طنجة ناشطة حقوقية فرنسية، قبل أن تطلق سراحها، حضرت، بحسب مواقع مغربية، خصيصا للمشاركة في وقفة تضامنية مع الناشطة وفاء شرف، في الوقت الذي كانت تجرى فيه أطوار محاكمتها.
وكانت الشبكة العربية لحقوق الإنسان اعتبرت في بيان أن "قيام الجهات الأمنية بملاحقة الناشطين والحقوقيين بدلا من حمايتهم يعد تصاعدا في التضييق على الحركة الحقوقية في المغرب، وانتهاكا لحقهم كمواطنين وحقوقيين في التعبير عن رأيهم".
وطالبت الشبكة بالإفراج الفوري عن الناشطة وفاء شرف ومعتقلي حرية التعبير والرأي، داعية إلى "التوقف عن ملاحقة النشطاء والسياسيين والحقوقيين، والعمل بدلاً من ذلك على حمايتهم وتوفير الظروف الملائمة التي تضمن لهم حرية الرأي والتعبير كما تكفلها المواثيق والمعاهدات الدولية".
لحرش: "نند بهذا الحكم"
عبرت عضو مكتب فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان صوفيا لحرش، في تصريح لفرانس 24، عن "تنديدها" بهذا الحكم، معتبرة أنه جاء في سياق "محاولات تخويف وترهيب" الناشطين الحقوقيين "حتى لا يقدمون شكى ضد أعمال التعذيب التي يتعرضون لها".
ولفتت لحرش إلى ما ترى فيه ثغرات قانونية في ملف قضية وفاء شرف، توقف عنده دفاعها أثناء المحاكمة، تتعلق بتسجيلات وردت في محاضر الشرطة اعتمدها القضاء إلا أن هذه التسجيلات لم يتم إحضارها خلال جلسات المحاكمة، تفيد لحرش.
واعتبرت الرئيس السابقة لفرع الجمعية المغربية في العاصمة الفرنسية أن "هناك حملة ضد الجمعية بعد تراجع احتجاجات حركة "20 فبراير"، موضحة أن "الدولة شنت على هذه المنظمة هجمة ممنهجة"، استهدفت ناشطيها وأنشطتها.
وحملت لحرش "الحكومة ومكوناتها الحزبية ومعها المعارضة السياسية مسؤولية ما تتعرض له الجمعية"، مشيرة إلى أن المعارضة لم تبد أي موقف تجاه قضية وفاء شرف.
رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان ترفض التعليق على الحكم
في تصريح خاص لفرانس 24، قالت سلمى الطود، رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بطنجة، وهي مؤسسة رسمية تابعة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، إنها "ليس لها أي تعليق على قرار المحكمة"، مشيرة إلى أن قضية شرف "حملت عددا من التناقضات"، وأكدت في الوقت نفسه، تبعا لاطلاعها على الملف، أنه "لم يكن هناك اختطاف" لهذه الناشطة.
وأضافت أن وفاء شرف لم يكن اسمها معروفا كناشطة حقوقية، ولم تتعرف عليه إلا عند اندلاع هذه القضية، كما أفادت أن اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بطنجة لم تنجز بعد التقرير النهائي حول القضية، الذي سيرفع إلى المجلس الوطني في الرباط.
المرابط: "المغرب عرف قفزة حقوقية"
حول الاتهامات التي توجه إلى المغرب على أنه شهد تراجعا حقوقيا، أجاب القيادي في "العدالة والتنمية" الحزب الرئيس في الائتلاف الحكومي، عمر المرابط، أن البلد "عرف قفزة نوعية في مجال حقوق الإنسان بإحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان وعدد من المكاتب له عبر الجهات، ووزارة العدل اليوم أصبحت وزارة العدل والحريات".
وأكد المرابط في حديث لفرانس 24، أن "الحكومة لا تتدخل في القضاء وهو يتمتع باستقلالية خاصة"، ونفى أن تحصل أعمال تعذيب اليوم في المغرب، إلا أنه لم يستبعد "وقوع تجاوزات كما في باقي الدول الغربية"، كما أشار إلى أن "منتدى الكرامة" المقرب من "العدالة والتنمية" يقوم بعمل التتبع والمراقبة في المجال الحقوقي.
وإن كانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مستهدفة من قبل الدولة، رد المرابط قائلا، "الجمعيات الحقوقية يجب أن تقوم بدورها ومن المفروض أن تكون فاعلة في المجتمع المدني"، متهما بعض الجمعيات دون أن يسميها بكونها "تعمل وفق أجندة وتتلقى التمويل من الخارج".
وإذا ما كان بالأمر المقبول الزج بحقوقيين اليوم في السجون المغربية، قال القيادي في الحزب الإسلامي الحاكم إنه "لا يجب أن يمس بحرية أي حقوقي، يجب أن يحترم الجميع، والقانون فوق الجميع دون استثناء".