ضيعة "تاورطة" بالداخلة... نمُوذج للمقاولة الفلاحية المُواطنة
زنقة 20
ارتبط فضاء الصحراء في مخيلة الإنسان، منذ قدم العصور، بالرمال الذهبية والشمس الحارقة والأراضي القاحلة، مما ينجم عنه ندرة في المياه والمجالات الخضراء، وانعدام مقومات العيش الرغيد.
لكن الزائر لمدينة الداخلة، لؤلؤة الأقاليم الجنوبية للمغرب، يفاجأ عند اقترابه منها بمجالات فسيحة مخصصة للفلاحة المغطاة، وذلك بالقرب من منطقة "تاورطة" (على بعد حوالي 7 كلم عن الداخلة)، ذات المناخ الصحراوي الحار.
"شركة الإنتاج الفلاحي تاورطة"، مُقاولة فلاحية مُواطنة بمدينة الداخلة، بادرت بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إلى تقريب حُجرات الدراسة إلى مقر عمل العاملات بالضيعة الفلاحية، وذلك من خلال تخصيص قسم تعليمي يحتضن أزيد من امرأة 200 يستفدن من محوِ للأمية الأبجدية والمعلوماتية.
عائشة ماء العينين، وهي عاملة بضيعة "تاورطة" الفلاحية، ومُستفيدة من دروس محو الأمية، أعربت عن فرحها بتعلمها الكتابة والقراءة داخل مقر عملها، وذلك من خلال توفير إدارة المقاولة الفلاحية كل الوسائل التعليمية لعمالها ومساعدتهم على الإنفتاح على العالم الخارجي والخروج من قوقعة العزلة والإنغلاق.
الدروس المُقدمة لأزيد من 200 إمرأة عاملة بضيعة "تاورطة" الفلاحية، تُزاوج بين محو الأمية الأبجدية والمعلوماتية ومكنت المستفيدات من آليات حديثة للتواصل.
تقول حفيظة آيت الطالب، وهي مُستفيدة من دروس محو الأمية المعلوماتية، أصبحَنا نشعر بقيمتنا كإنسان داخل هذه الضيعة الفلاحية ومواطنين نتمتع بكل حقوقنا وليس فقط عاملات، كما تضيف حفيظة قائلة، أضحى بإمكاننا التواصل معَ العالم الخارجي من خلال الوسائل التكنولوجية الحديثة، وهذا بطبيعة الحال تقول ذات العاملة، من خلال المساعدات التي تقدمها لنا إدارة الضيعة الفلاحية لنتمتع بكل حقوقنا كعاملات وعمال.
من جهته، قالَ اسماعيل الكاف، رئيس جمعية آفاق تاورطة، الساهرة على تكوين وتأطير العاملات بضيعة "تاورطة" الفلاحية"، إستطعنا مساعدة العاملات على إكتشاف عالم التكنولوجيا ومساعدتهنٌ على البحث في الشبكة العنكبوتية والتواصل معَ عائلاتهن من خلال برامج ومواقع التواصل الإجتماعي، وتعلمهنٌ الكتابة والقراءة، وهذا يقول اسماعيل، يأتي في إطار تنفيذ مخطط مُسطر يهدف إلى لتأهيل وتكوين العاملات بضيعة "تاورطة" الفلاحية بالداخلة، سواءً في الحقل التعليمي، الثقافي، الرياضي والفني.
وتُعتبر شركة "تاورطة للإنتاج الفلاحي"، وهي مجموعة من خمس ضيعات فلاحية تضم بيوتا مغطاة مخصصة لإنتاج الطماطم، بمختلف أنواعها، توجه نسبة منها تتراوح بين 80 و 90 في المئة نحو التصدير إلى كل من أوروبا والولايات المتحدة وكندا وروسيا..، فيما يوزع الباقي على الأسواق التجارية الكبرى بالمغرب، (تعتبر)، من أكبر المُقاولات الفلاحية المُواطنة القليلة بمدينة الداخلة، التي تسعى إلى التزويج بين العمل الفلاحي وتكوين عمالها وعملاتها، وصقل مواهبهم في شتى المجالات.